عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    04-Jul-2022

الخيط الفاصل بين الموت والحياة*احمد ذيبان

 الراي 

بقدر ما تشكل السيارة وسيلة نقل عظيمة، لكنها تتحول أحياناً إلى أداة قتل بشعة، خاصة وسط أزمات السير الخانقة وغياب الالتزام بقواعد المرور! بالاضافة الى رداءة الطرق، وإحداها «طريق العارضة» التي تربط العاصمة والسلط بالاغوار الوسطى – لواء ديرعلا، طريق جبلية وعرة تكثر فيها المنعطفات، ضيقة تتسع لسيارتين فقط بالاتجاهين، السير فيها يحتاج الى حذر شديد، وقد تعب سكان الاغوار لكثرة مطالبتهم الحكومات بتوسيع الطريق وإضاءتها،وهي شريان حيوي يخدم مئات الآلاف من المواطنين!
 
وقد كتبت حولها مرات عديدة، وهناك منحة صينية لتوسعة الطريق منذ عام 2014، ولم تتخذ الحكومات المتعاقبة الاجراءات اللازمة لتنفيذ المشروع، وبتاريخ 24 نيسان الماضي أعلن وزير الأشغال العامة قرب بدء العمل بالمشروع، وبتاريخ 17 أيار الماضي وكان يوم ثلاثاء، اتصلت مع امين عام وزراة الاشغال، وسألته عن موعد التنفيذ وأبلغني أن العمل سيبدأ الأسبوع المقبل، وها نحن في شهر تموز ولم يبدأ العمل!
 
أنا شخصيا أعرف الطريق جيداً وأسلكها باستمرار، كنت عائداً من الغور الى عمان قبل بضع سنوات، وكان أمامي باص نقل «كوستر» محملا بالركاب يسير ببطء، وعندما بدأت تجاوزه فوجئت بسيارة «بك أب» تداهمني بسرعة هائلة وكاد يصعد فوق سيارتي، الباص بجانبي وعلى يميني وادي سحيق والجبل إلى يساري، جميع الخيارات مرة.. ولو كنت أقود طائرة لقفزت بالمظلة!
 
كان الخيار الوحيد أمامي للفرار من الموت أو إصابة مدمرة الاصطدام بالباص من الخلف.. عشت لحظات عصيبة، وكيف يتصرف الانسان عندما يباغته خطر داهم يقربه من الموت «غمضة عين"!
 
هناك روايات عديدة لاشخاص يقولون أنهم عاشوا لحظات الموت! فطبيب الأعصاب الأردني الشهير الدكتور «ابراهيم صبيح » قال في برنامج تلفزيوني: «روحي اخترقت الجدران، ورأيت جسدي وأنا ميت» عام 1973 عندما كان عمري 21 عاماً، حيث أصبت بنوبة قلبية نتيجة شراهتي للتدخين، ثم فجأة سمعت الدكتور يقول لي: حمد الله على السلامة بعد أن حقنني بالأدرينالين».
 
وهو يعتقد أنه كان معلقاً بين الحياة والموت، لأن الأجل لم يحن بعد، لذلك رجعت الروح مرة أخرى إلى جسده.
 
سافرت جوا آلاف الكيلومترات بكل ما يرافق ذلك من هواجس، وأمضيت داخل سفينة سياحية آلاف الكيلومرات لمدة تسعة أيام بلياليها، كان البحر يغضب في بعض الأحيان، وهدير صوت الموج يذكر بكارثة «تايتنيك»، لكن ذلك كله لم يشعرني بالوقوف على حافة الموت، كما شعرت بحادث السير في طريق العارضة!
 
الموت حقيقة مطلقة تطال الجميع، لكن لا أحد يرغب بالموت حتى من «يجاهدون» على جبهات القتال دفاعاً عن الوطن والعقيدة. وقد شغلت الرغبة في تعرف حقيقة الموت، أذهان العلماء والفلاسفة منذ القديم، وحسب فلسفة سارتر الوجودية، فان الموت هو مصدر خوف الانسان وصراعه وحروبه، ومصدر أمراضه وفقره وقهره، ويرى أن الأجوبة على حيرة وقلق الإنسان، أن يعيش واقعه الحاضر، دون الشعور بالقلق من المستقبل، من الموت، الألم..