عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Aug-2020

لن ينجحوا في ذلك - بقلم: عاموس غلبوع

 

معاريف
 
من بيت المجانين السياسي لدولة اسرائيل، حيث لا يوجد أي ولي او صدّيق، أرغب في أن أنتقل الى لبنان المجاور الخرب، العفن، الذي سيواصل كونه هكذا بل وأكثر. خمس نقاط لفهم الوضع: الاولى، الانفجار كان هائلا، هز العالم. الضرر الحقيقي هو تدمير تام لميناء بيروت، الذي يستخدم تقريبا لكل الاستيراد الى لبنان، وتدمير المركز التجاري للمدينة والذي يخدم في أغلبيته الساحقة السكان السُنة. كل هذا على خلفية وضع يوجد فيه لبنان كله في الظلام، تقريبا بلا مكيفات، بلا ثلاجات، لانه لا توجد طاقة للكهرباء؛ مع نصف السكان دون خط الفقر، مع حكومة مفلسة لا تؤدي مهامها، مع ليرة لبنانية هبطت الى الهوة، بلا عملة اجنبية، مع فوضى. وعلى كل هذا جاءت كارثة الانفجار. واحدة من سلسلة طويلة من الكوارث التي نزلت على هذه الدولة، ونجت منها.
الثانية، لبنان هو دولة اختلقوها، مثلما اختلقوا سورية، العراق؛ لا يوجد شيء كهذا يسمى قومية لبنانية تقيم منظومة دولة حديثة. هذه اكثر دولة عصابات مافيا، تقف على رأسها عائلات، هذا لم يأتِ من السماء، هذا جاء من السكان الذين يعيشون في الارض اللبنانية في نقطتين زمنيتين: قبل مائة سنة الفرنسيون، بضغط المسيحيين المارونيين الذين سيطروا في حكم ذاتي خاص بهم في ظهر جبل لبنان، خلقوا اقليما من جنوب لبنان، مدينة بيروت، منطقة طرابلس وبقاع لبنان. وهكذا خلقوا “لبنان الاكبر”، في حدود اليوم، حيث كان للمسيحيين فيه اغلبية بسيطة، هذه الاغلبية اخذت في الاختفاء مع الزمن. نقطة الزمن الثانية كانت في 1943، عشية الاستقلال، عندما عقد رؤساء الطوائف الكبرى (المسيحيين، المسلمين السُنة والمسلمين الشيعة) “الميثاق الوطني”. وكان قلبه: في لبنان سيكون نظام طائفي؛ كل منظومة الحكم، الادارة والبرلمان ستكون مبنية وفقا لمفتاح طائفي. الطائفة هي كل شيء ومصدر الهوية المركزية. هنا يدفن الكلب في مصيبة لبنان: الفساد، المحسوبية، انعدام اداء المهام، القتل، الخيانة، نشوء عائلات جريمة طائفية، وبالطبع فتح فضاء كبير لتدخل جهات اجنبية.
الثالثة، لا يمكن لاي طائفة ان تكون مسيطرة في المنظومة الداخلية اللبنانية دون دعم من قوة عظمى اجنبية. في الماضي البعيد دعمت فرنسا المسيحيين، ولكن في ساعة الاختبار ألقت بهم الى الكلاب؛ دعمت السعودية السنة بمال كثير. ومن عرفت كيف تستغل بالشكل الافضل النظام الطائفي كانت ايران. هي التي اقامت في الطائفة الشيعية تنظيم حزب الله، وصبت عليه ليس المال فقط بل والسلاح، التدريب والارشاد وجعلته قوة عسكرية قوية ذا قدرة على اقامة مؤسسات دولة خاصة به (مؤسسات صحة، تعليم، رفاه، اعلام). لقد بنت ايران القوة العسكرية لحزب الله ضد اسرائيل، لا كي تسيطر على باقي الطوائف في لبنان. منذ نحو عشرين سنة وحزب الله هو جزء من حكومات لبنان (بما في ذلك في حرب لبنان الثانية) وشريك في النظام الطائفي اللبناني.
الرابعة، ما الذي يريده المتظاهرون في ساحات بيروت ومن هم؟ معظمهم سُنة، وهدفهم المعلن هو الغاء النظام الطائفي. ثورة حقيقية. لن ينجحوا في ذلك، لأن المؤيدين الاكبر للنظام الطائفي، اي الوضع الراهن، هم حزب الله وايران من خلفه. وبالطبع، فان المسيحيين والدروز سيعارضون ذلك. سيكون الكثير من الصخب، انتخابات، حكومة جديدة والنظام الطائفي سيستمر.
الخامسة، بالنسبة لاسرائيل، ثمة حاجة لتغيير الاستراتيجية: الا يميز حزب الله عن حكومة لبنان. حزب الله هو حكومة لبنان.