عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Nov-2019

أجهزة الأمن المصرية تستهدف موقعا إخباريا نشر تقريراً عن إبعاد محمود السيسي إلى روسيا

 

القاهرة ـ «القدس العربي»: استكملت أجهزة نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس الأحد، حملتها الترهيبية ضد موقع «مدى مصر»، بعد نشره تقريراً حول إبعاد نجل الرئيس محمود السيسي إلى روسيا بإيعاز إماراتي.
فبعد احتجازهم لساعات، أطلقت الأجهزة الأمنية سراح لينا عطا الله رئيسة تحرير الموقع والصحافيين في الموقع رنا ممدوح ومحمد حمامة.
عطا الله وممدوح وحمامة اعتقلوا بعد أن اقتحمت قوات أمن بزي مدني مقر الموقع في القاهرة، واحتجزت فريق الصحافيين بداخله لعدة ساعات، ومنعت المحامين من دخول المقر، وفرضت طوقاً أمنيا في الشارع الموجود فيه المقر، قبل أن تغادر المقر مصطحبة رئيسة التحرير واثنين من الصحافيين إلى قسم شرطة الدقي في محافظة الجيزة.
كذلك اصطحبت قوات الأمن كلا من الصحافيين إيان لوي، أمريكي الجنسية، وإيما سكولدنج، بريطانية الجنسية، اللذين كانا موجودين في مقر الموقع لحظة الاقتحام للاطلاع على جوازات سفرهما.
وكشف صحافيون كانوا موجودين في المقر لحظة الاقتحام، أن قوات الأمن احتجزتهم في غرفة لساعات، قبل أن تجري تحقيقات مع عطا الله حمامة.
 
مشكلات للسيسي الأب
 
جاء ذلك بعد يوم من اعتقال الصحافي في الموقع شادي زلط، الذي احتجز لمدة 24 ساعة، قبل إطلاق سراحه أمس.
وجاءت الحملة التي شنتها أجهزة الأمن بحق العاملين في الموقع، على خلفية نشر تقرير قبل أيام عن الإطاحة بمحمود السيسي ضابط المخابرات العامة، ونجل الرئيس المصري، من العمل في جهاز المخابرات، وإبعاده للعمل في السفارة المصرية في موسكو، بعد أن تسبب نفوذه الزائد في مشكلات كبيرة لوالده هددت مصالح مصرية مهمة، وهو التقرير الذي أثار ضجة وتناولته وكالات أنباء عالمية.
وقبل ساعات من الاقتحام، وقبل الإفراج عن زلط، أصدر موقع «مدى مصر» بيانا، قال فيه إن «مكان اعتقال الصحافي شادي لا يزال غير معلوم، رغم تأكيد القوة الأمنية، التي ألقت القبض عليه، لزوجته على توجههم إلى مديرية أمن الجيزة».
محامي «مدى مصر» حسن الأزهري، قال «شادي لم يُعرض على أي من جهات التحقيق، وهو أمر شائع لدى السلطات تجاه الصحافيين وغيرهم «.
وتابع الموقع: «ما حدث لشادي يأتي في سياق أكبر حملة اعتقالات شهدتها مصر منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى سُدة الحكم، التي ضمّت صحافيين وأكاديميين ورموزا سياسية، فإننا نرى اعتقال زميلنا كتهديد لوجود مشروع مدى مصر كله».
لينا عطا الله رئيسة تحرير الموقع، قالت قبل اعتقالها: «غالبًا ما كنّا نُسأل كيف نستطيع العمل في ظل سنوات من القمع والضغوط التي أجبرت وسائل الإعلام على الإغلاق أو التوافق مع مَن يعتلي السلطة. الصحافيون ليس لهم حماية سوى نزاهتهم، وقيمة العمل الذي ينتظره منهم الآخرون».
وأضافت: «نحن جميعًا في خطر. إن لم ندافع عن أنفسنا سنصبح جميعًا، كزملاء لشادي، سجناء لدى السلطات. خيارنا الوحيد هو مواصلة الكفاح لضمان أمان زميلنا الشخصي، وكذلك لضمان قدرتنا على أداء وظيفتنا».
ولفت الموقع في بيانه إلى أن القائمين عليه تقدموا العام الماضي بطلب لتسوية وضعهم القانوني من خلال قانون الصحافة والإعلام الجديد؛ (القانون رقم 180 لسنة 2018)، ومرّ عام كامل على تقديم الملف، ولم يتلقوا ردًا حتى الآن.
وتابع الموقع في بيانه: «قُبض على زميلنا شادي زلط من منزله يوم السبت، 23 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، في الساعات اﻷولى من الفجر، إذ طرق أربعة ضباط أمن في ملابس مدنية باب منزل شادي حيث يعيش مع زوجته وابنته. وقال الضباط إنهم حضروا من أجله دون أن يفصحوا عن هوياتهم أو يظهروا أمر ضبط وإحضار، بينما بقي عدد آخر من عناصر اﻷمن المسلحة خارج المنزل.وصادرت الشرطة أجهزة كمبيوتر تخص شادي وزوجته قبل رحيلهم، وبعدها بدقائق، عادوا مرة أخرى غاضبين وطلبوا تليفونه، وصادروه. كما أخبروا زوجته أنه في طريقه إلى مديرية أمن الجيزة.
 
