عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-Jun-2024

اعتراف غربي متأخر بدولة فلسطين*خولة كامل الكردي

 الغد

من المستغرب أن تمتنع الدول الغربية عن الاعتراف بدولة فلسطين منذ معاهدة «أوسلو» للسلام، فهل كانت الدول الغربية تنتظر أن يتأهل الفلسطينيون ليصبحوا أكفياء لإدارة دولتهم! إنما التطورات الأخيرة في قطاع غزة وتصاعد الحرب العدوانية الجائرة التي يشنها الكيان الإسرائيلي على غزة وشعبها ربما جعلتهم يتخذون هذه الخطوة! حيث أعلنت إيرلندا وإسبانيا والنرويج وسلوفينيا مؤخراً الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، وقبلهم أعلنت السويد في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر 2014 الاعتراف بفلسطين، فكانت أول دولة في الاتحاد الأوروبي تعترف بدولة فلسطين رغم أنه متأخر جداً، لكن هذا الاعتراف هل سيؤدي بالضرورة إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة والضفة الغربية. الوقائع تشي بأن دولة الاحتلال لن تتنازل عن أهدافها في احتلال جميع الأراضي الفلسطينية العام 1967، ولا نية لها بالتراجع عن أهدافها المعلنة وغير المعلنة، وهذا التعنت ليس وليد اليوم يعزوه بعض المحللين السياسيين إلى وجود حكومة متطرفة يقودها بنيامين نتنياهو ومؤيدوه من المتطرفين العنصريين أمثال سموتريتش وبن غفير وغيرهم من الوزراء، لكن دعنا نخالف هذا التحليل ونقول وعلى مدى قيام دولة الكيان لم يبد أي قائد إسرائيلي حكم هذا الكيان رغبة في إعطاء الشعب الفلسطيني حقه في أرضه ومقدساته، ومنذ العام 48 وما قبل ذلك أثناء الاحتلال الإنجليزي، وإسرائيل ماضية في التهام الأراضي العربية وإنشاء المستوطنات، فكل حكومة كانت متطرفة أكثر من سابقتها وإن اختلفت الأحزاب السياسية التي تنتمي إليها، كغولدا مائير وبيغن واسحق شامير ورابين، ونتنياهو وباراك وتسيڤي ليڤني وأولمرت وبينيت، جميعهم مجرمون اقترفوا مجازر بحق الشعب الفلسطيني، ولم يتزحزحوا قيد أُنملة عن نواياهم العدوانية والخبيثة تجاه الشعب الفلسطيني، وما قتل رابين إلا شاهدا على ذلك رغم أنه مجرم، إلا أن ذلك لم يشفع له، لأنه أجرى عملية سلام ظالمة بكل بنودها ومجحفة بحق الفلسطينيين وصافح أبا عمار ورضي بعملية سلام، فقام متطرف بقتله لأنهم ينتمون إلى مجتمع لا يؤمن بالسلام مع الأغيار، بل يؤمنون بقتلهم وجعل من تبقى منهم عبيداً لهم.
 
 
وما نتنياهو إلا أحد إفرازات تلك العقليات العنصرية التي تكنّ حقداً أسود دفينا وانتقاما لا حدود له لكل ما هو غير يهودي، والخلافات التي تجري  بين نتنياهو وغالانت وغانتس وآيزنكوت، ليست إلا نزاعا على السلطة وكسب المجتمع الإسرائيلي كل إلى طرفه، والمعارضة التي يقودها لابيد وليبرمان وجدعون ساعر لا تختلف على تدمير غزة والقضاء على المقاومة الفلسطينية الباسلة، ولا ينكرون على نتنياهو وحكومته القتل والدمار الذي أحدثه في القطاع، إنما خلافهم على جعل تحرير الأسرى أولوية وفق صفقة، ثم يأتي الحديث عن تفكيك وتدمير فصائل المقاومة.
اعتراف بعض الدول الغربية بدولة فلسطين جاء متأخراً رغم أنها خطوة مهمة يمكن البناء عليها، على الرغم أيضا من عدم رضى أغلب الفلسطينيين عما يسمى بدولتين يهودية وأخرى فلسطينية وهذا يعرفه الكثيرون. لكن السؤال الذي يطرح لماذا لم يعترف الغرب والولايات المتحدة بدولة فلسطين مبكراً أثناء توقيع معاهدة السلام؟! إذن هذا هو السؤال الأبرز.
لطالما اعتقدنا أن الغرب من مصلحته وجود الكيان الصهيوني في قلب الأمة العربية والإسلامية لسهولة السيطرة على العالم العربي والتحكم بثرواته، بعد أن تكبدت الدول المستعمرة خسائر كبيرة بخروجها من مستعمراتها مدحورة بائسة. وجود دولة كالكيان الإسرائيلي مكسب لا يمكن الاستغناء عنه وهو الورقة الرابحة لها في المنطقة (الجوكر)، وما يثير الحيرة والتعجب هو تأخر قرار دولة كإيرلندا وهي دولة عانت من الاحتلال البريطاني ردحاً من الزمن لأراضيها والذي أشعل حرباً طائفية بين أهم طائفتين في المجتمع الإيرلندي البروتستاني والكاثوليكي. فعلاً كل تلك المؤشرات تزيدنا قناعة أن الغرب لا يريد الخير لهذه الأمة، ونلحظه بانضمام المزيد من الدول إلى النيتو، ودول وصفت بحياديتها كالسويد ومحادثات توصف بالاستكشافية بين سويسرا والإتحاد الأوروبي قد يؤدي إلى تقارب بين الطرفين وانضمام سويسرا إلى برنامج الشراكة من أجل السلام الذي أطلقه الحلف الأطلسي رغم عدم دخول سويسرا كعضو فيه، فإذا ما انفرجت القضايا العالقة بين النيتو وسويسرا فهل هذا يأذن لطي صفحة الحيادية التي تمسكت بها سويسرا؟! يعطينا الجواب الشافي لنواياه الخفية وما يضمره لعالمنا العربي والإسلامي من تطلعات مريبة.