عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Apr-2019

إندونيسيا.. مراكز استطلاع الرأي في قفص الاتهام

 

 
جاكرتا - صهيب جاسم- انشغل الإندونيسيون بالجدل الدائر حول نتائج الانتخابات الرئاسية، واتهام المعارضة لمراكز استطلاع الرأي بأنها منحازة إلى الرئيس الحالي جوكوي الذي يسعى لفترة رئاسية ثانية وأخيرة، مع تأخر ظهور النتائج الرسمية لأيام وربما أسابيع.
 
وأكد الرئيس جوكوي على صحة المؤشرات التي أصدرها 12 مركزا لاستطلاع الرأي وقياس توجهات الناخبين، ودعا في مؤتمر صحفي -بعد يوم من الاقتراع- منافسه المعارض برابوو سوبيانتو إلى اللقاء، وفي ذلك دعوة إلى قبول النتيجة لا سيما بعد تأكيده تسلم تهنئة من زعماء دول عديدة منها ماليزيا وسنغافورة وتركيا.
 
في المقابل عاد زعيم المعارضة سوبيانتو -وفي ثالث كلمة يلقيها خلال أقل من 24 ساعة- ليكرر أنه فاز في الانتخابات الرئاسية ومعه نائبه ساندياغا صلاح الدين أونو، مما يطرح تساؤلات حول السيناريوهات التي تفكر فيها المعارضة خلال الأيام والأسابيع القادمة وما يمكن أن تحققه من موقفها.
 
وتطرح هذه التطورات تساؤلات من قبيل هل ستنتظر المعارضة أسابيع حتى تعلن النتائج الرسمية لتقدم طعنا في النتائج لدى المحكمة الدستورية أم تحتكم إلى الشارع والجماهير، وربما يكون التفاوض والتفاهمات خيارا ثالثا مع القبول بالنتيجة لاحقا.
 
ولأنها المرة الأولى التي تنظم فيها الانتخابات الرئاسية والتشريعية في يوم واحد في تاريخ البلاد، فقد كان الانشغال الإعلامي والشعبي بالانتخابات الرئاسية أكثر من متابعة نصيب الأحزاب، لا سيما أن خارطة الأحزاب في البرلمان لم تتغير كثيرا حسب مراكز الاستطلاع. ولم تظهر أي نتائج رسمية حتى الآن.
 
وأهم ما يلفت الانتباه في مؤشرات مراكز الاستطلاع أنها اختلفت كثيرا عن الاستطلاعات التي نشرتها المؤسسات البحثية ذاتها لتوجهات الناخبين قبل الانتخابات، حيث أظهرت أن أحزابا معينة ستتقدم بشكل كبير وأخرى ستتراجع إلى حد عدم دخول البرلمان. لكن نتائج استطلاعها لتوجهات الناخبين يوم الاقتراع اختلفت كثيرا، وهذا ما يثير الجدل حول دقة ما تصدره هذه المراكز من أرقام، فقد تكرر تضارب استطلاعاتها بشأن أداء الأحزاب وعدد من المرشحين في عدة حالات.
 
التحالف الحاكم.. تقدم لثلاثة أحزاب وتراجع لثلاثة
وسيشهد البرلمان الجديد حضور تسعة أحزاب فقط، أولها حزب النضال من أجل الديمقراطية أبرز الأحزاب العلمانية في البلاد، وهو حزب الرئيس جوكوي والرئيسة السابقة ميغاواتي سوكارنو بوتري، وقد حصل على نحو 20% من الأصوات، محافظا على مكانته في مقدمة الأحزاب البرلمانية، وهي مقاربة جدا لنتيجة انتخابات عام 2014 حينما حصل الحزب على 18.9% من أصوات الناخبين.
 
واللافت أن الحزب القومي الديمقراطي -وهو أبرز الأحزاب العلمانية الحليفة مع الرئيس جوكوي ويتزعمه رجل الأعمال والإعلام سوريا بالو- قد أحرز أيضا تقدما بفعل قوة دعايته الانتخابية إعلاميا والدعم المالي الكافي، حيث صعد نصيب هذا الحزب من 6.7% عام 2014 -وهي أول مشاركة انتخابية له بعد خروج زعاماته من حزب غولكار- إلى 8.1%.
 
ويمكن أن يكون ذلك على حساب تراجع حزب آخر حليف مع الرئيس جوكوي هو حزب ضمير الشعب الإندونيسيي (هانورا)، وهو حزب الوزير المنسق للشؤون الأمنية والسياسية والقانونية الجنرال المتقاعد ويرانتو، وربما تحول أكثر من نصف أصوات الحزب الأخير هذا الحزب إلى الحزب القومي الديمقراطي، لتشابه التوجهات.
 
وقد تراجع حزب هانورا من 5.3% إلى 1.3% من أصوات الناخبين، مما يعني عدم تجاوزه العتبة الانتخابية (4%) التي يشترط حصول أي حزب عليها لدخول البرلمان، وبهذا خسر التحالف الحاكم أحد أحزابه.
 
أما حزب غولكار ثاني أحزاب التحالف فقد تراجع قليلا نصيبه من الأصوات من 14.7% عام 2014 إلى نحو 11.7% هذا العام، وهو ترسيخ لتراجعه المستمر طوال عقدين ماضيين، أي منذ سقوط الرئيس الأسبق سوهارتو، حيث كان حزبا حاكما قبل التحول الديمقراطي، وكان يحصل على نسبة تتراوح ما بين 68 و74% من الأصوات بسبب توجيه موظفي الدولة ومعظم المواطنين للتصويت لهذا الحزب.
 
