نمط الحياة في ظل كورونا... كيف ولماذا؟ - صلحي الشحاتيت
الدستور- على وقع حالة الضجيج والهلع التي أحدثها فيروس كورونا، والتي أدّت إلى تشتيت حياة الشعوب في العالم أجمع؛ تغيّر نمط حياتنا نحن الأردنيون ومنذ تسجيل أول حالة إصابة في الثاني من الشهر الماضي، وسط دوامة من الخوف والهلع، وتتبادر إلى الذهن أسئلة كثيرة عن مدى قدرتنا على الصمود ومكافحة هذه الجائحة، هل من بوادر تلوح في الأفق لانتهاء الأزمة، ومتى سنعود إلى حياتنا الطبيعية؟
في ظل الجهود المبذولة محليًا وعالميًا لمكافحة فيروس كورونا؛ أتوقع بأنه لن يكون هناك إقرار حقيقي بالقضاء عليه قبل نهاية العام، حتى لو (وإن شاء الله سنفعل) تمكنا من السيطرة عليه محلياً، نحن لسنا بمعزل عن العالم الخارجي، فالحذر والحرص مطلوب منا كنهج ونمط حياة؛ والمعلومات المتوفرة للآن عن هذا الفيروس لا زالت للأسف لا تؤهلنا ولا تساعدنا على التنبؤ بسلوكه، سواء الآن أو في المستقبل.
فالكثير من الخبراء والباحثين في هذا المجال يتوقعون أنّ أزمة كورونا قد تستمر لمدة 18 شهراً، قد تنتهي بإيجاد لقاح ضد هذا الفيروس، أو الوصول إلى ما يسمى «بمناعة القطيع»، أو تغيير سلوك المجتمع بشكل عام؛ بحيث يتكيف مع الإجراءات المفروضة حالياً من تباعد اجتماعي، وهو الذي يسمح بانخفاض معدلات انتقال العدوى.
لكن هل سيتغير أيضاً نمط حياتنا بعد انتهاء هذا الوباء؟ يبدو أنّ المفاهيم ونمط الحياة ستتغير بعد انتهاء هذه الأزمة في كل مناحي الحياة، سواء في الحياة العائلية والعلاقات الاجتماعية أو الاقتصادية، مروراً باستخدام التقنيات وحتى على مستوى إدارة الدولة، فالعالم يستعد لعصر جديد، هو عصر مابعد «كورونا».
ففي سؤال قامت بطرحه مجلة «الفورين بوليسي» على السياسيين والمهتمين في مجال العلاقات الدولية، كيف يمكن لهذا الوباء أن يؤثر بشكل عام على هذه العلاقات الدولية والسياسية، اجمعت كل الإجابات على أن الأولويات قد تتغير باعتماد السياسات المختلفة في الإدارة والاقتصاد، والصحة، والبيئة، والتعليم والعلاقات العامة بين الدول، ونمط الحياة بشكل عام.
لا شك أنّنا الآن أمام تغيير كامل وجدّي في نمط حياتنا، وقد يكون هذا التغيير فرض علينا نتيجة الوضع الراهن، لكن الأهم هنا هو كيفية تجاوز هذه المرحلة وكيفية التكيف في ظل هذه الظروف باحترافية، دون الشعور بضغوطات ونتائج هذه الأزمة على حياتنا وعلاقاتنا وحتى على صحتنا النفسية، وقد نكون ولله الحمد إلى الآن مسيطرين على هذا الوباء، وذلك بفضل توجيهات جلالة الملك والإجراءت الاحترازية التي طبقتها الحكومة، وكلنا اليوم في موضِع مسؤولية لنجاح القضاء عليه محلياً، ولا شك أنّ تأثير هذه الأزمة قد شمل الكثير من القطاعات، وقد يكون أشدّها تأثراً هو القطاع الاقتصادي نظراً لزيادة الطلب والاستهلاك.
قد تكون هذه الأزمة وما تم أخذه من إجراءات عبارة عن درس لنا جميعاً، تحثنا على عمل تغيير شامل في نمط حياتنا بشكل عام، حتى بعد انتهائها على مستوى الفرد وعلى مستوى الدولة؛ فعلى المستوى الفردي يجب علينا التغيير من شكل علاقاتنا وعاداتنا الاجتماعية بشكل عام من مناسبات وغيرها والحد منها، بالاضافة إلى عاداتنا الغذائية والتعود على التقنين والترشيد، وأما على مستوى الدولة؛ فيجب عمل إجراءات وقائية شديدة خاصة بعد فتح المطارات والمعابر الدولية للحد من إعادة نشر هذا الوباء من جديد.
تكون الأمور أحياناً الزامية لا خيار فيها كونها أزمة، وأحيانا يجبرنا الوضع الراهن أن نتعاطى معها لأنها خيارنا الوحيد فنتقبلها برضا وقناعة تامة، فعندما يتعلق الأمر بالحياة تصبح كل أمور الرفاهية هامشية وندرك حينها معنى هبة الحياة.
حمى الله الأردن وعافنا وإياكم من هذا الوباء، وأسأل الله الكريم أن يشملنا بعفوه ورحمته.