عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    29-Jan-2019

السلام مع العرب… هل يحتكم إلى الضائقة والمصلحة؟ - ايدي كوهن

 

في 6 كانون الثاني نشرت وزارة الخارجية بياناً بالعربية كشفت فيه عن ثلاث زيارات لوفود عراقية ضمت شخصيات سُنية وشيعية متنفذة في العراق، وصلوا إلى إسرائيل في أثناء العام 2018. لم يكشف النشر النقاب عن أسمائهم، وأعطى النبأ صداه في العراق بعد أن سرب أن من بين الزوار أعضاء برلمان حاليين. وطلب الكثير من أعضاء البرلمان، وعلى رأسهم رئيس البرلمان، تشكيل لجنة تحقيق ومحاسبة كل من اتصل بـ «الكيان الصهيوني». فقد أحاطت معارضة التطبيع مع إسرائيل الجميع، باستثناء عضو برلمان واحد سابق، سنروي قصته لاحقاً.
معظم الإسرائيليين يريدون السلام مع جيراننا. ولكن تجربة العقود الأخيرة دفعت إلى التفكير بجدية بالتنازلات التي نعنى باحتوائها من أجل السلام الموهوم. السلام مع مصر باهظ الثمن، والسلام مع الأردن يجتاز هزة على خلفية رفضه تجديد ملحق في اتفاق السلام يمدد استئجار نهرايم وجيب تسوفر.
واضح أن جيراننا لا يتطلعون إلى السلام إلا من منطلق الضائقة والمصلحة. وهم يعرفون كيف يستخدمون المساعدة الإسرائيلية في ظل وعود عابثة بعلاقات سلمية مستقبلية. والنماذج عن ذلك كثيرة. في الثمانينيات باع المسيحيون في لبنان لإسرائيل وهم السلام، الذي سيتاح بعد خروج الفلسطينيين من لبنان؛ وأدى الأمر بإسرائيل ضمن أمور أخرى إلى الوصول إلى بيروت وطرد الفلسطينيين، أما النتائج فمعروفة.
في السنوات الأخيرة، بمساعدة الشبكات الاجتماعية والهجرة الجماعية للسوريين إلى أوروبا، اتيح للعديد من الإسرائيليين الاتصال برجال معارضة سوريين، وأعرب هؤلاء عن أملهم في السلام مع إسرائيل، بعد أن تساعد في إسقاط نظام الأسد. الأسد لم يسقط، والسلام مع سوريا غير موجود.
رياح السلام بين إسرائيل والعراق تجددت. ففور سقوط صدام حسين، جاء إلى إسرائيل عشرات أعضاء البرلمان العراقي؛ معظمهم خافوا من الإعلان عن ذلك على الملأ. البارز بينهم، الذي تباهى ولم يخف من زيارته إلى البلاد، هو عضو البرلمان في حينه مثقال الألوسي. في 2004 زار الألوسي البلاد، وبلغ المحللون في إسرائيل عن السلام الذي يأتي من العراق. بعد وقت قصير من ذلك، طرد من البرلمان وقتل ابناه على أيدي مجهولين في العراق. أما الالوسي نفسه فلم ينتخب ثانية لعدم اجتيازه نسبة الحسم.
العراق دولة ضعيفة، ورغم كونه أحد أغنى الدول في العالم بالمقدرات الطبيعية، فإنه لا ينجح في توفير الكهرباء ومياه الشرب لسكانه. ومل العراقيون هذه الحياة، فيما هم يقفون عديمي الوسيلة ويرون كيف يسرق نفطهم، إلى جانب مقدرات طبيعية أخرى من قبل إيران التي تتحكم بالعراق من خلال الميليشيات الشيعية (الحشد الشعبي) منذ سقوط صدام. أما العراقيون الذين يريدون التحرر من الإيرانيين بأي ثمن، فيطلبون المساعدة العسكرية من إسرائيل مقابل وعود عابثة بالسلام. لشدة الأسف، ففي إسرائيل يخصصون مقدرات عديدة من أجل هذا الهدف عديم الاحتمال.
في أوروبا عشرات آلاف اللاجئين العراقيين ممن لا يمكنهم العودة إلى وطنهم، وهم يتطلعون إلى أن تساعد إسرائيل في إخراج الإيرانيين من العراق ويعدوننا بالسلام حين يعودون إلى بلادهم ويمسكون بالقيادة.
وهكذا أضيف العراق أيضاً إلى قائمة الدول العربية التي تطلب مساعدة إسرائيل مقابل الوعود بسلام مستقبلي، ضريبة لفظية تشبه الضريبة اللفظية التي شهدناها مع المسيحيين في لبنان في الثمانينيات، ومؤخراً مع المعارضة السورية.
السلام مع العراق على مسافة سنوات ضوء. في تشرين الأول 2017 سن البرلمان العراقي قانوناً يحظر رفع علم إسرائيل ويحدد مدة حبس فعلي لمن يخرقه. إذا لم نكن تعلمنا من تجربة الماضي فعلى الأقل فلنتعلم كيف نقرأ الحاضر على نحو صحيح.
 
 
إسرائيل اليوم