إعلام الدولة - أد. أمين مشاقبة
الدستور - الإعلام هو مصطلح يطلق على أي وسيلة أو تقنية أو منظمة أو مؤسسة خاصة أو عامة رسمية وغير رسمية مهمتها نشر الأخبار ونقل المعلومات على مختلف أنواعها وأشكالها، وبرز دور الإعلام أكثر بعد ثورة الاتصال وتكنولوجيا المعلومات وظهور الإعلام الرقمي الذي اجتاح العالم في العقدين الأخيرين.، فالإنترنت والسوشيال ميديا أصبحت ذات تأثير قوي في عالم اليوم في عملية بناء وتوجيه الرأي العام وتعتبر وسائل الإعلام من ضمن مؤسسات التنشئة الاجتماعية في عملية بناء الثقافة السياسية للشعوب وعملية توزيع القيم والمعتقدات والاتجاهات فيما يتعلق ببناء الفرد وجعل منه مواطنا لديه انتماء وولاء للدولة والمجتمع الذي ينتسب إليه. وعندما نردد أننا بحاجة إلى إعلام دولة لا إعلام حكومات أو أشخاص فإننا نقصد بذلك ربط الإعلام بالدولة وما يتعلق بها من شؤون ذات علاقة مع المصالح العامة، والقضايا التي تهم كل المكونات الاجتماعية المختلفة بالدولة، فكل دولة لها صورتان، صورة داخلية وأخرى خارجية، صورة داخلية للمجتمع بأنها تقوم بكافة أدوارها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية من حيث تحقيق كل ما يحتاجه مواطنوها من خدمات مادية ومعنوية وتبني رأياً عاماً مسانداً لسياساتها ومواقفها مما يزيد من شرعيتها الداخلية، ناهيك عن هذا يحقق الاستمرار والبقاء للدولة، فكلما كانت الدولة قادرة على تحسين صورتها الداخلية كلما زادت من المساندة والدعم لسياساتها وقراراتها وهذا ينعكس على الشرعية السياسية لها. أما الصورة الخارجية التي تصنعها الدولة لها يقوم على قدرتها على فتح قنوات الاتصال الخارجي وتحسين صورتها لدى الآخرين مما يخلق لها الإسناد والدعم الخارجي فيما يتعلق بالقضايا المختلفة التي تواجهها.
إن إعلام الدولة يتعلق بقدرة الدولة على بناء الرأي العام المساند، ونشر القيم والمعتقدات وبناء الاتجاهات السياسية التي تؤدي لبناء الانسجام الاجتماعي أو التكامل الاجتماعي مما يؤدي لتقليل الانقسامات الداخلية مما يعزز الوحدة الوطنية، ناهيك عن التصدي لمتطلبات ورغبات مواطنيها وحل مشاكلهم وتلبية مطالبهم مما يؤدي لمساندة النظام في مسيرته، ويضال إلى ذلك عملية نشر القيم الوطنية وتعزيز صورة الرموز الوطنية وقيمتها وأدوارها مما يعزز الروح الوطنية ويزيد من الاعتزاز الوطني بالتاريخ السياسي والقادة ويجعل من ذلك إلهاماً للأجيال للعطاء والبناء.
إن أهمية زرع القيم ونشر المعتقدات والاتجاهات تساهم في بناء أجيال تعتز بتاريخها السياسي وتعمق مستوى المواطنة. إن إعلام الدولة يجب أن يكون للوطن بافة مكوناته وأطيافه، فالدولة هي الإقليم والشعب والحكومة معاً، فعليه إن إعلام الدولة للجميع ينطلق من مصالحها العليا وأهدافها العامة لخدمة تلك المصالح والأهداف ويكون عابراً للحكومات مستنداً للثقافة السياسية السائدة ومحققاً لأهدافها العامة، ناهيك أن إعلام الدولة يعزز مفهوم الهوية الوطنية الجامعة من خلال نشر ثقافة سياسية تستند لإرث الدولة وتاريخها السياسي وأهدافها الوطنية، وعليه فإن إعلام الدولة يأخذ بكل الأبعاد التاريخية والثقافية والسياسية للنظام الذي يسعى لتعزيزها وتعميقها لدى كافة المكونات الاجتماعية.