عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    05-Sep-2024

موقف الأردن الصلب سيجهض سيناريوهات الاحتلال لتهجير سكان الضفة

 الغد-زايد الدخيل

 فرض التصعيد العسكري الأخير لقوات الاحتلال الصهيوني في مدن الضفة الغربية على عمّان، تحركات متسارعة، لإجهاض مخططات الاحتلال، في ظل تقارير تفيد بأنه يستغل حربه على قطاع غزة، لمصادرة مزيد من الأراضي في غور الأردن.
 
 
ويرى مراقبون أن الأردن تنبه منذ بدء الحرب العدوانية على القطاع في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، لمخططات حكومة اليمين المحتل الرامية لتهجير فلسطينيي القطاع، لذا تحرك سريعا لإجهاضها، إذ صرح لأكثر من مرة، بأن سيناريو التهجير سيكون بمنزلة "إعلان حرب" على المملكة.
 
وأكدوا أنه من الصعوبة، تنفيذ أي سيناريو لتهجير كلي للفلسطينيين من الضفة إلى الأردن، لأن ذلك قد لا تؤيده الولايات المتحدة، وسيقف الأردن في وجهه بحزم، لذا فطموح الاحتلال ويمينه بالتهجير صعب التنفيذ، لأن الأردن يمتاز بنظام قوي، يقف بثبات في وجه أي تهجير، حتى لو استلزم الأمر الدخول في مواجهة مسلحة.
وأكدوا أن الفلسطينيين أنفسهم، يرفضون التهجير، ما يستدعي دعم صمودهم فوق أرضهم لصد مخطط الاحتلال، وهذا سيعزز الأمن الأردني بإفشال المخطط الذي يستهدف الأردن أساسا.
النائب الأسبق د. هايل الودعان الدعجة، بين أن الأردن وإن كان يعقد معاهدة سلام واتفاقيات تجارية واقتصادية مع الكيان، تماهيا مع دبلوماسيته التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني، بوصفها واحدة من أهم أدواته وأوراقه المؤثرة بتعزيز مكانة الأردن وحضوره الدوليين، بما فيه نصرة القضية الفلسطينية، وابقاء زخمها السياسي الدولي، لكن هذا لم يجعله يغفل يوما عن مخططات الاحتلال التوسعية، والتي ظل في صورتها ومستعدا للتعامل معها، بل وسحب سفيره في مستهل تشرين الثاني العام الماضي من تل أبيب، احتجاجا على الحرب الهمجية على غزة
وأضاف الدعجة، "يكفي الإشارة للرسائل التي بعثها جلالة الملك قبل فترة عبر مجلة دير شبيغل الألمانية، إذ عكست الموقف الأردني الحازم من القضية الفلسطينية، حين أكد جلالته أن حلّ الدولتين، السبيل الوحيد الذي سيمكننا من المضي قدما، والا سنشهد مزيدا من الفوضى والتطرف في المنطقة، إذ إنه في حال ضم الاحتلال أجزاء من الضفة، فسيؤدي ذلك لصدام كبير مع الأردن، لذا فإننا ندرس جميع الخيارات.
وقال الدعجة، "بالإضافة لما صرح به وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي مؤخرا، من أن الأردن سيتصدى لتهجير الفلسطينيين من اراضيهم المحتلة او خارجها، بكل الإمكانات المتاحة، وعليه فنحن أمام خيارات أو احتمالات متعددة لمواجهة مخاطر الاحتلال، من حيث استعدادنا لمراجعة معاهدة السلام ووضعها على الطاولة، بعد أن نضع أطرافا دولية مؤثرة كالولايات المتحدة ودول مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها، في صورة هذا الاحتمال، أو إعداد ملفات قانونية للتحرك في المحاكم الدولية لمواجهة اعتداءات الاحتلال في الضفة والقدس، التي تعد خرقا واضحا للقانون الدولي، أو إغلاق حدودنا ومجالنا الجوي او الاتصال والتنسيق مع السلطة الفلسطينية، لإنهاء حالة الانقسام بين الفصائل الفلسطينية، بما يضمن تحقيق المصالحة وتعزيز الوحدة الوطنية وتوحيد المؤسسات والجهود الفلسطينية، لمواجهة عدوان الاحتلال، والإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين".
