عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Jun-2020

بولتون: نتنياهو وقف بصف معارضي تواصل ترامب مع الإيرانيين - بقلم: امير تيفون

 

هآرتس
 
إحدى المواجهات الأكثر أهمية، التي جرت في إدارة ترامب في السنوات الاخيرة. في شهر آب (أغسطس) 2019 كما يبدو فان ترامب يقترب بخطوات واسعة من البدء في مفاوضات رسمية بين الولايات المتحدة وإيران. الإدارة انقسمت إلى معسكرين، صقور وحمائم، والبيت الأبيض كان على شفا الغليان. في جانب المعارضين كان يقف مايك بومبيو، وزير الخارجية المخلص للرئيس دونالد ترامب، وجون بولتون، الذي شغل في حينه منصب مستشاره للأمن القومي. وفي جانب المؤيدين وقف جارد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس الكبير، وستيف منوتشن وزير المالية الأميركي. وقد انضم إلى كل طرف من الطرفين زعيم دولة اجنبية: رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو مع بولتون وبومبيو، ورئيس فرنسا عمانوئيل مكرون مع منوتشن وكوشنر. بولتون الذي استقال بعد ذلك من البيت الابيض دخل في مواجهة قانونية وسياسية شديدة مع ترامب وألف كتابا هاجم فيه الرئيس الـ 45 وعرضه فيه كأنه “غير مؤهل لشغل هذا المنصب”، يكرس فصل طويل في كتابه للمواجهة في الصيف الماضي. في هذا الفصل يصف كيف عمل مع بومبيو ونتنياهو من أجل تخريب الاتصالات بين الولايات المتحدة وإيران واحباط رغبة الرئيس الصريحة في التقدم في الاتصالات مع الإيرانيين.
جذور هذه المواجهة الداخلية في البيت الأبيض تم غرسها قبل ذلك في شهر حزيران (يونيو) 2019 عندما ألغى ترامب في اللحظة الأخيرة هجوما مخططا له ضد إيران ردا على إسقاط طائرة أميركية بدون طيار. هذا الإلغاء أغضب الصقور في الإدارة وعلى رأسهم بولتون وبومبيو، وأدى إلى خيبة أمل وقلق في إسرائيل ايضا. هناك شخصوا في هذا السلوك دلائل على الضعف والتردد. بولتون كتب بأن المحور المضاد – مكرون وكوشنر – شخص بالتحديد فرصة لانطلاقة دبلوماسية، ستضع حدا للتوتر بين إيران والولايات المتحدة.
وبعد شهر ونصف الشهر وعلى خلفية استمرار التصعيد بين إيران والولايات المتحدة ازدادت مناشدات مكرون لترامب في الموضوع الإيراني. رئيس فرنسا عرض أن يقوم بدور الوسيط بين الطرفين، وحتى أنه طرح خطة، التي حسب رأيه استهدفت احضار الإيرانيين إلى طاولة المفاوضات دون أن تتراجع الولايات المتحدة بصورة رسمية عن العقوبات الاقتصادية القاسية التي فرضها ترامب على إيران. فكرة مكرون كانت تمكين إيران من “خط اعتماد” لمرة واحدة بمبلغ بضع مليارات من الدولارات، من اجل انعاش الاقتصاد الإيراني قليلا، ولكن لا يقتضي رفعا فوريا لمعظم العقوبات الأميركية.
بولتون وبومبيو عارضا منذ اللحظة الأولى مبادرة مكرون، وعملا على اقناع ترامب بمعارضتها. وفي منتصف شهر آب (أغسطس) خرج متشجع من محادثة حول الموضوع التي فيها قال له ترامب عن مكرون: “كل موضوع يقوم بلمسه يتحول إلى قذارة”. ولكن بعد بضعة أيام، مكرون احتج في أذن ترامب بأنه طلب محادثة هاتفية مع الرئيس ولكنه لم يحصل على رد خلال 48 ساعة. وترامب ردا على ذلك انفجر غضبا على بولتون واتهمه بأن الطلب الفرنسي لم يصل إلى مكتبه.
