عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Apr-2025

الاحتلال.. بين الانقسام والتجهيز لما بعد نتنياهو

 الغد

القدس المحتلة- تتواصل ارتدادات حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة على المجتمع في الكيان المحتل وجيشه على حد سواء، ما يفاقم حالة التشظي والانقسام الشديد التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة.
 
 
وتلقي تلك الحالة الضاربة بظلالها السوداء على مستقبل الحالة الداخلية في الكيان المحتل، ما سيكون لها تبعات مؤلمة وقاسية، بحسب تصريحات كثير من المسؤولين والقادة السابقين في جيش الاحتلال.
 
وكان آخر هذه التحركات، توقيع أكثر من 250 عضواً سابقاً في الموساد على عريضة تطالب بإبرام اتفاق سريع لاستعادة الأسرى، حتى لو كان ثمن ذلك إنهاء الحرب، ووقّع على الدعوة 3 رؤساء سابقين للموساد، وهم داني ياتوم، وإفرايم هاليفي، وتامير باردو، إضافة إلى العشرات من رؤساء الأقسام ونواب رؤساء الأقسام في الجهاز.
وانضموا إلى الدعوات التي أطلقها أخيراً نحو 1000 من الطيارين والعاملين في سلاح الجو الإسرائيلي، وكان منهم اثنان من قادة سلاح الجو سابقا، وهما الجنرالان دان حالوتس ونمرود شيفر.
وتبع ذلك إعلان مئات الجنود من قوات الاحتياط من سلاح المدرعات وسلاح البحرية والأطباء، إضافة إلى وحدة 8200 الاستخبارية، مطالبتهم بوقف الحرب وإطلاق سراح الأسرى.
ويرى مراقبون، أن هذه التحركات مثلت قمة جبل الجليد، أما ما رافقها من أسئلة وجودية لم تكن لتطرح سابقا، فقد تحولت إلى حالة من النقاش العام ضمن حالة استقطاب شديدة، كشفت عنها استطلاعات الرأي.
صراع بقاء
دفعت خطوات ائتلاف اليمين المتطرف الانقلابية على مؤسسات الدولة -التي سبقت هجوم طوفان الأقصى– مئات الآلاف من جمهور الكيان المحتل إلى الخروج للشوارع، وكان العامل المشترك بينها، هو الوقوف في وجه الانقلاب القضائي والمحافظة على هوية الدولة كدولة ديمقراطية، وفق وصفهم.
لكن الحرب في غزة أظهرت أشكالا أخرى من الخلافات، ليس فقط على ملف الانقلاب القضائي فحسب، بل إن فشل توقع الهجوم والتصدي له أجبر جمهور دولة الاحتلال على طرح تساؤلات لتحديد المسؤول عن هذا الفشل.
ويرى المختص في شؤون الاحتلال السرائيلي، وديع عواودة، أن هذا العنوان العريض من الخلافات بفعل الحرب، حرك قضايا خلافية داخلية دفينة، وأثر على القدرة بالشعور بالتضامن داخل المجتمع في الكيان المحتل، والشعور بالأمن الشخصي، وطرح تساؤلات عن مستقبل الديمقراطية هناك، والتي تمس عصب المشهد الداخلي.
وأضاف، أن الحرب على غزة كحدث تاريخي وتهديد وجودي وفق وصف نتنياهو لم يخفف من نار الخلافات الداخلية، بل زادت وتعمقت وساعد على ذلك طول الحرب وعدم حسمها وقضية الأسرى.
وكشف عن جزء من هذا الصراع السجال العلني بين رئيس الشاباك الأسبق يورام كوهين ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن طلبات الأخير بقمع المعارضين وطردهم من الكابينت.
وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير إقالة رئيس الشاباك رونين بار والمستشارة القضائية غالي بهاراف ميارا، التي تحولت إلى أزمة دستورية عالقة.
وكشف استطلاع للرأي نشره معهد الديمقراطية الجمعة الماضي، أن 43 % يؤيدون العصيان المدني إذا لم تمتثل الحكومة للمحكمة العليا في تعليق إقالة رئيس الشاباك رونين بار.
ويشير تقسيم اليهود، حسب المعسكر السياسي إلى أن أغلبية كبيرة على اليسار (%86) تؤيد العصيان المدني في حال عدم امتثال الحكومة لقرار المحكمة العليا بشأن إقالة رونين بار، وفي الوسط هناك أغلبية أصغر (57 %)، وعلى اليمين أقلية صغيرة فقط (21 %) تعتقد أن العصيان المدني، هو السبيل للرد على عدم امتثال الحكومة لقرار المحكمة العليا.
معارضة الشارع
وقد كشفت حرب غزة المستمرة عن حالة معارضة رسمية، ضعيفة ومنقسمة، ولكن في المقابل ساعدت على صعود أشكال أخرى من المعارضة نجحت في تحريك الشارع بقوة، في قضايا مختلفة أبرزها قضية الأسرى، والانقلاب القضائي ومحاولة فرض حكومة نتنياهو اليمينة الدكتاتورية على مفاصل الدولة.
وشارك نحو مليوني شخص فعلا في مظاهرة واحدة على الأقل، وفقا لاستطلاع رأي نشره معهد الديمقراطية الإسرائيلي.
ووفقا للمختص في الشؤون الإسرائيلية، فراس ياغي، فإن الاحتجاجات التي سبقت الحرب وما تلاها، أفرزت مخاضا عنيفا داخليا في المجتمع الإسرائيلي، ليس فقط زيادة الهوة والتشظي الداخلي، بل بروز أيضا، جهات وشخصيات تدير المشهد الداخلي الإسرائيلي، بخلاف الشخصيات وقادة الأحزاب الحاليين من قطبي السياسة من معارضة وائتلاف.
وأضاف ياغي أن لاستمرار الحرب آثارا كارثية اقتصاديًا واجتماعيًا، وعلى كافة المستويات، وما يرافقها من حالة الاستقطاب الشديد والتوتر الداخلي، والعواقب الكارثية على صورة إسرائيل في العالم، وعلاقتها بحيث باتت دولة منبوذة، بسبب حرب الإبادة التي ترتكبها في غزة، وفقًا لكثير من المحللين والكتاب داخل الكيان المحتل.
ولا خلاف بأن دولة الاحتلال باتت بكل مكوناتها رهينة للأفكار المتطرفة، التي تسيطر على مفاصل الحكومة ضاغطة على نتنياهو من جهة، ويقوم هو بالمقابل باستغلالها لتمرر أجنداته الشخصية والسياسية ضاربا بعرض الحائط مصالح بلاده في المنطقة والعالم.
وفي المقابل، ترك نتنياهو لهذا التيار بمختلف ألوانه السياسية والدينية، كل الأبواب مشرعة لترسيخ هيمنته الشاملة على الحالة السياسية والعامة، وتنعكس هذه الهيمنة في الانزلاق بشدة نحو اليمين في ظل تراجع سطوة اليسار ويسار الوسط.-(وكالات)