عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Feb-2024

ريشة الهريني تمزج الألوان بحكايا ومشاهد الطبيعة

 الغد-رشا كناكرية

 من داخل غرفتها الصغيرة وبيدٍ تعشق الريشة واللون، انطلقت الشابة حنين الهريني بخطى ثابته نحو حلمها الأكبر لإدراج لوحاتها الفنية في المعارض المحلية والدولية، لتسطر بذلك اسمها بين الرسامين الأردنيين بموهبة مميزة في الرسم أظهرت مفردات وإبداعات فنية.
 
 
وفي حديث خاص لـ "الغد" بينت الهريني، أنها اكتشفت شغفها بالرسم منذ صغرها فقد كانت تجذبها الألوان والدرجات وتلفتها الرسومات لتتأملها لساعات، ثم تبدأ رحلة تحليل دمج الألوان والخطوط، لتختار أن تكتفي بالنظر فقط، إلى أن بدأت ترسم كل ما يعجبها، وقد عرفت بين زميلات دراستها برسمها الجميل، فكانت مطالبة دائما برسم اللوحات. 
 
وأوضحت الهريني أنها طورت موهبتها بالممارسة، اذ أصبح الرسم "إدمان أيامها" بحسب وصفها، مبينة انها كانت تضع امامها ما تريد رسمه وفي كل مرة تبدل بين مزهرية وورد وكتب، وفي بعض الاحيان تنتقل لترسم شقيقاتها، لتراقب أماكن الظل والضوء، مشيرة إلى انها لم تكن تتقن رسمها من المرة الأولى ولكن بعد محاولات متتالية أتقنت الرسم.
ولرسم جسم الإنسان استعانت الهريني بكتب الطب "التشريح"، وأصبحت تجرب رسم تشريح الوجه والجسم واتجاه العضلة ليساعدها على تحديد اتجاه الظل، وهذا مكنها من إتقان نسب الوجه والجسم، كما تتبعت لوحات فنانين كبار وجربت تقليدها لتتعلم منها، وكيف تتجه حركة الفرشاة بالأسلوب المستخدم في الرسم.
وتلفت الرسامة إلى أنها شخصية انطوائية وأغلب أوقاتها تمضيها في غرفتها ترسم وتجرب مختلف أنواع الألوان والرسم، موضحة أنها كانت تجمع المال وتدخره لشراء أدوات الرسم حيث كانت تذهب للمكتبة وتبدأ رحلة الأسئلة لمعرفة كل فرشاة لماذا وكيف تستخدم، ثم تقوم بشرائها.
وفي البداية كانت الهريني ترسم بالرصاص ومن بعدها انتقلت للرسم بالألوان الزيتية، وعندما تمكنت من معرفة خصوصيته، بدأت تتحدى نفسها وتجرب باقي أنواع الرسم.
وتذكر صاحبة الموهبة، أنها تتقن الرسم الزيتي والرصاص والفحم والباستيل والإكريليك والمائي، مبينة أن لكل نوع روحانيته الخاصة به، ولكن النوع الأقرب لنفسها الزيتي والباستيل.
هذا وقد اختارت أن تكمل دراستها الجامعية في تخصص علم النفس، إلى جانب ممارسة موهبتها بالرسم، وكانت تحاول تدمج الأمراض النفسية ومعالجتها بالرسم.
وقد عرضت الهريني أعمالها الفنية للمرة الأولى في معرض الجامعة سنة 2013، وكانت من أجمل المشاعر التي عاشتها في حياتها بحد وصفها، وهذا المعرض أعطاها الحماس والدافع لإكمال المشوار.
وتذكر أنها قبل المعرض كانت تفكر ماذا سيقولون عن عملها؟، ولم تكن واثقة من قوة موهبتها، ولكن بعد ذلك أصبح لديها ثقة كبيرة بنفسها، وأصبحت تشعر أن ما تملكه من مهارة ليس موهبة فقط بل هو كنز، بحد قولها.
وبعد تخرجها من الجامعة اتجهت الهريني إلى دراسة دبلوم العلاج بالفن وعملت به، ومن بعدها اختارت أن تلتحق بمعهد الفنون الجميلة سنة 2019 لتدعم موهبتها بشهادة دراسية، لتمضي بخطوات واثقة في طريق النجاح.
وخلال السنوات التي سبقت دخولها معهد الفنون الجميلة، كانت الهريني تعمل وترسم وتشارك بمعارض والكثير من الأشخاص شجعوها لحمل شهادة بما تتقن، لأنها ستفيدها في مجالها وتطورها أكثر وضمن هذه الفترة لم تبتعد عن الرسم.