اقتحمت مقره… واعتقلت رئيسة تحريره وصحافيين لساعات
 
وفي مطلع الشهر الحالي، توجهت قوات أمنية إلى منطقة سكن شادي ثلاث مرات منفصلة في ليلة واحدة، وسألت بواب بنايته عن شقة زميلنا وسيارته، والجهة التي يعمل بها».
واختتم الموقع بيانه:» قضى شادي، 37 عامًا، حياته المهنية يعمل بالصحافة، ومنذ ست سنوات يعمل محررًا في «مدى مصر» لم يُذنب زميلنا في شيء سوى استخدام الكلمات لنقل اﻷخبار. ولا يعني القبض عليه إلا تصعيدًا جديدًا في الحملة التي تشّنها الحكومة المصرية ضد الصحافة».
الشبكة «العربية لمعلومات حقوق الإنسان»، منظمة حقوقية مصرية مستقلة، قالت، إن «ما تقوم به الأجهزة الأمنية يدشن مرحلة الظلام الإعلامي في مصر، حيث اختفت تماما الصحافة المهنية والمستقلة، وباتت دولة الـ 100 مليون نسمة تحيا دون صحافة دون صحف مستقلة أو مهنية، أو بعيدة عن الرقابة الفظة التي يمارسها العديد من الأجهزة الأمنية في مصر».
وتابعت أنها «تعتقد أن ما يحدث في موقع «مدى مصر»، جاء كنتيجة لنشر تقرير عن إبعاد نجل رئيس الجمهورية إلى روسيا، تم نشره تحت عنوان مهمة عمل طويلة: إبعاد محمود السيسي إلى روسيا».
وزادت الشبكة في بيانها: «كان الأحرى بالجهة التي اختطفته، أيا كانت، ان تراعي الأعراف المهنية وتحترم سيادة القانون، بإرسال رد أو تصحيح أو حتى شكوى لنقابة الصحافيين إن كان لديها رواية مغايرة لما نشر، إن كانت واقعة اختطافه تتعلق بهذا التقرير الصحافي، أو أن تعلن أسبابا أخرى لو وجدت، بدلا من الاختطاف والإمعان في ممارسات بوليسية تزيد من الإساءة لصورة وسمعة هذه الأجهزة الأمنية. لكن للأسف لم يحدث».
ولفتت إلى أن «موقع مدى مصر يعد ضمن مواقع قليلة يقل عددها عن أصابع اليد الواحدة، ما زالت رغم حجبها منذ ما يزيد عن عامين ضمن ما يزيد عن 500 موقع محجوب، تسعى بدأب لممارسة الصحافة المهنية والنزيهة إلا أنها وبسبب تمسكها بهذه المهنية أصبحت هدفا لحملة طويلة من التشهير والتهديد، توجت باختطاف محررها شادي زلط، لتقدم لكل مهموم بحرية الصحافة وقيمها، دليلا على أن الصحافة المهنية غير مرغوب فيها في مصر في ظل هذا النظام البوليسي المعادي لأي أصوات مختلفة أو ناقدة أو معارضة».
وطالبت «النائب العام بفتح تحقيق عاجل وشفاف، والإعلان عن اسم الجهة التي اختطفت شادي زلط، ومساءلتها والقائمين عليها، حتى لا تصبح مصر مرتعا لممارسات بوليسية تضرب بالقانون عرض الحائط، وتنشر الخوف بين القلة المتبقية من الصحافيين المهنيين الذين ما زالوا يعملون بالصحافة الحقيقية المتعارف عليها ـ ودعما لاحترام الدستور وسيادة القانون».
حركة «الاشتراكيون الثوريون» علقت على ما حصل : «بعد يوم واحد من اعتقال قوات الأمن محرر الموقع، اقتحمت قوات الأمن مقره، واحتجزت الصحافيين بداخله. وبالطبع لم تظهر بعد أبعاد الغارة التي قامت بها قوات السلطة على الموقع، إلا أن السياسة الأمنية التي يتبعها نظام الثورة المضادة لا تحتمل التأويل، فالصمت المطلق هو ما يريده النظام، ويسعى إلى فرضه بكل السبل».
وأضافت في بيان «الصحافيات والصحافيون العاملون في موقع مدى مصر يدفعون اليوم بجسارة ثمن شجاعتهم، ورفضهم الدائم للدخول في حظيرة النظام، وإصرارهم على الاستمرار في رسالتهم الصحافية، ليتحولوا إلى حالة فريدة تقاتل بإصرار وسط مستنقع من أبواق السلطة، والتي وصلت إلى أدنى مستويات الانحطاط».
 
