عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Apr-2020

عائلات تتحدى “كورونا” وتعيش تفاصيل رمضان رغم اشتياقها لطقوسه

 

مجد جابر
 
عمان- الغد- مع مرور اليوم الأول من شهر رمضان، لمست عائلات تغيرا واضحا في طقوس اعتادت عليها في سنوات سابقة. لم يمر ذلك اليوم إلا والصغار والكبار افتقدوا عادات كثيرة اعتادوا عليها سابقا، والآن يستذكرونها على أمل أن ينتهي هذا الوباء ويعود كل شيء لسابق عهده.
ومع انتشار فيروس كورونا الذي اجتاح العالم، كان الأجدر أن يتم اتخاذ تدابير وإجراءات واحترازات وإن كانت صارمة، لكنها جاءت من أجل حماية العائلات، ومنعا لانتشار الفيروس، والسيطرة عليه في أسرع وقت ممكن.
وبالرغم من الحزن الذي خيم على الكثيرين، والابتعاد عن التجمعات العائلية التي تضفي نكهة الفرح على أجواء شهر رمضان، إلا أن ذلك لم يمنع الاحتفال بطقوس الشهر الكريم، كل بطريقته؛ إذ تزينت البيوت بالأهلة والنجوم، والإضاءات على الشرفات والنوافذ، واجتمع أفراد الأسر بالبيوت لأداء صلاة التراويح.
أبو محمود يدرك أنه لن يستطيع أن يجتمع بأبنائه المتزوجين على مائدة الإفطار أغلب أيام شهر رمضان، بسبب الإجراءات، وذلك لبعد أماكن سكنهم، لكنه بث الأمل في نفوسهم جميعا، وأن تلك الأيام سيتم تعويضها بعد انتهاء الوباء، والمهم أن يبقى الجميع بخير، وأن ما يحصل رغم صعوبته إلا أنه في مصلحة الجميع. وأضاف أنه في اليوم الأول وعلى وقت الإفطار اتصل وزوجته بأبنائهما، بتقنية الفيديو، وشعروا وكأنهم معا، ولمسوا الفرح بتلك اللحظات.
“رمضان حزين.. ليس كأي رمضان هذا العام”، بهذه الجملة عبرت السبعينية فاطمة عن شعورها بحلول الشهر الكريم، وسط أجواء الحظر والتباعد الاجتماعي الذي فرضه “كورونا” منذ انتشاره في شتى أنحاء العالم.
الحاجة فاطمة تشعر بـ”غصة” هذا العام، فهذه المرة الأولى التي يأتي شهر رمضان من دون أن تشعر بطقوسه وأجوائه، مبينةً أن أكثر ما يضايقها هو عدم إقامة صلاة التراويح، بالرغم من أنها لم تعتد الذهاب الى المسجد، إلا أنها تفتقد لأصوات التكبيرات، ورؤية تجمع الأبناء والأحفاد والجيران يتجهون لأداء صلاة التراويح معا، بالرغم من تقديرها لكل الجهود والإجراءات التي ترمي لمنع انتشار فيروس كورونا وحماية كل مواطن على أرض الأردن.
لكنها تستذكر صلاة التراويح التي لها أجواؤها الخاصة في عائلتها، ولدى كل عائلة أردنية؛ حيث يخرج أبناؤها لأداء الصلوات، بينما تقوم هي بإعداد القطايف، وعند عودتهم تزين المائدة بهذه الحلويات الساخنة، وبعد تناولها يبدأ كل منهم بإبداء إعجابه بمذاقها الشهي، بحسب وصفها.
وتضيف، أنه هذا العام حتى أبناؤها لن يتمكنوا من القدوم لتناول وجبة الإفطار معها، مبينة أن رمضان أساسه اللمة والتجمعات على مائدة واحدة، متسائلة كيف سيقضيه كل شخص في منزله على حدة؟
وترفع الحاجة فاطمة يديها الى الله داعية أن تزال هذه الغمة عن الأمة العربية والعالم كافة، وأن تعود الدنيا لسابق عهدها، وأن يحفظ الله الإنسانية جمعاء من كل مكروه.
وكذلك حال أم أحمد التي اعتادت على إقامة إفطار أول يوم من الشهر الكريم في بيت أهل زوجها، لكن نظرا للظروف السائدة بسبب الوباء، وحفاظا على سلامة الجميع، مبينة “قرر جميع أفراد العائلة عدم إقامة التجمعات والعزائم هذا العام”.
وتضيف أم أحمد “يأتي رمضان هذا العام بظلال حزينة، وغير معتادة، لكن مع ذلك قمت مع أبنائي بتزيين المنزل من الخارج استقبالا للشهر الفضيل، وكذلك قمنا بتحضير التجهيزات والمواد التموينية الخاصة بالشهر الكريم”.
