الراي
خدم الأب ميشال عساف ككاهن في الأردن ما بين عامي 1919 و 1924، وعيّن من قبل الأمير عبد الله الأول طيّب الله ثراه، عضوًا في مجلس المعارف العالي، ثمّ ما لبث أن انتخب أسقفًا على أبرشية بترا وفيلادلفيا وشرقي الأردن سنة 1948، وكانت تربطه بسمّوه علاقة مودة وصداقة تجلت من خلال المراسلات الكثيرة بينهما. ويطيب لي أن استشهد هنا بقصة الكعكة التي يرويها سيادته في رسالتين لسمو الأمير عبد الله الأول.
يقول: «إنكم لتعلمون يا مولاي ما أحمل لجلالتكم المفدّاة من الاجلال والاحترام وما أحفظه لكم من المحبة والاخلاص. وكلما ازددت بكم معرفة ازددت بكم اعجابًا وتعلقاً ولكم اكرامًا واعتبارًا. فإني ألمس لمس اليد ما انطوت عليه نفسكم العالية من الخصل الرفيعة. ولا عجب في ذلك فجلالتكم من صفوة آل البيت. والبيوتات في الدنيا قليل والشهامة أضحت أندر وأقل». ويتابع سيادته: «ورد عليّ من يومين كتاب من قريبة لي في الولايات المتحدة جاء فيه كلمة بشأن جلالتكم آثرت أن انقلها إليكم فتبين لجلالتكم ما نحفظه لكم في سرنا كما في ظواهرنا من?العاطفة الصادقة العميقة عسى تفي هذه العاطفة شيئًا مما لجلالتكم في رقابنا من ديون وديون. قالت لي هذه القريبة بكل سذاجة عائلية: «قرأنا في جريدة الهدى التي تصدر في نيورك نقلاً عن جرائد الوطن في هذه المدة عن حريتكم (...) وجرى مديح حضرة الملك عبد الله عاهل شرق الاردن وكيفة معاملته لشعبه وخصوصًا اللاجئين والفقراء. فهذه المعاملة يذكرها التاريخ إلى الأبد ونطلب من الله أن يحفظ وجوده ويطيل عمره لأنه يستحق الذكر الطيب» ثم تسألني إذا كانت الكعكة قد وصلت. وكانت قد أوصتني في كتاب سابق ببساطتها الفطرية أن ارسل لجلالتكم ق?عة منها. والكعكة هذه هي شيء من الحلوى تعودت أن ترسلها لي من حين إلى حين. فإذا وصلت هل تسمحون لي يا مولاي أن أقدمها كلها لجلالتكم وانتم أكرم من أن تبخلوا علينا؟ فتكون عربون اخلاصنا ومحبتنا العائلية القديمة والحديثة «1.
ويتابع سيادته في رسالة أخرى لسموه: «جسارتي أمام جلالتكم المفدّاة لاحد لها لكن كلامكم اوسع وأكرم. يا مولاي الكعكة الأميركية وصلت بعد أن قضت سجينة في مخازن بريد عمان اشهرا طوالا ولا أدري هل بقيت على رونقها فتحلوا في عينيكم ام بلي ثوبها فلا جمال لها، وانطوى كيانها فلا لذة فيها. اني ابعث بها كما هي واثقا بأن انظاركم العطوفة تعيد إليها رونقها، وودادكم القديم يرى فيها كل جديد. دوموا بالخير يا مولاي ولتصنكم عين الله الساهرة على مقدرات البشر والناظرات بارتياح إلى آل البيت الذين اصطفتهم ليكونوا شُهبًا تنير السُبل و?علامًا تهدي إلى كل مجد وشرف 2.
1-رسالة المطران عساف إلى الملك عبد الله بتاريخ ٢٦ كانون الثاني ١٩٤٩.
2- رسالة المطران عساف إلى الملك عبد الله بتاريخ ٢٢/ ٥/1949.