في نهاية شهر آب (أغسطس) عقد في بلدة على الشاطئ الفرنسي، بيارتس، المؤتمر السنوي لدول الـ “جي7”. ترامب حسب أقوال بولتون سافر إلى المؤتمر خلافا لرغبته. وشخصيات كبيرة في البيت الأبيض وجدت صعوبة في الحفاظ عليه في حالة تركيز خلال احاطتهم قبل عقد المؤتمر. وبعد فترة قصيرة من الهبوط تغير مزاج الرئيس نحو الأفضل عندما دعاه مكرون للقاء غير مخطط له على انفراد، الذي فيه ناقش بصورة حصرية الموضوع الإيراني.
مكرون وترامب تناقشا خلال تسعين دقيقة. وحسب أقوال بولتون، فان ترامب قال في وقت لاحق في ذاك اليوم بأن هذا اللقاء كان “أفضل ساعة ونصف الساعة شهدها”. اثناء المحادثة أبلغ مكرون ترامب بامكانية أن يقوم وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف الذي كان في حينه في باريس، بالقدوم الى بيارتس خلال المؤتمر. الهدف كان واضحا: ترتيب لقاء بين ترامب والوزير الإيراني ينهي التوتر المتواصل في الخليج العربي ويمكن ترامب من العودة إلى واشنطن مع إنجاز دبلوماسي.
بالنسبة للصقور في إدارة ترامب الذين كرسوا سنة من العمل لتفجير الاتفاق النووي وتشديد العقوبات على طهران فان الاقتراح الفرنسي كان غير مقبول عليهم. بولتون تلقى محادثة قلقة من بومبيو الذي بقي في واشنطن. بومبيو لم يعرف عن امكانية إجراء لقاء مع ظريف. الاثنان اتفقا فيما بينهما بأنه إذا جرى اللقاء فانهما سيقدمان استقالتهما من الإدارة احتجاجا على ذلك. وبولتون كتب أيضا بأنه طلب من طاقمه الشخصي تنظيم رحلة عودة له إلى واشنطن في اليوم التالي، والاستعداد لالغاء الزيارة الرسمية في أوكرانيا التي كان يجب عليه اجراءها.
خلال المحادثة الهاتفية أبلغ بومبيو بولتون بأنه على اتصال مع نتنياهو. وفي الليلة التي سبقت الدراما في بيارتس هاجمت إسرائيل أهدافا إيرانية في سورية ونتنياهو سارع إلى الاتصال مع بومبيو من اجل ابلاغه بالتفاصيل. في الجانب الإسرائيلي، كتب بولتون، زاد القلق من إمكانية أن يقرر ترامب الاستجابة لعرض مكرون والالتقاء مع ظريف.
بولتون لم يذكر في كتابه أن كل ذلك حدث قبل ثلاثة أسابيع من انتخابات أيلول (سبتمبر) 2019 في إسرائيل، التي خلالها حارب نتنياهو من أجل احتمالية الحصول على أغلبية في الكنيست والغاء لوائح الاتهام الجنائية ضده.
في نهاية المحادثة مع بومبيو، كتب بولتون، توجه إلى طاقم الرئيس الشخصي وحصل على تحديث رسمي: مكرون نقل لترامب دعوة منظمة للالتقاء مع ظريف، والرئيس أظهر رغبة شديدة لعقد اللقاء. وقد سارع بولتون لابلاغ بومبيو، والاثنان كانا على اتصال مع نتنياهو وسفير إسرائيل في واشنطن رون ديرمر. وفي مرحلة معينة طلب بولتون من بومبيو أن يبلغ نتنياهو وديرمر بأنه “يشعر مثل سلاح الفرسان”، أي أنه يخرج لمحاربة قوات أقوى منه، وهو غير واثق من أنه يستطيع منع ترامب من الالتقاء مع الإيرانيين.