وتتابع “سنحرص على المحافظة على روحانية الشهر الفضيل، بإقامة صلاة التراويح في المنزل”، وتأمل أم أحمد في نهاية حديثها “بأن تزول هذه الشدة عن الجميع قريبا، ونعود الى حياتنا الطبيعية، وللتواصل الاجتماعي الذي كان يغلف شهر رمضان من قبل”.
غبر أن الثلاثيني إياد أبوغوش، يقول “بالنسبة لي، رمضان يبقى كما عهدناه، وإن اختلفت الظروف والسلوكيات الاجتماعية نتيجة تبعات وباء كورونا”.
ويشير الى أن المعنى الحقيقي للشهر الفضيل، كما يراه، مرتبط بالإحساس بالفقراء ومعاناتهم، وهذا الإحساس يجب أن يكون مضاعفا هذا العام، لما نتج عن الأزمة من فقدان بعض الناس لمصدر رزقهم ودخلهم، مبيناً أنه لابد وفي ظل هذه الظروف استغلال واستلهام المعنى الحقيقي من رمضان، وهو التضامن والتكافل مع المحتاجين؛ حيث تكمن هنا روحانية الشهر الفضيل، فهذه الأمور تعد عبادة كذلك، ويمكن القيام بها في هذا الشهر.
ويضيف أبو غوش “أما بالنسبة لصلاة التراويح، فبالتأكيد أن إقامتها بالمسجد، وما يتبعها من تواصل اجتماعي مع أهالي الحي، تضفي رونقاً وأجواء خاصة في الشهر الفضيل، وسنفتقدها هذا العام نظرا للظروف الراهنة، وعليه سنقيمها في منازلنا”.
ويأتي رمضان لهذا العام مختلفا تماماً على الأردنيين عن باقي الأعوام الماضية، فالبيوت والشوارع المزينة والطرقات المزدحمة، ووقوف الناس في الطابور لشراء القطايف، والولائم والعزائم وموائد الرحمان، وخروج الناس الى صلاة التراويح، كلها طقوس كانت تشعر الناس بروحانية الشهر الفضيل.
أزمة كورونا جاءت هذا العام لتغير كل هذه السلوكيات، وتحد منها من أجل صحة الأفراد وسلامتهم، وهو ما جعل الناس يفتقدون تلك الشعائر والطقوس، ولكن في الوقت ذاته يعون ويدركون بأنها تصب في مصلحتهم، وستنتهي يوما ما، لذلك لم يتمكن “كورونا” بالوقت ذاته، من منع كثير من العائلات من تزيين البيوت وتحدي الحزن بالفرح، وإن كان ذلك في إطار ضيق.
وكان قد صرح وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الدكتور محمد الخلايلة، في مؤتمر صحفي، أنه يشعر مع الأردنيين، إلا أن كل شخص يمكن أن يقوم بأداء العبادات كاملة في البيوت، نظراً لما قد تسببه التجمعات في المساجد من انتشار للوباء، مبينا أن ذلك كله من أجل سلامة المواطنين وحفاظا على صحتهم. وأوضح خلال المؤتمر أن الذي نعيشه هو ظرف استثنائي، وسينتهي، وتعود الأمور الى طبيعتها، لافتا الى أن ذلك واجب كل مسلم ومسلمة تجاه بلده وعائلته ونفسه.
وفي ذلك، يذهب الاختصاصي الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي، إلى أن المنطق الأساسي الذي يجب أن نركز عليه هو أن الجميع يستطيع القيام وممارسة كل الشعائر والسلوكيات التي كانت تمارس في السابق، لكن بشكل مبسط داخل الأسرة الواحدة، مبينا أن عدم الالتقاء بالآخرين لا يجب أن يقلل من قيمة وأهمية هذه المناسبة.
ويشير الخزاعي إلى أن الظروف هي التي أجبرتنا على ذلك، وهي استثنائية من أجل سلامة المواطنين وصحتهم، مبينا أن العائلات يجب أن تستقبل رمضان بكل فرح وسعادة وتزين المنازل، وتقوم بالشعائر كافة على المستوى الضيق داخل العائلة الواحدة مع الحذر لتجاوز هذه المرحلة.
ويضيف الخزاعي “أن ما يقوم به الجميع من إجراءات احترازية يأتي من أجل العودة بعد مدة الى حياتنا وطقوسنا التي اعتدنا عليها سابقا”.