وشدد على ضرورة تماسك الجبهة الأردنية الداخلية وتحصينها، والحفاظ على وحدة النسيج الوطني، والالتفاف حول القيادة الهاشمية، وتقوية الحكومات والبرلمانات الأردنية.
أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأردنية د. أيمن البراسنة، قال إن الأردن تنبه منذ بدء حرب الاحتلال على القطاع في 7 أكتوبر الماضي لمخططات حكومة اليمين الصهيونية، الرامية لتهجير فلسطينيي القطاع، فتحرك سريعا لإجهاضها، وصرح أكثر من مرة بأن سيناريو التهجير سيكون بمنزلة  "إعلان حرب" على المملكة.
وأضاف البراسنة، أن ما زاد الأمر تعقيدا، انتقال الحملة العسكرية للاحتلال الى مدن شمال الضفة، لتهاجم جنين وطولكرم وطوباس، ووفق وصف المحتل فالهجوم هو الأوسع منذ عملية "السور الواقي" في العام 2002، لذا أعاد الأردن تأكيد موقفه بالتصدي لأي محاولة تهجير للفلسطينيين في أرضه المحتلة أو خارجها.
وبين ان الأردن استشعر مبكرا خطر تصريحات الاحتلال التي عززتها ممارساته العسكرية في غزة ثم في الضفة مؤخرا، لذلك فإن لديه عدة اتجاهات قد يعمل عليها لتجنب خطر التهجير المحتمل، وآثاره وتداعياته الأمنية والسياسية والديمغرافية عليه، في ظل تمتعه بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة، لذلك سيستخدم هذه الورقة للحديث معها حول التهجير، لكشف أن خطر التهجير سيمس القضية الفلسطينية وامن الأردن والمنطقة برمتها، كذلك هناك إمكانية لمراجعة اتفاقية السلام مع الاحتلال للضغط على حكومته لتجنب التهجير، ما يسهم بالضغط على الولايات المتحدة الداعمة للاحتلال في الاراضي المحتلة. كما قد يلجأ لزيادة التصعيد الدبلوماسي والسياسي والتحرك المكثف في المحافل الاقليمية والدولية، لاظهار التداعيات الكارثية للاحتلال في الضفة على معادلة الأمن والاستقرار بالمنطقة، وقد يرسل إشارات أو رسائل بالاستعدادات العسكرية لأي حدث طارئ او محتمل على حدود المملكة.
وأضاف البراسنة، "يمكننا القول إن خطط التهجير مرتبطة بالمشكلة الديموغرافية في فلسطين، وهي أزلية في التفكير الإستراتيجي للاحتلال، إذ تشكل معضلة بالنسبة لأمنه القومي، لذلك يسعى للتخلص منها بالضغط على الأردن ومصر للقبول بالتهجير، وهو ما رفضته مصر والأردن بحزم. ومع ذلك هناك تخوف من ضغط الاحتلال على الفلسطينيين في الضفة لتهجيرهم الى الأردن لتحقيق الوطن البديل للفلسطينيين، والتاكيد على "يهودية الدولة".
وقال "إن تسارع الأحداث في الأيام الأخيرة بالضفة، يؤكد أن تفكير الاحتلال لم يتغير، فوزير الخارجية الصهيوني يسرائيل كاتس دعا لإخلاء الضفة من الفلسطينيين، والتعامل مع التهديد في الضفة كغزة، وتنفيذ إخلاء بحق سكانها، مبينا أن هذه التصريحات تشير إلى مخططات محتملة لتفريغ مخيمات فلسطينية بالضفة، ما يثير قلق الأردن الذي يراقب التطورات عن كثب، لذا فالمتتبع لهذا في الضفة يستشعر خطرا متزايدا لخطط تفكيك مخيماتها ونقل سكانها، إذ إن خطرا ما يجري هناك لا يقتصر على الأمن الداخلي الفلسطيني فقط، بل ستكون له انعكاسات أمنية واجتماعية واقتصادية على الأردن، بحكم العلاقة الجيوسياسية بين الأردن وفلسطين.
وأشار البراسنة، لصعوبة تنفيذ أي سيناريو للاحتلال بالتهجير الكلي للفلسطينيين من الضفة للأردن، لأسباب أبرزها، أن ذلك قد لا تؤيده الولايات المتحدة، وستقف في وجهه الأردن بحزم، لذا فطموح الاحتلال ويمينه بالتهجير صعب التنفيذ، لان الأردن يمتاز بنظام قوي يقف بثبات في وجه أي مخطط للتهجير، حتى لو استلزم الامر الدخول في مواجهة مسلحة. علاوة على ذلك، فالفلسطينيون أنفسهم، يرفضون التهجير، ما يستدعي دعم صمودهم فوق أرضهم لصد مخطط الاحتلال، وهذا سيعزز الأمن الأردني بإفشال المخطط الذي يستهدف الأردن أساسا. 
