عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    03-Feb-2019

احـتـجـاجـــات مـنـاهـضـــة للفــســـــاد

 

افتتاحية- «كرستيان سيانس مونيتور»
في اخر دراساتها التي شملت 180 دولة لقياس مستويات الفساد، جربت منظمة الشفافية الدولية شيئا مختلفا. للمرة الاولى، قاست مجموعة الرقابة العالمية الروابط بين الفساد في القطاعين الخاص والعام والحريات الاساسية في كل بلد وسيادة القانون والديمقراطية. وليس على الباحثين ان ينظروا بعيدا في سبيل ايجاد نماذج سلبية. ففي الاسابيع الاخيرة، شهد العالم مظاهرات جماهيرية في اثنتان من الدول الاكثر فسادا، السودان وفنزويلا، والتي تعد كذلك من بين البلدان الاشد فقدا للديمقراطية. من المحتمل ان يكون كلا البلدين على شفير تغير النظام. في كل دولة، يطالب المحتجون بدرجة من الديمقراطية والمساءلة في الادارة تماثل تلك التي يلحظونها في الانظمة الديمقراطية المتينة.
في السودان، الذي يعتبر ثالث اكبر بلد في قارة افريقيا، قرر النظام ان يعدل ميزانيته من خلال رفع اسعار الخبز بدلا من خفض نسبة الفساد. هذه الخطوة تسببت في خروج الناس الى الشوارع في وحدة غير مسبوقة بين جميع الاعراق المتفرقة. وفي فنزويلا، دفع الاستئثار بالثروة المتاتية من النفط من جانب النخبة السياسية وكبار المسؤولين في الجيش الى توحد المعارضة اخيرا في المجلس التشريعي المنتخب وقاد الى الافصاح عن مطالب شعبية في سبيل انهاء ثقافة الحصانة من العقوبة. 
وقد وجد التقرير ان الانظمة الديمقراطية الكاملة حققت ما متوسطه 75 درجة من اصل مائة على مؤشر الفساد. اما المتوسط ذاته في الانظمة الديمقراطية الضعيفة فبلغ 49 درجة في حين ان الانظمة الاوتوقراطية سجلت 30 درجة على المؤشر. على الرغم من ذلك، تكمن القيمة الحقيقية لاجراء الدراسة في مجموعة من الدول التي نجحت في خفض نسبة الفساد من خلال تحسين انظمتها الديمقراطية. ذلك الرابط كان واضحا. في السنوات السبع الفائتة، تمكنت عشرون دولة من انجاز مثل هذا التقدم. وهي تضم استونيا في اوروبا والسنغال وساحل العاج في افريقيا وغويانا في اميركا الجنوبية. لا يمتاز اي بلد بالمثالية. حتى الدنمارك، النظام الديمقراطي القوي الذي احتل ايضا مرتبة البلد الاقل فسادا، شهد تورط اكبر مصارفه في عملية غسيل اموال ضخمة خلال العام الماضي. على الرغم من ذلك، في مقدور الدول الحاضرة في القائمة ان تقدم دروسا لغالبية الدول التي تبقى درجاتها اقل من المتوسط في تصنيفات منظمة الشفافية الدولية. 
على سبيل المثال، تعد الاصلاحات المتعلقة بمكافحة الفساد في السنغال وساحل العاج نتيجة ارادة سياسية جديدة يبرزها القادة في تلك الدول. وفي الارجنتين والاكوادور والسلفادور، يتحقق الاصلاح من خلال اجراء تحقيقات افضل في قضايا الفساد التي توجه ضد افراد مشاهير، ومن بينهم رؤساء دول سابقين. وقد جاء التقدم في استونيا نتيجة الاصلاح الجذري للمحاكم ومؤسسات الادارة العامة، وخصخصة الشركات الحكومية بطريقة نزيهة نسبيا وتوخي الشفافية الرقمية في المعاملات الحكومية.
ومن ضمن توصياتهم الخاصة، يشير الباحثون في منظمة الشفافية الدولية الى الحاجة الى اتفاق مجتمعي اوسع نطاقا على ضرورة التمتع بالنزاهة في المؤسسات العامة. وقد ورد في التقرير ما نصه: «مشاركة المواطنين في الاشراف على القرارات الحكومية والانفاق، لا سيما على المستوى المحلي، بحيث لا يقتصر الامر على المحاسبة الجماهيرية وانما يمتد الى الوعود باعادة انعاش العملية الديمقراطية». وهكذا فان من الخير عند النظر الى المظاهرات الجارية في فنزويلا او السودان ان يعدها المرء ببساطة بداية مشاركة المواطنين في تفعيل مبادئ النزاهة. فالعديد من الدول خاضت التجربة ذاتها من قبل.