عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Jan-2020

مصلحة بوتين: منع الاشتعال - عوديد غرانوت

 

إسرائيل هيوم
 
حظيت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المفاجئة الى سورية، برفقة وزير دفاع سيرجيه شويغو وضباط روس كبار وكذا لقائه مع بشار الاسد في مقر قيادة الجيش الروسي في دمشق بعناوين عادية في وسائل اعلام الدولتين، فلم تنبئ بالتخوف الحقيقي الذي يسود الكرملين: الشرق الاوسط كله، بعد تصفية سليماني، قد يشتعل في كل لحظة.
يمكن لقلق بوتين هذا ان يشهد عليه، ضمن امور اخرى، الرد الروسي المنضبط على التصفية. فإيران وروسيا هما، ظاهرا، حليفتان. ومؤخرا فقط اجرتا مناورات في شمال المحيط الهندي. كان يمكن ان نتوقع من بوتين ان يوجه اتهامات شديدة لترامب على “الفعلة عديمة المسؤولية” التي اتخذها؛ ان يبدي تعاطفا مع بكاء خامينئي فيؤيد علينا حق ايران في انتقام شديد وأليم. كل هذا لم يحصل. فقد شجب الروس بلهجة هزيلة واكتفوا بمكالمات مواساة للمسؤولين في موسكو مع نظرائهم في طهران. وليس صدفة.
ينبغي لنا أن نتذكر بأن بوتين ليس فقط بطل العالم في العثور على الفرص للكسب السياسي بل وخبير ايضا في تشخيص المخاطر. والرئيس الروسي، بعد التصفية في بغداد، يشم خطرا. فرد منفلت العقال من الايرانيين على اغتيال الجنرال تجاه الاميركيين المرابطين في الشرق الاوسط لا بد سيجر رد فعل غير متوازن من القوة العظمى الاقوى في العالم. ومن هنا قصيرة جدا المسافة الى الاشتعال الكبير، اشتعال من شأنه أن يمس ايضا بمصالح روسيا.
بطبيعة الاحوال يتعلق هذان القلقان لدى بوتين بسورية، التي هي معقله الاساس في المنطقة. الاول: في شرق الدولة ما تزال توجد قوات اميركية. واذا ما حاول الايرانيون المس بها، فستعمل الولايات المتحدة في سورية؛ ليس فقط في شرقي الدولة بل وفي كل مكان تتواجد فيه ميليشيات مؤيدة لإيران. هذا سيحرج جدا القوات الروسية المرابطة في سورية. القلق الآخر هو ان تتلقى تلك الميليشيات امرا من طهران للعمل ضد اسرائيل من الاراضي السورية، كجزء من حملة الانتقام على التصفية. يفهم بوتين بأن اسرائيل لن تتجلد على عملية واسعة النطاق ضدها من خلف الحدود بل وربما ستتجاوز خطوطا حمراء، تقررت بين الدولتين، كضرب رموز النظام في دمشق.
اشارت مصادر روسية امس الى الزيارة المفاجئة التي قام بها الزعيم الروسي الى دمشق كمحاولة للتأكد من أن يعمل الاسد على لجم وتهدئة الميليشيات المؤيدة لإيران في أراضيه. فبوتين يريد هدوء في سورية وسيبحث في ذلك ايضا مع مضيفيه في اسرائيل في الزيارة القريبة التي كانت مع ذلك مخططة مسبقا، ولكنها اصبحت ذات صلة اكبر من اي وقت مضى بعد تصفية سليماني. كل ذلك شريطة الا يسارع الايرانيون الى الرد حتى قبل الزيارة، مثلما تنبأت امس بضع قنوات اعلامية في الولايات المتحدة.
من دمشق واصل بوتين طريقه الى أنقرة كي يبرد منطقة اخرى. في ليبيا ستبدأ في الايام القريبة القادمة حرب بين المرتزقة الروس، المؤيدون لجيش حفتر وبين المرتزقة الذين بعثت بهم تركيا لمساعدة الحكومة. سيحاول بوتين اقناع اردوغان بأن هذه معركة خاسرة، لأن جيش الجنرال سيطر منذ الآن على معظم اراضي الدولة، وانه من الافضل لموسكو وأنقرة التعاون لمنع اشتعال كبير، اذا كان ممكنا، في المنطقة الاقرب لحدود تركيا. اذا نجح بوتين في مهمة التهدئة، فإن ليبيا كفيلة بان تصبح المعقل البحري الثاني لروسيا في حوض البحر المتوسط، بعد سورية.