القوى التي كانت تقف أمامه، حسب أقوال بولتون، هي في المقام الأول كوشنر ومنوتشن، حيث عبرا لترامب عن دعمهما لنيته الالتقاء مع ظريف. كوشنر قال إنه يؤيد إجراء اللقاء لأنه “لا يوجد لدينا ما نخسره”. بولتون يستخف بكوشنر في الكتاب ويكتب بأن “هؤلاء الأشخاص قادرين على التفكير فقط بالصفقة القريبة”. خلافا لبومبيو الذي كان في واشنطن ونتنياهو الذي كان في القدس (المحتلة)، فان منوتشن وكوشنر كانا مع ترامب في الفندق في بيارتس. بولتون اتصل مرة اخرى لاطلاع بومبيو على آخر المستجدات، والذي قال ردا على ذلك: “في الواقع جارد ومنوتشن، وهما اثنان من الديمقراطيين، يديران الآن سياستنا الخارجية”.
بولتون الذي طوال الكتاب يظهر السخرية من كوشنر كتب بأنه في مرحلة معينة طلب نتنياهو اجراء محادثة هاتفية مع ترامب. ولكن كوشنر عطّل الطلب. هو يصف محادثة هاتفية بين كوشنر والسفير الأميركي في إسرائيل دافيد فريدمان التي فيها شرح كوشنر للسفير بأنه من غير المناسب أن يقوم نتنياهو أو أي زعيم اجنبي آخر بالاملاء على ترامب مع من يلتقي. نتنياهو اضطر إلى الاكتفاء باستمرار العلاقة الوثيقة مع بولتون وبومبيو.
من أحبط في نهاية الأمر عقد اللقاء هي بالتحديد إيران. ترامب شرح لبولتون وكوشنر ومنوتشن بأنه يريد عقد اللقاء. ولكنه لن يوافق على اقتراح مكرون حول خط الاعتماد قبل أن يوافق الإيرانيون على اتفاق أكبر بين الطرفين. “هم لن يحصلوا حتى على خط اعتماد قبل انهاء كل القضية”، اقتبس بولتون ترامب. هذا الطلب كان معارضا لاقتراح مكرون وأدى بالإيرانيين إلى تصليب موقفهم ردا على ذلك.
بولتون كان على قناعة بأن اللقاء سيخرج إلى حيز التنفيذ. في اليوم التالي للنقاشات في غرفة الرئيس مع كوشنر ومنوتشن، ابلغه ترامب بأنه لم يحدث أي شيء في تلك الليلة. ومع ذلك، عرض بولتون في كتابه تقدير لم ينشر بعد يقول بأن لقاء ما مع ذلك جرى، لكن على مستوى أدنى، بين كوشنر أو منوتشن وبين ظريف، وذلك بهدف “فتح قناة اتصال للمستقبل”. وكتب أن الشك في أن هذا قد حدث تسبب مرة اخرى بقلق عميق في إسرائيل و”غضب” من جانب بومبيو.
“أنا لا أعرف إذا كنت قد أقنعت ترامب اخيرا بعدم الالتقاء مع ظريف”، كتب بولتون، “ولكن القرار بعدم القيام بذلك كان يكفي كي اواصل وظيفتي ولا أعود فورا الى واشنطن”. ولكن بولتون بقي في وظيفته فقط بضعة اسابيع. في منتصف أيلول (سبتمبر) ابلغه ترامب باقالته عن طريق تويتر. وفي السنة التي مرت منذ ذلك الحين لم يحدث أي تقدم دبلوماسي في الاتصالات بين إيران والولايات المتحدة. ترامب، مع ذلك، لم يتنازل بعد عن هذا الطموح. قبل أسابيع شكر إيران على اطلاق سراح السجين الأميركي الذي احتجز في إيران وناشد زعماء الجمهورية الإسلامية: “لا تنتظروا الصفقة الكبرى الى ما بعد الانتخابات الرئاسية”.