عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Apr-2025

رد جيفري ساكس على بوافنتورا سانتوس

 الغد

جيفري دي ساكس – (أذر نيوز) 14/4/2025
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
 
يرد الأستاذ بوافنتورا دي سوزا سانتوس على مقالي (1) من خلال مهاجمة حجة وهمية لم أطرحها. إنني أدعو إلى تعددية مبنية على عالم متعدد الأقطاب، بينما يهاجمني سانتوس بملاحظة أن "نظاما عالميا، أحادي القطب أو متعدد الأقطاب، يستند إلى نفس الأسس المعرفية والأخلاقية التي هيمنت منذ القرن الخامس عشر، لن يفعل شيئا لنصرة مبدأ العيش وترك الآخر يعيش".
 
 
ولكن، من الذي يمكن أن يعتقد بخلاف ذلك؟ أنا بالتأكيد لم أدعُ أبدا إلى نظام عالمي "قائم على نفس الأسس المعرفية والأخلاقية التي سادت منذ القرن الخامس عشر". فكيف أمكن أن يتخيّل الأستاذ بوافنتورا ذلك على الرغم من إصراري المتكرر، وعلى مدى سنوات طوال، على ضرورة إعادة بناء العالم وفق مبادئ أخلاقية مغايرة تمامًا لتلك التي قامت عليها الافتراضات الإمبريالية الغربية خلال القرون الخمسة الماضية؟!
كما أنني لا أعتقد بأننا نعيش في عالم أحادي القطب. لقد كتبت مرارًا عن أن القادة الأميركيين اعتقدوا، بغطرسة، بوجود عالم أحادي القطب بعد العام 1991، وأنهم تصرفوا على نحو مشين بناءً على ذلك الاعتقاد. وأوضحت مرارا أن العالم أصبح بالفعل متعدد الأقطاب من الناحية الاقتصادية والتكنولوجية، لكنه لم يصبح بعد متعدد الأطراف من حيث الجغرافيا السياسية، لأن دور العالم غير الغربي وأصواته ما تزال ممثلة بشكل منقوص في المؤسسات العالمية الرئيسية. وأنا على وعي تام، كما يكتب البروفيسور بوافنتورا، بأن "البلد الأكثر قوة هو الذي يسبب أكبر قدر من الفوضى"، وهي نقطة أؤيدها بشدة.
ربما يكمن سوء التفاهم بيننا في المسميات. فقد كتبتُ في مقالي: "سوف يتحقق العالم متعدد الأقطاب عندما يتطابق الوزن الجيوسياسي لآسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية مع وزنها الاقتصادي المتزايد". وكان ما قصدته بذلك -للتوضيح- هو أن الانحدار المؤكد في القوة الاقتصادية والتكنولوجية (وبالتالي العسكرية) للغرب، لم يقابله بعد صعود مناسب وضروري وتمس الحاجة إليه للقوى الرسمية للعالم غير الغربي في الحوكمة العالمية.
أما حيث يوجد خلاف أساسي بيني وبين الأستاذ بوافنتورا، فهو في نظرتي إلى الأمم المتحدة. يكتب بوافنتورا: "ربما من باب اليأس، ما يزال جيفري ساكس يؤمن بالدور الدولي للأمم المتحدة". نحن نتفق بالتأكيد على أن الأمم المتحدة ضعيفة، لكنني أعتقد أنها تستطيع أن تكون قوية -وأنها تحتاج بشكل عاجل إلى تقويتها. أما هو، فيبدو أنه يعتقد أنها يجب أن تُقتل -أو أنها ماتت مسبقا.
من وجهة نظري، هذا التوجه خاطئ. إن الثغرات الواضحة في فعالية الأمم المتحدة ليست مبررًا لإلغائها، بل هي أسباب ملحّة لتعزيزها وتقويتها، بما يشمل إجراء تغييرات جوهرية في إدارتها وتمويلها. وسوف أعقد في هذا الخريف مؤتمرا أكاديميا في جامعة كولومبيا حول المادة 109 من "ميثاق الأمم المتحدة"، لبحث إمكانية إبرام اتفاقية جديدة لتعديل الميثاق بما يواكب متطلبات القرن الحادي والعشرين. إننا في أمسّ الحاجة إلى حوكمة عالمية فعّالة تستجيب لأزمات عالم مترابط في حالة أزمة.
 
‏*جيفري دي ساكسJeffrey D. Sachs: أستاذ جامعي ومدير مركز التنمية المستدامة في جامعة كولومبيا، حيث أدار "معهد الأرض" من العام 2002 حتى العام 2016. وهو أيضًا رئيس "شبكة حلول التنمية المستدامة" التابعة للأمم المتحدة، ومفوض "لجنة النطاق العريض للتنمية" التابعة للأمم المتحدة. شغل منصب مستشار لثلاثة أمناء عامين للأمم المتحدة، ويعمل حاليًا في الترويج لأهداف التنمية المستدامة في عهد الأمين العام أنطونيو غوتيريس.
*بوافينتورا دي سوزا سانتوس Boaventura de Sousa Santos: عالم اجتماع. وأستاذ متقاعد فخري في كلية الاقتصاد، جامعة كويمبرا (البرتغال). وأستاذ متميّز في جامعة ويسكونسن-ماديسون (الولايات المتحدة الأميركية). أحدث كتبه هو "إنهاء استعمار الجامعات: تحدي العدالة المعرفية العميقة".‏ Sustainable Development، مع بان كي مون.‏
*نشر هذا الرد تحت عنوان: Jeffrey Sachs Reply to Professor Boaventura de Sousa Santos
*ملاحظة: ترجمات مقالَي ساكس بوافنتورا منشورة في عددي "الغد" يومي 19 و22 نيسان (أبريل) على التوالي.