عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Jun-2019

الحائط الحدیدي بقي صامدا - بقلم: غبرئیلا بارزن (الغرابلي)
ھآرتس
في تشرین الثاني الماضي مرت 95 سنة على مقال ”حول الحائط الحدیدي – نحن والعرب“ بقلم
زئیف جابوتنسكي. دمتري شومسكي كتب في السابق وبحق، أن ھذا المقال یعتبر ”شھادة الھویة
الفكریة“ لجابوتنسكي. حسب اقوال جابوتنسكي ”الحائط الحدیدي“ یجسد الوعي بأنھ نظرا إلى أن
”لیس بالامكان أن نعرض على العرب أي تعویض عن ارض اسرائیل“ فإن الصراع بین العرب
والصھیونیة أمر لا مناص منھ. من ھنا فإن انتھاء الصراع مرتبط بالحسم، الذي سیشكل انعطافة
فكریة، فیھا یسلم العرب بالسیادة الیھودیة في ارض اسرائیل. جابوتنسكي كتب ”شعب حي یوافق
على تنازلات في مسائل مصیریة... فقط عندما لا یكون لدیھ أي أمل... فقط حینھا تفقد المجموعات المتطرفة... سحرھا، والنفوذ ینتقل إلى أیدي المجموعات المعتدلة... فقط في حینھ سیبدأون بالتفاوض معنا باخلاص في مسائل فعلیة، مثل اعطاء ضمانات ضد طردھم من البلاد، حول مسألة المساواة في الحقوق أو بشأن الكیان القومي“.
ولكن شومسكي یخطئ عندما یقول إن المصدر الروسي للمقال خفي، ”الوجھ المكبوت والمنفي
لجابوتنسكي“ الذي یقول عندما سینتھي عھد الحائط الحدیدي ستقوم دولة فلسطینیة مستقلة على ارض اسرائیل. شومسكي یركز على تعبیر ”كیان قومي“ الذي یظھر في المقال بدلا من كیان –
الذي یوازي المفھوم الروسي ”سامو بایتنوست“ لجابوتنسكي – شومسكي یفرض مفھوم ”استقلال“.
جھود شومسكي في تسخیر جابوتنسكي لفكرة تقسیم البلاد غیر جدیدة، ونحن لسنا بحاجة الیھا.
ولكن حقیقة أنھ استنتج ذلك بواسطة دراسة فقھیة تحتاج من أتباع جابوتنسكي الرد علیھا.
لیس واضحا من أین یستقي شومسكي الصلاحیة في القفز من الترجمة الحرفیة لـ ”كیان ذاتي“ أو
”ذاتیة“ إلى مفھوم ”استقلال“. إن البحث غیر المنحاز في قاموس روسي – روسي سیظھر أن
مفھوم ”استقلال“ لا یتساوق مع التعریفات في القوامیس لكلمة ”سامو بایتنوست“. بیتر كریكسونوف، المترجم المعروف للأدب الروسي إلى العبریة یؤكد بأنھ رغم التناظر فإن مفھوم
”استقلال“ ومفھوم“ذاتیة“ ھما امران متمایزان. ففي حین أن الاول موجھ نحو الخارج فإن الثاني
موجھ نحو الداخل، إلى مصدر خلق التمیز. ”الذاتیة“ توجد ایضا عندما لا یكون ھناك ”استقلال“.
حسب شومسكي، منذ بدایة عملیة اوسلو ”الاسرائیلیون والفلسطینیون غیر موجودین في عھد
الحائط الحدیدي“. وحسب قولھ ”رجال الدوائر الفلسطینیة المعتدلین جاؤوا إلى الاسرائیلیین وھم
یحملون اقتراحات لتنازلات متبادلة“. الادعاء الذي یقول إنھ في عملیة اوسلو سقط الحائط الحدیدي
ھو ادعاء مرفوض، لكن من اجل التمییز بین ”الذاتیة“ و“الاستقلال“ توجد تداعیات سیاسیة.
ھل في عھد الحائط الحدیدي بدون ثقوب، مفاوضات على تنازلات متبادلة تضم ”ذاتیة قومیة“ مثلما
ھي الترجمة السلیمة لجابوتنسكي، أو ”استقلال قومي“ مثلما یشوه شومسكي الروسیة؟ ھل الحدیث یدور عن حكم ذاتي ثقافي – وطني، أو تقسیم البلاد واقامة دولة فلسطینیة مستقلة، لھا جیش یسیطر على الحدود وعلى المجال الجوي؟. إن تصمیم شومسكي اللغوي یثیر الاستغراب، لكن من لیس لھ مانع في أن یسخر جابوتنسكي لاقامة دولة فلسطینیة، لیس لدیھ ایضا صعوبة في تجنید البلاغة اللغویة لصالح أجندة سیاسیة.
شومسكي یستعرض الترجمة العبریة لـ ”على الحائط الحدیدي“ ویشیر إلى عدم موثوقیة المترجم
الذي نشرتھ عیري جابوتنسكي، والذي لأنھ ذعر من رؤیة مفھوم ظھر في الترجمة... رائحة تقسیم
البلاد، ترجمھا إلى ”مساواة وطنیة“. اجل ”مساواة“ لیست الترجمة الصحیحة لمفھوم ”سامو بایتنوست“. ولكن ادعاء شومسكي الذي قال إن ھدفھ جعل فكرة تقسیم البلاد غامضة – ھو ادعاء
غیر منطقي.
في التطرق إلى كریكسونوف یكتب شومسكي أنھ رغم حقیقة أنھ ”اصلح بصورة مدھشة الترجمة
القدیمة“، فانھ اختار ”ترجمة تحمل معنیین إلى حد ما – كیان قومي ذاتي“، التلاعب واضح:
شومسكي رمز إلى أن كریكسونوف ایضا ھو شریك في المؤامرة من اجل اخفاء نوایا جابوتنسكي
المكبوتة. وحسب اقوال كریكسونوف فإن اختیار مفھوم ”كیان قومي“ وضع على ید المحررة اللغویة. وبعد ذلك ھذا ھو الامر الذي اثار غضبھ. ھو نفسھ یفضل ”الذاتیة“، وبھذا تعلق بأغصان اشجار عالیة: لا شك لدى كریكسونوف أن ”سامو بایتنوست“ كان المفھوم الروسي في وعي بیالیك وباردي سبسكي وفخمان وشیلویسكي عندما استخدموا مفھوم ”الذاتیة“. ایضا لدیھم مفھوم ”الذاتیة“ تم تمییزه عن مفھوم ”الاستقلال“.
في حین أن تفسیر شومسكي بشأن ”استقلال قومي عربي“ في ارض اسرائیل لا یوجد في كتابات
جابوتنسكي، فإن مفھوم ”الذاتیة“ ھو رئیسي فیھا ویظھر في سیاقات مختلفة. في مقال نشر في
”اودیسكیا نوفوستي“ في كانون الثاني 1908 ،الذي خصص لاحتفالات العید الـ 25 لممثلة المسرح الاوكرانیة ماریا زنغوفتسیا، فإن جابوتنسكي عبر عن تقدیره لھا لأنھا تنازلت عن نجاحھا المھني المشھور في الثقافة الروسیة لصالح ”الذاتیة الشعبیة“. تقدیره للالتزام بالذاتیة الشعبیة كان مبدئیا وتم التعبیر عنھ رغم التحفظات من اللاسامیة الاوكرانیة.
”الذاتیة“ ھي ”شھادة ھویة فكریة“. ومن ناحیة جابوتنسكي یجب احترامھا. ”شھادة ھویتھ الفكریة“
ھو نفسھ تستحق معاملة كھذه.