«الثورة المضادة»
 
وتابعت «إذ تغير اليوم قوات الأمن على مدى مصر، لأنها تثبت للجميع أن المنارة التي أضاءها صحافيوها نجحت في أن تكشف قبح سلطة الثورة المضادة، وأكاذيبها وزيفها، فاليوم كلنا مدى مصر، لأننا نرفض أكاذيب السلطة وقبحها، ونرفض الدخول للحظيرة القذرة التي حشرت فيها سلطة غاشمة دواب صحافية، تقتصر مهارتها على كتابة التقارير للأمن، وتلقي الأوامر منه».
واعتبرت أن «غارة اليوم (أمس) لن تمحو ما كشفه الموقع من كل قبح السلطة وأكاذيبها. ومن لم يتأكد بعد من مصداقية كل ما نشرته مدى مصر، خاصة التحقيق الأخير عن إبعاد نجل الديكتاتور (السيسي) إلى روسيا، فقد أتاه اليوم الدليل القاطع، فسلطة التزييف لا تحارب سوى الحقيقة. التضامن اليوم مع مدى مصر بكل السبل هو دفاع عن الخندق الأخير للصحافة المستقلة، التي حولها السيسي إلى نشرات يشرف عليها الضباط المكلفون، تماماً مثلما حول نقابة الصحافيين إلى مكتب يديره موظفوه».
 
«مدى مصر»…. اللجوء إلى القضاء لمواجهة الحجب
 
ذكرت المفوضية المصرية للحقوق والحريات أمس الأحد، على خلفية ما جرى مع « مدى مصر» أنه «في مايو/ أيار 2017، تعرض الموقع للحجب دون قرار أو توضيح لأسباب الحجب، لينضم إلى قائمة المواقع المحجوبة والتي بلغت أكثر من 500 موقع محجوب داخل مصر».
وأشارت إلى أنه «في الرابع والعشرين من مايو/ أيار العام الماضي، تم حجب حوالى 21 موقعا بزعم تضمنها محتوى يدعم الإرهاب ويتعمد نشر الأكاذيب وفقا لمصادر أمنية، لتبدأ أعداد المواقع المحجوبة في الازدياد دون معرفة الجهة المسؤولة».
وحسب المصدر «بلغ عدد المواقع المحجوبة حوالى 500 موقع ما بين مواقع إخبارية ومواقع خاصة بالمنظمات الحقوقية، حيث شملت الدفعة الأولى المواقع الآتية: «مصر العربية والمصريون والبورصة والديلي نيوز إيجيبت».
وعقب موجة الحجب الأولى، انضمت مواقع أخرى للقائمة بينها: مدى مصر، البديل، البداية، محيط، كورابيا، المنصة، بوابة يناير، موقع الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ومنظمة مراسلون بلا حدود وموقع منظمة هيومن رايتس ووتش، وكاتب، وأخرى غيرها».
ونتيجة لحجب الموقع، قررت شركة «مدى مصر ميديا» ناشرة الموقع، في يونيو 2017، إقامة دعوى قضائية أمام القضاء الإداري لتقديم توضيح رسمي ﻷسباب الحجب.
وطالبت الدعوى بإلزام الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بتقديم صورة رسمية من قرار حجب الموقع حال صدور قرار بذلك، وتوضيح الأسباب الإدارية والفنية التي أدت إلى حجبه، وإلزام مقدمي خدمة الاتصالات بإزالة العقبات التقنية لتمكين المستخدمين والشركة المالكة من الوصول إلى الموقع.
وخلال انعقاد الجلسات، دفع محامي الجهاز، في أكتوبر/ تشرين الأول 2017، بأن حجب المواقع الإلكترونية لا يقع من ضمن اختصاصاته، وأن الحجب قد يكون مسؤولية أحد أجهزة اﻷمن القومي، أو المجلس اﻷعلى للإعلام، وهو الدفع ذاته الذي تمسك به محامي هيئة قضايا الدولة الممثل لوزارة الاتصالات.
وفي 30 سبتمبر/ أيلول 2018، حكمت الدائرة الثانية في محكمة القضاء الإداري، حكمًا تمهيديًا بإحالة دعوى حجب موقع «مدى مصر» إلى مصلحة الخبراء في وزارة العدل لدراسة الجوانب التقنية المتعلقة بحجب الموقع.
ورأى محامي «مدى مصر» آنذاك، أن المحكمة تهربت من الفصل في القضية بسبب حساسيتها، وذلك على الرغم من أن قرار المحكمة برئاسة المستشار سامي عبد الحميد، نائب رئيس مجلس الدولة، يمثل اعترافًا بمنطقية الدعوى.
ويعني الحكم تعليق رحلة التقاضي فيما يخص ملف حجب «مدى مصر» إلى أجل غير مسمى، دون انتصار واضح أو هزيمة واضحة، ﻷن مصلحة الخبراء قد تستغرق سنوات قبل الانتهاء من فحص الدعوى، وذلك بحسب ما نشره الموقع نقلا عن محاميه.