عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Nov-2019

يوم غضب الثلاثاء الماضي ومفاجآت موسم الزيتون - رمزي خوري

 

الدستور - تفاجأ الشعب الفلسطيني الثلاثاء الماضي، وهو يُقيم «يوم الغضب» ضدّ السياسات الأمريكية-الاسرائيلية، بقرار السُلطة إرسال مساعدات لدولة ألبانيا. ألبانيا التي ضربها زلزال بقوة 6.4 قتل 23 انسانا ودمر فندقا تستحق المساعدة بالفعل. وقد تكون الرسالة المرجوة أن «فلسطين دولة بالفعل ولا يمكن أن تقف متفرجة على مصائب الآخرين،» حتى لو أن العالم بأسره يقف متفرجا على مصائب فلسطين بينما تعربد اسرائيل بلا رادع.
من باب النكاية بالأمريكان ولإعطاء الانطباع بأن تجفيف الموارد فشل فشلاً ذريعاً قد تكون الرسالة أن «الوضع الاقتصادي الفلسطيني تحسن بعد أن قامت أمريكا بتجميد مساعداتها للسلطة ومحاولة تجفيف الأنروا لحد الموت» أو بأن «الوفرة أتت بعد اغلاق مكتب المنظمة بواشنطن تعسفياً.»  حسناً، لا داعي لتهويل الأمر فقد أمر الرئيس الفلسطيني بارسال «فرق طبية ومواد إغاثية» غير محددة العدد أو الكم ولم يأمر بتحريك الأساطيل. على الشعب الفلسطيني أن يثَّمِن القيمة الإعلامية للقرار وأن لا يتفاجأ حتى لو كان القرار غريباً. الغرابَة من أهم الصِفات التي تضمن انتشار الخبر.
لم يتفاجأ الشعب الفلسطيني يوم الثلاثاء الماضي باستشهاد الأسير المناضل الشاب سامي أبو دياك الذي شُخِصّ بالعام 2017  بمرض السرطان بالأمعاء كما تم تشخيص الطرف الذي أسَرَه بداء «عدم الإنسانية» بسبب الإهمال الطبي المتعمد. عندما عَلِم سامي بأن أيامه معدودة طلب أن يموت بحُضن والدته ولم يأبه سجانه بطلبه الإنساني فانسانية اسرائيل تقتصر بالأغلب على الجرحى من الدواعش وجبهة النصرة. مع الشعب الفلسطيني الحق أن لا يتفاجأ لأن كل أسير تم تحريره بالماضي كان نتيجة تبادله باسرائيليين تم القبض عليهم أحياءً أم أمواتا من خلال عمليات عسكرية. أما الآن فالتركيز ب»النضال الرسمي» بات منحصراً بالعمليات الإعلامية والديبلوماسية المكثفة التي حصدت نتائج سياسية طيبة على الصعيد الدولي ولكنها لم تحصد أي أسرى إسرائيليين. إنتقال قصفة زيتون «أبو عمار» بيد ومسدسه باليد الأخرى الى قصفتين زيتون بكلتا اليدين وقصفة ثالثة على الرأس أتى على حساب ألوف الأسرى بالسجون الإسرائيلية خاصة وأن لا سلام بالأفق واسرائيل لا تفهم الاّ لغة السلاح.
لم يأت يوم الغضب الفلسطيني الأخير بأي مفاجآت. أعلنت السلطة بأن الشعب سيُعبِّر عن غضبه بمسيرات قصيرة تبتعد عن نقاط التماس وأعلنت قوات الاحتلال بأنها ستتجنب المواجهات فسقط عشرات الجرحى بكافة أنحاء فلسطين. الشعب كالعادة عبَّر عن غضبه بقذف جيش الاحتلال بزُجاجات حارقة أو فارغة أو بالحجارة وقامت عصابات الاحتلال باطلاق الرصاص الحي والمطاطي والقنابل المسيلة للدموع على الشباب الغاضب والصحفيين. لم تتفاجأ السلطة أو الشعب أو الصحافة ولا حتى قوات الاحتلال تفاجأت من مجريات يوم الغضب ونتائجه، فهي حالة متكررة، ويبقى الغضب هو هو بعد «فشة الغُل.»
بموسم الزيت والزيتون هذا، تفاجأ العديد باعلان حزب العمال البريطاني نيته - اذا ربح الانتخابات الشهر المُقبل - عدم بيع اسرائيل أسلحة بسبب مخالفاتها للقانون الدولي فوعد حزب المحافظين بالمقابل بمنع حملات المقاطعة الرسمية. أصبحت القضية الفلسطينية جزءاً من الحملات الانتخابية ببريطانيا وهذا تطور هام ومؤشرعلى نجاح الجهود المبذولة لدبلوماسية فلسطين باستراتيجية قُصَف الزيتون. لا مفاجئة الآن إن تابع الشعب الفلسطيني الانتخابات البريطانية باهتمام أكثر من انتخاباته الموعودة على أرضه. استراتيجية قُصَف الزيتون تُثمِر بالخارج حيث بدأت تتعاطف الشعوب مع اللطيف-الضعيف. أما بأرض الوطن فكلمات سميح القاسم: «منتصب القامة أمشي، مرفوع الهامة أمشي. في كفي قصفة زيتون وعلى كتفي نعشي.. وأنا أمشي.»