عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Feb-2019

الحسنات والسیئات - د. ھاشم غرایبة
الغد- تتباین المشارب والمیول بین الشعوب، فتجد أھل جنوب شرق آسیا یأكلون الكلاب والأفاعي، وتتناول شعوب الكاریبي الدیدان والحشرات فیما تعاف ذلك شعوب أخرى، وبینما یتلذذ الأوروبیون بأكل الضفادع والحلزون والخنزیر، تجد شعوب الشرق الأوسط تتقزز من ذلك.
وبما أنھ لا یمكن أن تجد اتفاقا بین الجمیع على ما ھو الحسن وما ھو السیئ، وعلیھ فلا بد من
مرجعیة سدیدة، ومن ھو الأعلم بما ینفع الناس ویضرھم أكثر من خالقھم؟، لذلك كان الحسن ھو
ما حسنھ الشرع والقبیح ھو ما قبحھ.
إذن فالقیاس الدقیق ھو بمیزان الشرع، ومنھ نستقي المعرفة الصحیحة الخالیة من التحیز والإنحراف.
لقد قسم الشرع أفعال البشر وأقوالھم الى بابین: الصالحات وھي كل ما فیھ خیر ونفع، والسیئات
وھي كل شر أدى الى ضرر.
أولا باب الصالحات:
لكل باب مفتاح ومفتاح الصلاح الإیمان با، لذلك فأي فعل لا ینبني على الإیمان با لیس صالحا، حتى لو كان فیھ نفع ظاھري، لأن محصلتھ النھائیة ضارة.
لذلك قرن الله الإیمان بھ بعمل الصالحات في ما یقرب من ستین موضعا في القرآن الكریم:
”آمنوا وعملوا الصالحات“، للدلالة على أن الإیمان لیس مجرد عقیدة وجدانیة، بل عمل بمقتضاھا، وھذه الأعمال لیست في أداء العبادات، فتلك فرائض واجبة من لوازم الإیمان، أما الصالحات فھي أفعال خیر نافعة لفاعلھا ولغیره، وأھمھا:
1 – ّ بر الوالدین: لأنھ یعني اعترافا بفضلھما في التربیة والرعایة، وذلك تكملة للإعتراف بفضل الله في الإیجاد والرزق والنعم.
2 – ّ النوافل من الصلاة والصیام: وبھا تقوى الصلة والرابطة بین العبد وربھ فیدوم صلاحھ.
3 – الدوام على الطاعات: وفي ذلك تھذّیب النفس وتقرب من الله.
4 – طاعة أوامر الله واجتناب نواھیھ: وفیھ یكون تصدیق القلب للسان والجوارح.
5 – صلة الأرحام: فھي تقوي أواصر المحبة والترابط المجتمعي والتكافل والتراحم.
6 – الأمر بالمعروف والنھي عن المنكر: ھما فعل المصلحین وبھما انضباط الصلاح ودوامھ.
7 – الاستغفار وذكر الله سبحانھ وتعالى: فیھما تذكیر بتقوى الله وتنبیھ عند الغفلة عن ذلك.
8 – التعلّق بالمساجد: فھي بیوت الله یتساوى فیھا البشر ویتقاربون، ویتعارف أھل الحي وعلى
الخیر یتعاونون.
9 – ٍ كلام الحق عند سلطان جائر: تعزیز لصفة المؤمن القوي بعدم السكوت عن الظلم.
10 – صدق الحدیث: یمنع التجني والأذى ویعزز الثقة بین الناس.
11 – ّ إطعام الطعام وإفشاء السلام بین الناس: تشیع الود والبھجة في النفوس، فتتآلف القلوب
وتزول الإحن والخصومات.
12 – ّ إصلاح ذات البین: من أحب الأعمال الى الله لأنھا تعید إصلاح ما فسد من علاقات ودیة بین الناس.
13 – التحلّي بالأخلاق الحمیدة: أي الإتصاف بالفضائل كالصدق والأمانة ووفاء العھد وغیرھا، وجعلھا طبعا غالبا على سلوك الفرد.
ثانیا باب السیئات:
یبدع المتشددون في ھذا الباب، فیخلطون في الأھمیة بین الكبائر من الذنوب وصغائرھا، بحسب أھوائھم، لكن المرجع في ذلك للنصوص الواضحة.
الذنب ھو كل فعل سیئ مخالف لأمر الله ونھیھ، فھو معصیة مغضبة ، لكنھا لیست سواء، وقد توافق الفقھاء على تحدید الكبائر منھا، لأن الله وعد المؤمنین الذین یجتنبونھا بمغفرة ما دونھا:
سنقتصر في التقصي على الكبائر.
ّ الكبائر ھي تلك الذنوب التي توعد الله مرتكبھا بعذاب عظیم، وقد لخصھا النبي الكریم صلى الله
وھكذا لیس لنا أن نزید على ما ورد فیھ نص صریح في الكتاب والسنة، لكن المتشددین من بعض السلفیین یصرون دائما على التوسع بإضافة بنود كثیرة على الكبائر السبع، كل منھم لھوى في نفسھ، وقد أحصیت مما أضافوه ما یقرب السبعین، أغلبھا من الذنوب الصغیرة مثل النیاحة على المیت وعدم التنزه من البول والإختلاط.. الخ.
إن ما یھم المؤمن أولا ھو ضمان نجاتھ من غضب الله، ویكون ذلك بالإیمان بھ قناعة وعبادة والتزاما بأوامره، وتجنب الموبقات السبع، اما السعي لنوال رضى الله ونعیمھ فھو متاح لكل من آمن وعمل الصالحات، والفوز بالمنزلة المتقدمة فیھ یكون بالتباري فعل الصالحات الثلاثة عشر التي أسلفنا، ”وفي ذلك فلیتنافس المتنافسون“ (المطففین:26.