عمان - الدستور - «ضبابية شفافة» ...هذا هو العنوان الذي اختارته الأميرة وجدان الهاشمي لمعرضها الجديد في جاليري وادي فينان، حيث تقدم فيه مجموعة من المجسمات وبمواد مختلفة تضم حروفيات اضافة الى عبارات مختلفة تمجد الحب بروحانية شفيفة تلامس النفس الصوفي، حيث تقول الأميرة إنها جعلت من مشاعر الحب ثيمة أساسية لمعرضها الجديد؛ لأنه يحمل لعالمنا الغبطة والأحلام الذهبية والتناغم والفرح، ويجعل من السعادة أسلوب حياة.
كما وتقدم الأميرة وجدان لمعرضها بالكلمات التالية:
«لا يحتاج «الحب» الى شرح ففي كل اللغات وبين جميع الشعوب يجمع «الحب» بين طياته كل ما هو جميل وطيب ومقدس. ان المعرض الحالي هو السادس الذي يتمحور حول «الحب» وكلي امل بأن يحمل ايضا لعالمنا غبطة واحلاما ذهبية و تناغما وفرحا يغلفنا ويجعل من السعادة اسلوب حياتنا.»
ولطالما صرحت الأميرة وجدان الهاشمي بأن استخدامها للحرف العربي والكلمة في لوحاتها ومنحوتاتها ما هو إلا تأكيد للهوية الثقافية والفنية العربية. كما أكدت أن «مفهوم الحب هو المحور الأساسي لمجمل أعمالي الفنيّة».
وهذا الموضوع شكل المحور الأساسي لمجموعة من المعارض التي أقامتها في كل من اسبانيا وايطاليا والأردن، إذ تنقل الفنانة عبر اللوحات والمنحوتات معنى الحب بكل ما يحمل من معانٍ سامية؛ إذ تخلق حوارا بصريا رائعا بين الشكل والمعنى، فتتنوع التقنيات لتوظفها بنجاح لخدمة غرضها.
طاقة روحية وجمالية
معرض الأميرة وجدان الهاشمي أفتتح مساء الأربعاء الفائت في جاليري «وادي فينان» بجبل عمان، وبحضور حشد من الفنانين التشكيليين الأردنيين والعرب اضافة الى نخبة من النقاد وجمهور الفنون البصرية، وسيستمر حتى نهاية الشهر الحالي، ويضم المعرض مجموعة من الأعمال الفنية الجديدة التي تحتفي بالخط العربي وما يحمل من طاقة روحية وجمالية، حيث خاضت الفنانة خلال السنوات الماضية عددا من التجارب الفنية المنوعة المتكئة على الخط العربي بأشكاله وطرق صياغته المختلفة، ونظمت مجموعة من المعارض الداخلية والخارجية عرضت فيها تجربتها التي توقف عندها العديد من النقاد العرب والأجانب.
وكشفت مجموعة الأعمال المعروضة والمنفّذة باستخدام زجاج المورانو وغيرها من المواد عن التجربة الجمالية المتكاملة للفنانة حيث الحروفيات تحظى بمساحة مهمة في أعمالها نظراً لتناسق الحرف العربي وجمال أشكاله وانحناءاته؛ إذ اشتغلت الفنانة على أن يكون الحرف هو الشكل والمضمون معاً موجِّهةً رسائل إنسانية شفافة تدعو إلى المحبة والسلام.
وثيمة الحرف العربي التي اختارتها الفنانة وجدان عنواناً لمعرضها تؤكد الفهم الجمالي الذي لازم أعمالها على مدار عقود حول طبيعة الحرف بوصفه مفردة بصرية اتخذت منها الفنانة أحياناً وحدة تشكيل مستقلة جاعلةً من الحرف العامل الرئيس في تحديد الفراغ ونسب التكوين وبالتالي موظّفةً شكله ككيان جمالي مستقل.
كما اشتغلت الأميرة وجدان التي أسست المتحف الأردني الوطني للفنون على الحرف بما يحتوي عليه من أبعاد رمزية ودلالات ومعانٍ إنسانية كتلك التي تؤشر عليها اللوحات التي تناولت معاني الحب والوجد، كما يؤشر عدد من اللوحات على تجربة الفنانة وجدان في تجريد الحرف إلى أشكال مختزلة جداً تكاد تقارب النقطة مع مراعاتها دور حيوية اللون في الأرضية ذات التدرجات والتصادمات اللونية التعبيرية بين الأصفر والبرتقالي المتداخل مع الخطوط الداكنة من الأسود والأزرق وتدرجاته.
حوار بصري
يقول مدير المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة الدكتور خالد خريس عن أعمال الأميرة وجدان الجديدة : نجدها بكل تلك التنويعات والنقلات المميزة في مسيرتها الفنية، تنتقل من مرحلة إلى أخرى بكل ثقة ضمن رؤية فنية واضحة، عمادها الحب وتجلياته الصوفية، بكل ما يحمل من معان سامية، حيث تخلق حواراً بصرياً رائعاً بين الشكل والمعنى، فتتنوع في تقنياتها وتوظفها بنجاح لتخدم غرضها بحيث تصبح جزءاً لا يتجزأ من المعنى نفسه، وهي مهمة صعبة لا يحققها إلاّ الفنان المتمكن من أدواته والقادر على إدهاش جمهوره، فهي تقدم إضافة فنية مميزة تحسب لها في رحلتها الفنية هذه. الحب ليست كلمة عابرة، الحب جوهر ومحرك الحياة الذي نحن أحوج إليه من أي وقت مضى، إنه نقيض الكره والبغض والعنف، وملهم للخير والتسامح والسلام».
مسيرة فنية ثرية
للأميرة وجدان الهاشمي مسيرة فنية حافلة، فقد أقامت عشرات المعارض في الأردن والعالم العربي وعواصم أجنبية، وأسست عام 1979 في عمّان «الجمعية الملكية الأردنية للفنون الجميلة» والمعهد العالي للفنون والعمارة الإسلامية في جامعة آل البيت في الأردن، وكلية الفنون والتصميم في الجامعة الأردنية، وكانت سفيرة الأردن لدى إيطاليا، كما حصلت عام 1993 على دكتوراه في تاريخ الفن الإسلامي في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن، اضافة الى عدد من الشهادات العليا في الفن من جامعات عالمية مرموقة.
وشاركت الأميرة وجدان في أكثر من (80) معرضاً جماعياً. حيث توجد أعمالها في عدة متاحف عالمية في كل من بريطانيا والولايات المتحدة والعالم العربي.