عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Aug-2019

حذارِ من تكرار تجربة الخليل في القدس - عميره هاس
 
للمسلمين، الذين يعرضون أنفسهم للخطر، ويصلون في المسجد الاقصى، دور مهم في إبقاء النضال الفلسطيني على المستوى القومي وليس الديني. عندما تجمع عشرات آلاف الفلسطينيين في المسجد الاقصى وفي ساحات الحرم التي تقع خارجه رغم وجود رجال الشرطة، الذين تم غسل أدمغتهم وملؤها بالكراهية، ورغم السلاح الكثير الذي يحملونه والذي يحرضهم على اطلاق النار، هم لم يدافعوا فقط عن مقدساتهم، بل دافعوا عن وجودهم كشعب في بلادهم.
ليقل أتباع «البقرة الحمراء» على أنواعهم ما يقولونه. وبكل درجات كلامهم المعسول عن الله والهيكل المقدس، الدين الموجود لديهم وفي أفواههم هو مجرد سلاح لتحقيق هدف فاشيّ، هدف قومي متطرف جدا: طرد جماعي للشعب الفلسطيني الى خارج حدود البلاد.
الشعار للسيناريو المخيف هذا يتم بثه أمام ناظرينا في كل لحظة في الخليل القديمة. المتعصبون المتدينون واليهود القوميون المتطرفون نجحوا في إفراغها بالتدريج من سكانها الفلسطينيين، بمساعدة نشطة من الجيش الإسرائيلي. وبمساعدة يهود أميركيين اثرياء وبمساعدة المستويات السياسية العلمانية (من اسحق رابين وحتى بنيامين نتنياهو). ايضا العكس صحيح: استعانت حكومات إسرائيلية بمتعصبي الدين من اجل أن توقع ضربة اخرى على الفلسطينيين في عملية التجزيء والتشظي لفضائهم الجغرافي.
نفذ طبيب يهودي – أميركي إسرائيلي في العام 1994 مذبحة ضد مصلين مسلمين في الحرم الابراهيمي في الخليل. وكرد على ذلك، عاقبت إسرائيل العلمانية وتعاقب الفلسطينيين حتى الآن. لقد فرضت عليهم حظر التجول، وهي تغلق امامهم شوارع وتسمح لاصدقاء ومحبي القاتل بالتنكيل كل يوم بآلاف السكان، الى درجة أن الكثيرين اضطروا الى المغادرة وأن يتركوا خلفهم أحياء أشباح. الطبيب المخلص قتلهم ليس لأنهم مسلمون، بل لأنه كان يعرف أنه في مكان مقدس للمؤمنين توجد فرصة لاستفزاز الدم أكثر بكثير لتحقيق الهدف الوطني الذي يطمح المستوطنون، أبناء طائفته، اليه.
يشعر وزير التعليم، رافي بيرتس ووزير المواصلات، بتسلئيل سموتريتش، بالراحة في احتفال تكريم الحاخام اسحق غينزبورغ الذي مدح وأثنى على الطبيب القاتل باروخ غولدشتاين، لأنه خلال 25 سنة طبع المجتمع الإسرائيلي وحصل على نتائج المذبحة. 
لذلك، في وضع تفوق عسكري إسرائيلي وطرد زاحف أو سريع، تقسيم الحرم الابراهيمي – مغارة الماكفيلا، التقسيم الجغرافي والتقسيم الزماني الذي يفصل بين المسلمين واليهود، لا تقدس قيمة المساواة بين الديانتين وبين المؤمنين. التقسيم هو تكنيك آخر للسيطرة والإهانة. وهكذا الحديث عن «حقوق انسان وحقوق بالمساواة للمصلين اليهود» في الحرم هو نفاق يغطي على اهداف شاملة وغير دينية. إلا اذا كان الدين هو حرب تدمير. مقدمات برامج واقعية في الراديو صدمن من رفض المسلمين الفلسطينيين، الذين هم مواطنون إسرائيليون، الاعتراف بالعلاقة اليهودية الدينية بالمكان. هذه الصدمة لهن تتجاهل تناسب القوى غير المتساوي بصورة واضحة، الذي فيه المهمة العلمانية لتهويد المنطقة ومحو الانتماء الفلسطيني يستخدم الدين كما يشاء. الرفض بالاعتراف هو سلاح شرعي جدا من قبل المقموع.
الخوف الفلسطيني من تكرار تجربة الخليل في البلدة القديمة في القدس بشكل عام، وفي المسجد الاقصى بشكل خاص، يوجد له ما يبرره. التعصب العقاري الديني ذاته، سياسة النهب البطيء ذاتها، ودعم علماني – قومي متطرف يهودي مسلح، متزايد. وبالذات هنا يوجد للفلسطينيين وسائل لاظهار قوتهم؛ أي القدرة على أن يتجمعوا ويتوحدوا بجموعهم للصلاة وإرسال رسالة الى إسرائيل: نحن هنا الى الأبد.
«هآرتس»