عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Feb-2019

مصر: تكریم روایة "المولودة" یجدد الجدل عن أحقیة الكتابة بـ"العامیة

 

عمان -الغد- أعلنت جائزة ساویرس الثقافیة، الجمعة الماضي أسماء الفائزین بالجائزة في مجالات الروایة، والقصة القصیرة، والسیناریو، والنص المسرحي، والنقد الأدبي، في دورتھا 14 لعام 2019 ،وذلك في الحفل الذي أقیم في المسرح الكبیر بدار الأوبرا المصریة، بحضور كوكبة من رموز الفن والثقافة والسیاسة.
وفازت الكاتبة نادیة كامل بأفضل عمل روائي بفرع كبار الأدباء عن عملھا ”المولودة“ المكتوب باللغة العامیة، مناصفة مع سحر الموجي صاحبة روایة ”مسك التل“.
في حین فازت في تصنیف الكتاب الشباب روایة ”الفابریكة“ للكاتب أحمد الملواني بالمركز الأول، كما فازت بالمركز الثاني روایة ”قریبا من البھجة“ للكاتب أحمد سمیر.
ومع الإعلان عن الفائزین بجائزة ساویرس، بحسب (الجزیرة نت)، تجدد الجدل حول اللغة العامیة، التي كتبت بھا روایة ”المولودة“ الفائزة بالمركز الأول وروایات أخرى كذلك كتبت باللھجة العامیة المصریة أو بمزیج من العامیة والفصحى.
ویتكرر الجدل حول أحقیة الكتابة العامیة بالحفاوة الأدبیة مع كل فوز مماثل، ومع ذلك اعتبرت
مؤسسات الثقافة المصریة الرسمیة اللغة العامیة لغة أدبیة تستحق الحفاوة منذ زمن طویل، وشھدت الحیاة الثقافیة المصریة بروز شعراء عامیین مثل بیرم التونسي وصلاح جاھین وعبد الرحمن الأبنودي وأحمد فؤاد نجم وسید حجاب وغیرھم ممن استقبلتھم النخب الثقافیة المصریة بالحفاوة والتقدیر.
وتبدو فكرة أحقیة اللغة العامیة في أن تكون لغة أدب كما ھي لغة للغناء والسینما حاضرة لدى مثقفین مصریین یرون فیھا عنواناً لثقافة محلیة ووطنیة ممیزة، ومع ذلك كتبت روائع روایات الأدب المصري الحدیث بلغة عربیة فصیحة مثل روایات نجیب محفوظ الفائز بجائزة نوبل للآداب.
فھي لغة فصیحة مبسطة وسھلة وصفھا عمید الأدب العربي طھ حسین بأنھا ”لغة وسطى یفھمھا
ئت علیھم، وھي مع ذلك لغة كل قارئ لھا مھما یكن حظھ من الثقافة ویفھمھا الأمیون إن قُرِ فصیحة نقیة لاعوج فیھا ولا فساد، وقد تجري فیھا الجملة العامیة أحیاناً حین لا یكون منھا بد، فیحسن موقعھا وتبلغ منك موقع الرضا“.
ودارت معركة فكریة كبیرة منذ نحو ثمانین عاماً، عندما حاول الأدیب طھ حسین في الجزء الأول من كتابھ ”مستقبل الثقافة في مصر“ إثبات أن العقل المصري أقرب إلى العقل الأوروبي، وبالتالي العقلیة الیونانیة ولیس العقل الشرقي.
وسعى طھ حسین للتأكید على أن مصر وإن كانت شرقیة من الناحیة الجغرافیة فإنھا غربیة العقل، نظراً لاتصالھا على مدار عدة قرون بحضارة البحر المتوسط ، ورأى أن مستقبل الثقافة فیھا مرتبط ارتباطا قویا بماضیھا البعید، فلا یمكن فصل الثقافة المصریة القدیمة عن مصر الحدیثة، ولا فصل تاریخ مصر القبطیة عن عصرنا الحدیث.
لكن طھ حسین مع ذلك تمسك باللغة العربیة الفصیحة، وھاجم في أحد مقالاتھ دعاة العامیة، مظھراً حرصھ على الالتزام بقواعد اللغة وأسالیبھا الأدبیة وعباراتھا الفصیحة، ووصف الأدباء الشباب الذین یكتبون بالعامیة بعبارات قاسیة في كتابھ ”خصام ونقد“، قائلاً: ”إنھم أشقیاء بفنھم، تعوزھم وسیلة الأداء، آثارھم أشبھ بالجمال البارع یعرض في الأثواب الرثة المھلھلة التي تفسد جمالھ، وسبب ذلك خروجھم على ما ألف الناس من صور البیان، وإیثار الفصاحة على الركاكة، وحین أحسوا بالعجز ثاروا على اللغة نفسھا ونصبوا لھا حرباً، أقل ما توصف بھ أنھا عقیم، لا تغني شیئاً، فلیس من الحق في شيء أن اللغة العربیة الفصحى قد ماتت، أو أشرفت على الموت- كما یزعم بعضھم- بل لیس من الحق أن قد أدركھا ضعف أو فتور أو قصور، وآیة ذلك أن الناس یعربون بھا عن ذات أنفسھم حین یكتبون دون حرج، ویؤلفون الكتب، ویترجمون ما یؤلف غیرھم من الأجانب، وینشرون الصحف والمجلات والناس یقرأون ذلك دون أن یجدوا بأسا، وثمة أناس ینشرون الكتب القدیمة التي كتبت بالفصحى، فیقرأھا أصحاب الثقافة العمیقة الواسعة، وأصحاب الثقافة المتوسطة الضیقة.. ولیس ھذا شأن اللغة التي ماتت، وإنما شأن اللغة  التي ما زالت حیة قادرة على الحیاة“.
وأضاف عمید الأدب العربي ”إن أدباءنا الشباب یتطورون في خطأ حین یظنون أن العربیة الفصحى لا یمكن أن تصح ولا أن تستقیم إلا إذا اتخذت ذلك الشكل القدیم الذي یألفونھ في شعر القدماء ونثرھم أثناء القرون الثلاثة أو الأربعة الأولى للھجرة“.
وحتى الأغاني الشعبیة المكتوبة بالعامیة لم تسلم من ھجوم عمید الأدیب العربي طھ حسین، إذ
وصفھا بأنھا أغان حماسیة، مخرجاً إیاھا من دائرة الأدیب، ووصفھا أي الأغاني والمسارح الشعبیة العامیة بأنھا ھذیان وسخف، مؤكداً -في حواره مع مجلة آخر ساعة في كانون الأول (دیسمبر) 1956 أن دور الأدیب ھو ”رفع الشعب إلیھ لا أن ینزل لھ“، منوھاً إلى مسرحیات فصیحة نالت إعجاب الجمھور مثل مجنون لیلى ومسرحیات عزیز أباظة.
ومثل طھ حسین، انتقد الأدیبان المصریان عباس العقاد ومصطفى صادق الرافعي الكتابة العامیة، وھاجما الداعین إلى استخدامھا.
وترى بعض دور النشر المصریة في الكتابة العامیة فرصة للترویج وتحقیق الأرباح، في حین ترفض دور نشر أخرى روایات العامیة، أو تقوم بإعادة تحریرھا لتكون فصیحة مبسطة وبعیدة عن ”اللھجات المحلیة الخاصة“، التي تحصر انتشار الروایة على مستوى محلي فقط.