عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Feb-2019

«الدستور» ترصد طقوس «الجمعة» لدى أهل المدينة في وسط البلد

 

عمان -الدستور -  محمود كريشان - لا شك أن ليوم الجمعة من كل اسبوع خصوصية لدى الأردنيين لكنه يحمل خصوصية فريدة لدى اهل عمان القديمة ومحيطها، فهو يوم بنكهة خاصة وطقوس مفعمة بالحيوية يشعر بها الزائر الى وسط البلد في يوم الجمعة من عدة جوانب، ابرزها وجود اسواق تنصب بصورة حصرية في ذلك اليوم فقط من كل اسبوع.
فمن يتجول في شوارع وسط المدينة في ساعات الصباح في هذا اليوم يلمس تواجدا مكثفا للوافدين على وجه الخصوص الذين يستثمرون عطلة الاسبوع بحثا عن التسوق في اسواق قاع المدينة التي تتميز باسعارها الشعبية لتكون في متناول محدودي الدخل، سواء أكان ذلك بالنسبة لاسعار الالبسة او الاحذية او الخضار او الفواكه وكافة المقتنيات.
كما ان سوق الطيور الذي ينصب حصريا يوم الجمعة فقط بمحاذاة المنطقة الخلفية لشارع قريش يكون مليئا بالزوار والزبائن من عشاق تربية العصافير والحمام والطيور بمختلف انواعها بالاضافة الى الحيوانات الاليفة التي تكتظ بها اروقة هذا السوق النادر.
الإفطار العماني
ولا نغفل الاجواء العائلية الحميمية التي تشهدها مناطق عمان القديمة في مثل هذا اليوم من كل اسبوع، عندما تحرص العائلات على تناول طعام الافطار في المطاعم الشعبية المختصة ببيع الحمص والفول، وقد اعتادت تلك المطاعم على مضاعفة اعداد الطاولات في هذا اليوم لاستقبال الزبائن وابرزها مطعم العقيلي في شارع الشابسوغ حيث الطقوس العمانية العريقة والاجواء الجميلة.
وعادة ما يكون طعام الافطار عبارة عن اطباق شهية من الحمص والفول والفلافل اللذيذة وربما تصطحب العائلات معها المعجنات المتنوعة ومناقيش الزعتر والبيض حيث تنصب المطاعم طاولاتها في صباح يوم الجمعة فوق ارصفة المشاة لاستقبال الزبائن في هذا اليوم المبارك.
في المسجد الكبير
اذاً.. في عمان.. لابد ان تكون البداية من ابرز معالمها الدينية والتاريخية المسجد الحسيني الكبير، الذي تصدح دوما وابدا مآذنه الشامخة بنداء التوحيد.. لا اله الا الله.. محمد رسول الله.. إذ يعتبر اهالي وسط المدينة ومحيطها ان الصلاة في هذا المسجد هي طقوس دينية متوارثة، واداء الصلوات ومن ضمنها صلاة وخطبة الجمعة في رحابه الطاهرة.
ويحرص عدد كبير من ابناء عمان بمختلف مناطقها على اداء صلاة الجمعة في رحاب اعرق واقدم مساجد المملكة، المسجد الحسيني الكبير في وسط البلد، والذي يكتظ بالمصلين الذين يتوافدون للاستماع الى خطبة الجمعة ويضطر الكثير منهم الى احضار سجادته معه لاداء الصلاة في الساحات الخارجية للمسجد نظرا للاكتظاظ الشديد باعداد المصلين.
كذلك في مسجد التلهوني الصغير الذي يقبع في طلوع سرفيس جبل الحسين خط رقم 9 القديم في شارع السلط ومسجد الشابسوغ في طلوع شارع الشابسوغ ومسجد الامانة في رأس العين ومسجد رغدان السياحي بالقرب من المدرج الروماني.
سوق الطيور
كذلك فان ليوم الجمعة خصوصية لمربي وهواة الطيور في زيارة سوق الطيور الذي يُنصب صباح كل يوم جمعة ويقع في شارع قريش وتحديدا اسفل وادي سرور في دخلة سرفيس وهو سوق مخصص لهذه الهواية يقام في صباح كل يوم جمعة حصريا..
في هذا السوق والذي يتم نصبه على امتداد الشارع الاسفلتي الجانبي يعرض فيه الباعة بضائعهم بآلاف الاقفاص الصغيرة والكبيرة على حد سواء لتنتشر اصوات العصافير المتنوعة ومختلف الطيور في الاجواء الصباحية الجميلة في ارجاء السوق الذي يعتبر بورصة لبيع وشراء الطيور والحيوانات الاليفة.