ويرى البراسنة أنه برغم ما تقدم، ستظل فكرة التهجير قائمة في عقل الاحتلال، وكذلك لن يتخلى عنه، بعد أن حاول تنفيذه في غزة، وخلق أزمة إنسانية وحصارا ومجاعة وأوبئة للضغط على الفلسطينيين للبحث عن بدائل تفضي بالمحصلة للتهجير. وفي حال نجح بغزة فسينسحب على الضفة أيضا، لكنه سيبقى مطروحا على طاولته، برغم ما يواجهه من عقبات كبرى. 
لكن التخوف، وفقه، يتبلور في أن ما يجري بالضفة، هو استغلال المستوطنين لظروف الحرب على غزة، لذا تستمر مشاريع توسيع المستوطنات بقيادة وزير الأمن القومي المتطرف ايتمار بن غفير، ويستحوذ على مئات آلاف الدونمات، ما يضاعف الاستيطان، وقد يترجم ذلك بالتهجير لمناطق (ج) التي تشكل 60 % من الضفة.
وأكد أن الأردن يتمسك برفض أي خطوات للاحتلال لتهجير الفلسطينيين، معتبرا ذلك "خطا أحمر" من شأنه حل القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار، مبينا ان هجوم الاحتلال على الضفة، ليس مجرد حملة عسكرية عادية، بل يأتي في سياق خطة استيطانية توسعية إحلالية، تعززها معتقدات دينية تتجاوز ذرائع الخوف من هجمات المقاومة لتهجير الفلسطينيين بشكل ممنهج.
وأضاف، إن الاحتلال يشير للضفة حتى اليوم باسمها التوراتي "يهودا والسامرة"، ويعتبرها قلب شعبه التاريخي، إذ أقام خلال 56 عامًا أكثر من 100 مستوطنة في أنحائها، وأقام مستوطنوه عشرات البؤر الاستيطانية غير المرخصة التي تتسامح معها حكومتهم، بل أضفت على بعضها الشرعية. ومؤخرًا وافق على أكبر عملية مصادرة لأراض في الضفة منذ أكثر من 3 عقود، وتقدم بخطط لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية، للحيلولة دون إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، لذا فالموقف الذي عبر عنه الأردن متقدم لمنع التهجير الذي قد يؤدي لاتساع دائرة الصراع إقليميا، مع ما يترتب عليه من إضافة مزيد من الأسباب المؤدية لفوضى منفلتة، لا تتمناها جميع الأطراف في المنطقة العربية.
المحلل السياسي د. صدام الحجاحجة، قال إن الأردن سيتصدى لأي محاولة لتهجير الفلسطينيين من أرضهم المحتلة، أو إلى خارجها بكل الإمكانات المتاحة، معتبرا بأن كل ما يدعيه الاحتلال حول أسباب شن عدوانها على الضفة أكاذيب، مؤكدا أن الاحتلال لفلسطين وجرائمه ضد الفلسطينيين وتصعيد الاحتلال في المنطقة، هم الخطر الأكبر على الأمن والسلم.
وتابع، أن الأردن لن يقف صامتا أمام احتمال تهجير فلسطينيي الضفة، اذ توجد لدى المملكة خيارات لمواجهة هذا الاحتمال، أهمها استثمار العلاقات الوثيقة والإستراتيجية المميزة مع الولايات المتحدة والحديث عن مخاطر التهجير وتداعياته على الأردن، فضلا عن طرح إمكانية مراجعة اتفاقية السلام مع إسرائيل، وهو أمر سبق وأن تحدث الأردن عنه مع بداية الحرب على غزة، وزيادة التصعيد الدبلوماسي والسياسي والاشتباك مع المجتمع الدولي في هذا الإطار، وأخيرا الاستعداد عسكريا لأي حدث متوقع على الحدود.
من جهته، قال مصدر مطلع بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين، إن الأردن ينسق مع الدول العربية لاتخاذ الخطوات المتاحة لمواجهة العدوانية الإسرائيلية ولوقف حرب إسرائيل على الفلسطينيين وتهديدها لأمن المنطقة، مؤكدا أن المملكة ستتصدى لأي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني داخل أرضه المحتلة أو إلى خارجها بكل إمكاناتها.