عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Nov-2023

ما بعد الهدنة.. ماقبل المفاوضات* رومان حداد
الراي -
جاءت الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس لتعطي جميع الأطراف، سواء تلك المشتبكة مباشرة بالحرب، أو الأخرى التي تلعب ادواراً مختلفة في هذا الصراع، فرصة حقيقية للتفكير في مرحلة ما بعد الحرب، وما هي الحلول الممكنة للخروج من حالة الحرب المستمرة، وكيفية الوصول إلى حل مرضٍ لجميع الأطراف وعدم العودة للحرب مرة أخرى.
 
ما يمنع التفكير الهادئ للوصول إلى حلول واضحة حتى الآن يرجع لمحاولة كل طرف إعلان انتصاره حتى اللحظة، بعيداً عن جميع الحسابات الإنسانية والاقتصادية والسياسية، ولو نظر عاقل لهذه الحرب يمكن أن يلحظ مباشرة أنه لا منتصر فيها، وكلا الطرفين لم ينجح بتحقيق أهدافه منها، على الأقل حتى الآن.
 
ستكون المرحلة التالية للحرب، بما تثيره من إشكاليات في إدارة قطاع غزة، سواء بقيت حركة حماس هي المسؤولة عن ذلك، أم ظهرت صيغة جديدة، لم يتم التوافق عليها حتى الآن، عائقاً أمام تحقيق أي تقدم ملموس ومهم لحل القضية الفلسطينية.
 
ولتحقيق ذلك، على الجميع مساعدة بعضهم للنزول عن الشجرة والجلوس إلى طاولة مفاوضات حقيقية، يدرك أطرافها أنهم جميعهم مسؤولون عن الوصول إلى حل نهائي للقضية، بصورة يكون فيها الجميع منتصرين، فالمفاوضات الحقيقية لا تنتج طرفاً مهزوماً، فهي معركة في مواجهة المشكلة وليست حرباً بين الأطراف.
 
وذلك يتطلب في إسرائيل التوجه إلى صناديق انتخاب تفرز توازنات سياسية جديدة، عبر معاقبة اليمين المتطرف ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وتجلب أشخاصاً يدركون أهمية السلام والاستقرار في المنطقة.
 
وعلى الجانب الفلسطيني يجب توحيد الأطراف الفلسطينية، بما يتطلبه ذلك من عمليات جراحية مؤلمة، سواء في السلطة الوطنية الفلسطينية أو في حركة حماس، حيث يجب أن يتم اختيار قيادات في السلطة الوطنية الفلسطينية تحظى برضى وقبول شعبيين، وقادرة على اتخاذ قرارات مهمة وصعبة، تستطيع إقناع الشارع الفلسطيني بقراراتها.
 
ومن جانب حركة حماس، على القادة فيها اتخاذ قرار تاريخي حول شكل الحركة، وتقوية الجناح السياسي للحركة، كي تكون حماس، بصفتها ممثلة لطيف غير قليل من الشعب الفلسطيني، جزءاً من المنظومة الفلسطينية الذاهبة لطاولة المفاوضات، والقادرة على اتخاذ قرارات حاسمة لحل القضية الفلسطينية.
 
فالجناح السياسي في حركة حماس سيرى في مرحلة مقبلة قريبة ضرورة إمساكه بزمام قيادة الحركة للحفاظ عليها، ووجوده خارج غزة قد يكون فرصة حقيقية للجلوس على طاولة مفاوضات حول مستقبل الحركة، وقد تكون قراءة حالة الجيش الجمهوري الإيرلندي ضرورية، حيث استطاع الجناح السياسي التوصل لاتفاق مع الحكومة البريطانية ولم يعد للجناح العسكري من وجود، حيث يمكن دمج قيادات الجناح العسكري في منظومة الجناح السياسي، وتدريبهم على اتخاذ قرارات على أساس سياسي، وهو ما يمكن ان يشكل إضافة نوعية للحركة.
 
وسيدرك قادة الجناح السياسي للحركة أن إبقاء الحركة لاعباً في المشهد الفلسطيني، في مرحلة ما بعد نهاية الحرب، يتطلب إعادة ترتيب البيت الداخلي للحركة، والانضام لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو ما يعني إعادة إنتاج صورة حماس كحزب سياسي.
 
ولتسريع وتيرة حدوث هذا السيناريو، لا بد من وضع نهاية لهذه الحرب بسرعة، وتفاعل اللاعبين الرئيسيين في الملف الفلسطيني بصورة إيجابية مع فكرة ضرورة الوصول إلى حل نهائي للقضية الفلسطينية.
 
بانتظار تلك اللحظة، سنبقى نرقب ما يحدث على الأرض، وبالتأكيد فكل يوم تتأخر فيه عملية الحل، ستكلفنا جميعا دماء بريئة، ودماراً أكثر، ويأساً يجتاح المنطقة كغول يأكل كل من يواجهه.