ولكن بعد التحول الديمقراطي، ظل نصيب الحزب الانتخابي يتراجع من 22.4% عام 1999 إلى 21% عام 2004، ثم نحو 14% في انتخابات عامي 2009 و2014. وأحد أسباب تراجعه هذه المرة خروج بعض أشهر قادته، وسجن آخر رئيس له، وعدم ظهور قيادة جديدة للحزب ذات شهرة وكاريزما رغم إمكاناته المادية، وهي أسوأ نتيجة يحصل عليها هذا الحزب منذ تأسيسه قبل 55 عاما.
 
وضع "النهضة"
أما أبرز أحزاب التحالف الحاكم ذات الخلفية والقاعدة الجماهيرية الدينية وهو حزب النهضة القومية الذي يعتمد على جمهور التيار التقليدي لجمعية نهضة العلماء في شرق ووسط جاوا، فقد حافظ على حضوره مع صعود طفيف جدا من 9% في انتخابات 2014 إلى 9.3% في هذه الانتخابات.
 
وذلك أمر متوقع لتوجه الناخبين "النهضيين" -كما يسمون في إندونيسيا- إلى التصويت لحزبهم وإعلان ولائهم له، لا سيما أن مرشح التحالف الحاكم لمنصب نائب الرئيس هو معروف أمين رئيس مجلس علماء إندونيسيا، وهو من شخصيات "النهضة".
 
وهذا ما جعل الدعاية الانتخابية لمعروف أمين كنائب رئيس دعاية انتخابية لحزب النهضة القومية أيضا، رغم أن بعض قطاعات النهضة من علماء وطلاب معاهد دينية أعلنوا تأييدهم لمرشح المعارضة الرئاسي برابوو سوبيانتو.
 
أما حزب التنمية المتحد أحد أقدم الأحزاب الإسلامية التقليدية وكان صوت التيار الديني بشكل عام في عهد الرئيس الأسبق سوهارتو عندما كانت الأحزاب محصورة في ثلاثة لا رابع لها، فإن نصيبه بعد التحول الديمقراطي يشبه حال حزب غولكار، فكما توزعت أصوات الأخير في عهد سوهارتو على عدة أحزاب بعد سقوطه، فإن أصوات التيار الديني بشكل عام توزعت على عدة أحزاب.
 
تحالف المعارضة.. تقدم لحزبين وتراجع لآخريْن
المشهد يتكرر بين الأحزاب المعارضة، فكما تقدمت ثلاثة أحزاب من التحالف الحاكم الآنفة الذكر وتراجعت ثلاثة أخرى، ففي ساحة المعارضة نرى تقدما لحزبين وتراجع لحزبين آخرين، فقد تقدم تقدما طفيفا حزب حركة إندونيسيا العظمى بزعامة العسكري المتقاعد ومرشح التحالف المعارض للرئاسة برابوو سوبيانتو من 11.8 إلى 12.8%، ليكون ثالث أكبر حزب برلمانيي وأكبر الأحزاب المعارضة، كما كان حاله في البرلمان الماضي.
 
كما تقدم حزب العدالة والرفاه الذي ولد من رحم حركة الطلاب الإسلاميين والإصلاحيين في الجامعات، التي أسهمت في إسقاط الرئيس الأسبق سوهارتو، فقد تقدم من 6.7% عام 2014 إلى 8.5% هذا العام، وهي أعلى نسبة أصوات يحصل عليها الحزب منذ تأسيسه قبل 21 عاما.
 
وقد استفاد الحزب من صعود التيار الشعبي الإسلامي المعارض خلال الأعوام الثلاثة الماضية، كما وجهت شخصيات دعوية عديدة من تيارات إسلامية مختلفة ليس لديها أحزاب مؤيديها إلى التصويت لصالحه في الأيام الماضية. وانضم إلى ناخبيه الجيل الثاني من كوادره، في ظل ولاء ناخبيه كما في حال ناخبي حزب النضال من أجل الديمقراطية وحزب النهضة القومية، وهي الأحزاب الثلاثة المعروفة بامتلاكها قاعدة جماهير ذات ولاء أيدولوجي شبه ثابت، خلافا للأحزاب الأخرى.
 
حزبان معارضان
وفي مقابل تقدم حزبي حركة إندونيسيا العظمى والعدالة والرفاه المعارضين، تراجع حزبان معارضان تراجعا طفيفا هما الحزب الديمقراطي بزعامة الرئيس الأسبق سوسيلو بامبانغ يوديونو، الذي صعد بصعود الرئيس يوديونو (الذي ترأس البلاد بين عامي 2004-2014)، ويواصل تراجعه بعد انتهاء رئاسة يوديونو.
 
كما تراجعت قوة حزب الأمانة الوطني، المرتبط بالجمعية المحمدية ذات توجه الإصلاح الديني والسياسي المعروفة، وهو الحزب الذي ارتبط اسمه بالرئيس السابق لمجلس الشعب الاستشاري أمين رئيس والرئيس الحالي لنفس المؤسسة التشريعية ذو الكفل حسن، المتحالف مع برابوو والداعم له بقوة.
 
ويلاحظ من هذه القراءة السريعة أن أي صعود للأحزاب كان بنسبة 1-2% فقط، وربما أكثر بالنسبة لانخفاض قوة بعض الأحزاب، لتبقى الصفة السائدة في البرلمان الإندونيسي وهي أنه ذو أحزاب متوسطة وصغيرة، وليس فيه أحزاب كبيرة ذات نصيب من الأصوات أكثر من 20%، وهو أمر ينعكس على التحالفات واتخاذ القرارات النيابية في قادم الأيام.
 
المصدر : الجزيرة