كما شاركت الرسامة بمعرض خارجي تم تنظيمه في تركيا "The golden brush: وتقول، "كنت فخورة جدا بنفسي عندما رأيت نقّادا عالميين يقيّمون لوحاتي ويمدحون عملي"، منوهة إلى أن مشاركتها جاءت من خلال رؤية عملها على صفحتها على الفيسبوك وبسببها تلقت دعوة للمشاركة.
وتلفت الهريني إلى أنها شاركت بالموسمين من المعرض، ولكن الموسم الأول هو الذي لا تنساه، لأنها كانت المرة الأولى التي تشارك فيها إلى جانب فنانين عالميين عرب وأجانب وتتعرف عليهم، منوهة إلى أنها رسموا مع بعضهم مباشرة وتم عمل كتاب لجميع الرسامين المشاركين مع صور لوحاتهم.
وتبين الرسامة أنها أصبحت تشارك بمعارض وتلتقي بفنانين كبار، موضحة بأنها كانت تسأل دائما كل شخص يقف أمام لوحاتها، من نقاد وفنانين عن رأيهم وعن نقاط الضعف لتستفيد من أي ملاحظة.
وتشير إلى أنه حتى في أوقات ضيقها وحزنها، ترى في الرسم والألوان راحتها بمجرد أن تمسك الفراشاة وتلمس الألوان بأصابعها، وتشعر بأن روحها من روح الألوان، مبينة أن الرسم هو حالة تبادلية فهي ترسم على اللوحة والريشة ترسمها وترممها من الداخل، لذلك تخلق حالة غريبة وقوية بين الفنان ولوحاته.
وتؤكد أنها عملت على تطوير نفسها بنفسها، إذ كانت شديدة التعلق بالرسم، ولكن لم يكن هنالك أي داعم أو مشجع، فكان الهدف التميز والوصول للمشاركة بالمعارض المحلية والدولية.
وتذكر الهريني أنها شاركت بمعارض محلية كثيرة في: العقبة وعمان وإربد، ودولية في تركيا ودبي ومصر، ودائما كان لديها هدف في كل معارض جديد تشارك به، وهو أن تكون اللوحة في المعرض أقوى من السابق له.
ومن جهة أخرى سعت إلى استثمار مهارتها في الحصول على مردود مادي، وبالبداية بدأت تتلقى طلبات رسم صور شخصية، ثم طلبات لوحات بالألوان الزيتية أو الاكريلك، إلى جانب تقديم حصص رسم ودورات للأطفال وللكبار، بالإضافة لمشاركتها بكل مناسبة للرسم وعرض عملها لبيعها، وتذكر أن أول مرة باعت لوحة شعرت بالضيق وكأن قطعة من روحها خرجت، إذ إن لوحاتها تعني لها الكثير وجزءاً منها.
ورسمت الهريني غلافا لروايتين "مذكرات سقيم، وظل" وما زالت لديها أفكار عديدة لتطور مجال عملها وحاليا تعمل على مشروع جديد خاص بها.
واليوم قد وصلت الهريني لـ 10 سنوات من تجربة الرسم باحترافية، وتسعى للمزيد من النجاح والتألق، منوهة إلى أنها تعلمت النحت الخزفي في معهد الفنون الجميلة وتسعى لأن تحترفه، ولديها عملان بالنحت الخزفي.
وتذكر الهريني أنها تنظر لجميع الفنانيين القدماء كملهمين لها، فقد قرأت كثيرا بتاريخ الفن وعن حياة الفنانين بالعصور القديمة وأكثر من أثر بها: رافئيل ومايكل انجلو وفان جوخ ورامبرانت. 
وتبين أنها عندما تقرر رسم شخصية ما تقرأ عنها أولا؛ لكي يكون للرسم روح كأنها ترسم تفاصيل حياته بملامحه مثل لوحة "فان جوخ" ولوحة "فريدا كاهلو".
وتؤكد أن الرسم جزء منها ومن المستحيل أن ينفصل عنها، فقد مرت بظروف صعبة في حياتها والفن كان له دور كبير بأن يشفيها وتقول "الفن قوة، الفن علاج، الفن صديق".
وتختتم الهريني حديثها بأن الإصرار كان عنوان رحلتها لتفعل ما تحب، وما زالت تحاول وتمضي لتستمر في طريق النجاح، لذلك تسعى لأن تكبر وتتطور وتتحدى نفسها وتسعى لأن يكون لديها مرسمها الخاص وتستقبلُ طلابا وتعلمهم الرسم، وطموحها الأكبر أن تصل لأسلوب جديد بالرسم وللعالمية، ويتخلد اسمها بالتاريخ.