عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Jul-2024

المسألة اليهودية والصهيونية*د. زيد حمزة

 الراي 

ما زالت «المسألة اليهودية» ووصفت بمعاداة السامية (تعبير تاريخي غير علمي) أي كراهية اليهود التي شغلت أوروبا وبعضاً من سواها لعدة قرون، تطفو على سطح الأحداث بين الحين والأخر، رغم أن كثيرين توهموا أنها انتهت بانتهاء «الهولوكوست» واندحار المانيا النازية في الحرب العالمية الثانية، ومحاكمة قادتها في نورمبرغ وفرض العقوبات المشددة عليها بالغرامات المالية الباهظة التي ما انفكت تدفعها حتى الآن، لا بل أنهم توهموا أن المسألة انتهت نهائياً بإنشاء دولة إسرائيل بزعم إيواء جميع يهود العالم حسب النبوءة التوراتية ولو بطرد الفلسطينيين من بلدهم وإقامة دولة فصل عنصري مكانهم تمارس بحقهم مختلف صنوف القمع والاضطهاد حد القتل الذي بلغ ذروته الان في الحرب على غزة، ومن المعروف أن الصهيونية وبطرقها المختلفة، المشروعة منها وغير المشروعة، كانت وراء الجهود الكبيرة الواسعة لإنهاء «المسألة» أو علاجها (!) منذ مؤتمر بازل ١٨٩٨ وذلك بالتواطؤ مع الإمبراطوريتين الاستعماريتين الآفلتين البريطانية والفرنسية في تقسيم سوريا الطبيعية تطبيقا لاتفاقية سايكس بيكو ١٩١٦ إلى دويلات هي سوريا ولبنان وشرق الأردن وفلسطين توطئة لإقامة الدولة العبرية في الاخيرة وهي الاتفاقية التي كانت سرية إلى أن كشف عنها الاتحاد السوفييتي بعد الثورة البولشيفية عام ١٩١٧ فجرى الإعلان عن مشروعها بوعد بلفور وزير خارجية بريطانيا المنتدبة من قبل عصبة الأمم المتحدة لإدارة فلسطين وشرق الأردن والعراق «بإعطاء ارض بلا شعب لشعب بلا ارض»، وشاركت الولايات المتحدة الأميركية حتى من مكانها القصي وراء المحيطات في ادق تفاصيل هذا الوعد الاستعماري الاستيطاني تمهيداً لتحقيق هدفها المستقبلي بان ترث بريطانيا في منطقة الشرق الأوسط الغني بالنفط كجزء من الهيمنة على العالم، ولا عجب في أن يشكل هذا التاريخ أيضا البدايات الطبيعية التلقائية للمقاومة الفلسطينية للأهداف الصهيونية ويقظة الوعي السياسي العربي العام على خطورة الاستعمار بمجمله.
 
وعلى هذا الطريق الطويل مارست الصهيونية مبدأ «الغاية تبرر الوسيلة» بأنماط من الانتهازية لم تخطر ببال،فقد تواطأت منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية مع كبار القادة وضباط الاستخبارات الالمانية اثناء الهولوكوست (أيخمان نموذجاً) في ترغيب يهود اوروبا الشرقية بالهجرة إلى فلسطين مقابل إعفائهم من المحرقة! رغم أن كثيراً منهم كانوا بعد ذلك منخرطين في مقاومة الاحتلال الالماني أسوة بغيرهم من مواطني بلادهم المختلفة في اوروبا، ولعل ما جاء في كتاب «العلاقات الصهيونية مع المانيا النازية“للمؤلف المفاجأة(!) فارس يحيى (ابن جون غلوب) يشي بالكثير مما ينبغي الاطلاع عليه في هذا المضمار الهام، كما تسللت الصهيونية إلى صفوف الحزب الشيوعي السوفييتي سعياً وراء الحصول على دعمه ل «الرفاق» الاشتراكيين المزعومين في الكيبوتزات، وذلك بتسهيل هجرة يهود الاتحاد السوفيتي الى فلسطين! ما أدّى ايضا إلى أن الغضب العربي العارم المنصب على أميركا والغرب بسبب الدعم المطلق لإسرائيل راح يتحول بشكل مدبر إلى مظاهرات في العواصم العربية تهاجم القنصليات الروسية! وتم فتح مراكز للحركة الصهيونية في عديد من عواصم العالم الغربي من أجل دعم الدولة اليهودية الناشئة بالمال وتطور نفوذ هذه المراكز وقويت سياسيا حتى بدأت تتمكن في الفترات اللاحقة من تعديل قوانين أساسية في دساتير الدول لكي تخدم اغراضها ومن إخطرها ما تعلق بحرية التعبير العريقة والراسخة فيها ليصبح بالإمكان تجريم اي نقد موجه من أي جهة أو شخص إلى إسرائيل أو حتى حكومتها، هذا عدا عن اعتبار نشاط «المقاطعة» الفلسطينية ممنوعاً!.
 
وبعد.. فحديث الصهيونية طويلٌ طويل لكن السؤال الذي يقفز في وجه الباحث أو المتابع هذه الأيام شديدة التوتر والعنف والاحتدام، فيتعلق إلى درجة خطيرة بمصير الحركة الصهيونية من أساسها، وبالتبعيّة مصير دولة الأبارتايد الثانية في التاريخ البشري!.