عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Apr-2020

بين مناعة القطيع والتباعد الاجتماعي.. - بسام ابو النصر

 

الدستور- لا بد أن نمضي قدما في زمن الكورونا التي تفتك بالاقتصاد العالمي وتجعل من كل المفردات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ترتبط ارتباطا وثيقا بهذا الفايروس الذي لا يصنف من النباتات او الحيوانات او الجراثيم بل هو مادة بروتينية تتكاثر داخل الخلية الحية فتقضي على مناعتها وربما هذا الدور هو نفسه الذي يقوم به هذا الفايروس في المجتمعات المختلفة، لقد انطلق هذا الفايروس تحت مسماه العلمي كوفيد 19 من مركزه في ووهان الصين الى باقي أجزاء العالم كالنار في الهشيم ليجعل من الحياة اليومية لكل مجتمعات العالم مختلفة تماما، لقد تحول الصخب والترف والرفاهية التي كان يحظى بها الأغنياء دون الفقراء الى خوف وترقب وانتظار، تتجمد حركة الأفراد والجماعات والسمر وكل ما يرافقه من فوضى، المؤمنون يجدون منه رسولا من السماء الى الذين نكلوا وظلموا والى الذين كانوا سببا في كل وسائل التعذيب التي رأينا صورا منها خلال الثلاثين سنة الماضية في أفغانستان والعراق وسوريا واليمن وليبيا والصين وميانمار والبوسنة في حملة مسعورة ضد مسلمي العالم وفقرائه، او ربما من اغنياء العالم ضد فقرائه، اخذت أشكالا أخرى لتقليل نسبة الولادة التي تتعارض مع الاتجاه الطبيعي للحياة وما خلقنا الله لأجله، وكان الجواب من السماء بكائن لا يرى بالعين المجردة لينتشر بين اغنياء العالم على غير ما رغبوا به، ثم انهم رغبوا ان يدفعوا به من خلال وسائل مختلفة منها ثقافة القطيع التي لا تكلف الدولة أية تكاليف وتترك المجتمع يواجه الوباء دون حماية كبيرة من القطاعات الصحية للتخفيف ربما من الذين لا يحملون مناعة ضده من كبار السن الذين يموتون من هذا المرض ويحققون جزءا من أهداف الكبار في التخلص من الذين يدفعون عليهم مليارات من مؤسسات التامين الصحي، ويتخلصون من ضعاف المناعة ليستبقوا الأصحاء، بينما تقوم المجتمعات النامية على نهج آخر هو التباعد الاجتماعي الذي يقوم على العزل الصحي والمنزلي للتقليل من الإصابات وهذا يحافظ على الكبار والصغار معا، يطالعنا الرئيس الأمريكي وهو يؤكد انه لن يقوم بمساعدة الدول الفقيرة فيما اذا انتشر فيها المرض وسيعمل على الدفع بالانتقام من الذين سيمنعون عن مجتمعه وسائل الوقاية وهذا جاء بعد مزيد من الوفيات وبعد ان فشلت سياسة القطيع ورئيس الوزراء البريطاني الذي خرج علينا بمناعة القطيع أصيب هو ووزير الصحة وولي العهد ومزيد من الوفيات وسياسة القطيع تكلف إيطاليا واسبانيا وفرنسا مزيد من الإصابات والوفيات ويبقى القول ان السحر انقلب على الساحر فقد انهارت الأجهزة الصحية في الدول الغنية نتيجة سياسة مناعة القطيع وعادوا ليستخدموا التباعد الاجتماعي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، لقد اثبت الأردن الذي استخدم مبكرا سياسة التباعد الاجتماعي بطريقة فعالة سابقا الكثير من دول العالم من خلال تشكيل خلية ازمة دُعي اليها المختصون في القطاع الصحي والمسؤولون الاقتصاديون والإعلاميون والقوات المسلحة والجهات الأمنية للعمل فيما ينقذ الشعب، حيث تبنوا سياسة ناجعة في التباعد سواء على مستوى الأفراد او الجماعات او المناطق وقد تم عزل الأردن من كل المنافذ في فترة سبقت كثير من الدول الغنية والمتقدمة ما جعل الأردن من ضمن الدول الأولى في مجال مكافحة الوباء وهذا ما اعترفت به منظمة الصحة العالمية وبرز الفريق الفني والإداري في تحقيق الهدف الذي دعا اليه جلالة الملك وهو المحافظة على المواطن الأردني في كل مراحل عمره بالوسائل المتاحة وقد اثبت الأردن ان وسيلة التباعد الاجتماعي على حساب الخناق الاقتصادي والتعليمي والاجتماعي كانت أكثر فعالية من مناعة القطيع التي انتهجتها الولايات المتحدة وأوروبا في بداية الأزمة وهذا ما يترجم القيم التي تؤمن به القيادة في أن» الإنسان أغلى ما نملك» وان الإنسان بكل مراحل عمره هو سبيل الارتقاء بالوطن ويجب المحافظة عليه.