كرنفال حقيقي من الطيور يوجد في سوق الطيور الحالي بمحاذاة شارع قريش.. الكنار والحسون والبلبل وطيور الحب والدويري وابوصوي وابوالتين والزرعي و الكوكتيل والهدهد والفلاشر الى انواع نادرة من الببغاء والصقور الجارحة والنسور.. وصولا الى انواع جميلة من الارانب والقطط والكلاب الشرسة والاليفة، بل والطاووس والبط وطيور الفري والدجاج البري والافريقي والوز.
وكل شيء له سعر، وبعض تلك الحيوانات والطيور يتم عرضها خلسة بكراتين مخفية كونها من الانواع النادرة المهددة بالانقراض والمحظور بيعها في الاردن تحت طائلة المسائلة القانونية المشددة لذلك يتم عرضها بسرية مستفيدين من كون السوق يقام في ايام الجمع التي لا تقوم دوريات الجمعية الملكية ولا وزارة البيئة والزراعة وكافة الجهات بجولاتها الرقابية في تلك الايام.
كيس قمبز
امام ذلك.. وفي احدى ساحات السوق يقف احد الاشخاص ويقوم بالدلالة على انواع من العصافير ويتجمهر حوله الراغبون في الدخول بالمزاد ويبدأ بالمناداة وهو يرفع العصفور بقفصه امام الجميع الى ان تتم عملية المزاودة باخر سعر دفعه احدهم فيعطيه القفص وبه العصفور وفوقه كيس قمبز على البيعة.. مع تحذيره المستمر للحضور بأن ينتبه كل واحد على محفظته خوفا من السرقة.
أسواق الجمعة
كما تكون ساعات العصر محببة للوافدين والزوار للتسوق وزيارة الاسواق الشعبية والتراثية في وسط البلد ومن ضمنها سوق البخارية ويختص ببيع الملابس التقليدية والأحجار القديمة والصناديق التراثية والأدوات الموسيقية البدوية القديمة، ولوازم المهن التقليدية كالحلاقة وسجاجيد الصلاة وغيره، الامر الذي يجعل حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين يقومون بشراء السبح وسجاجيد الصلاة من ذلك السوق وتقديمها كهدايا للزوار عقب عودتهم من الحج ذلك نظرا للاسعار الشعبية التي يتمتع بها السوق ويعتمد في معظم بضائعه على الصناعات التقليدية المستوردة.
فيما يتخصص سوق ليمنية نسبة الى (اليمن) بعرض وبيع ملابس البالة والحديثة ذات الثمن المعقول، كذلك ما يسترعي الانتباه في هذا السوق عند الدخول اليه من عدة مداخل هو تواجد العشرات من الخياطين يضعون ماكينات الخياطة امام محلات الملابس وذلك لتكييف وتصليح اي قطعة ملابس نسائية أو رجالية أو ولادية مهما كان المطلوب.
وهناك اسواق اخرى خاصة بالملابس الحديثة في دخلات شارع طلال للبيع بالجملة والمفرق مثل سوق الحميدية وسوق طلال وسوق حجاج وسوق القدس، كذلك سوق الندى لالعاب الاطفال الشعبية بالجملة والمفرق، ولمواد تجميل النساء ومنها كذلك العطور الشعبية بكل اصنافها واسعارها.
سقف السيل
اما شارع قريش (شارع سقف السيل) فهو من الشوارع الشعبية في قاع ووسط مدينة عمان.. واجمل ما فيه هي تلك الخصوصية المعمارية التي يظهر عليها بمظلاته الاسمنتية فوق ارصفته والتي تطل على الشارع من الجهتين بشكل البناء القوسي المدبب الى حد ما، فهذا فن عربي شرقي خاص بالفعل لهذا الشارع الذي بُني منذ منتصف السبعينيات فوق سيل عمان المكشوف آنذاك.
ويتميز هذا الشارع عن غيره في قاع المدينة باتساعه وبوجود الكثير من اكشاك تصليح الاحذية، وبعض محلات بيع الاثاث الحديث الشعبي، ومنها ايضا المستعمل وكذلك، المطاعم الشعبية كالقاهرة والهنيني ومطاعم المأكولات السريعة مثل: ساندويشات الفلافل والشاورما والكبدة والطحل والفول والحمص ومحلات بيع الادوات الكهربائية والخلويات من كل الأنواع.
عموما.. وكما يقال بأن الأماكن تحب وتعشق.. فان قاع المدينة في اي عاصمة له رونق خاص مستمد من تقاليد اهل تلك المدينة وتراثهم الشعبي الجميل.