الإفراج عن الكاتب الصحافي الجزائري سعد بوعقبة مع تقييده بالرقابة القضائية على خلفية مقاله الأخير
القدس العربي
قرر قاضي التحقيق بمحكمة الدار البيضاء بالعاصمة، الإفراج عن الكاتب الصحافي سعد بوعقبة مع تقييده بإجراءات الرقابة القضائية، وهو ما يعني الإفراج عنه بعد مخاوف من إيداعه الحبس المؤقت.
وجاء تقديم بوعقبة أمام النيابة على خلفية مقاله الأخير الذي وردت فيه أوصاف اعتبرت مسيئة لسكان ولاية الجلفة في الداخل الجزائري، وهو ما أدى لاعتقاله ووضعه في الحجز تحت النظر بمركز للشرطة في العاصمة الجزائرية لمدة يومين.
ويأتي هذا الإجراء، على الرغم من اعتذار بوعقبة عما ورد في مقاله وتأكيده على أنه لم يقصد ما تم تأويله عنه، حيث كتب يقول في عمود اليوم الموالي على موقع مدار: “لقد أثار مقالي السّابق المُعنون “بعيدا عن السّياسة”، موجة عارمة من سُوء الفهم، من قبل مُحترفي اصطياد “سُوء الفهم” والمُتاجرة بهِ، فاتّهمني هؤلاء بتعمّد الإساءة لمنطقة أولاد نايل الشّهمة، بالرّغم أنّني داعبتُ بتهكّم واضح، العديد من الولايات، بما فيها الجلفة! وقد تهكمتُ على ظواهر عايشتها، ولم أتهكّم على السّكان في الولايات!؟ “.
وأضاف بوعقبة “واجبي التّوضيح للذّين يحتاجون التّوضيح، أنّني سعيد لبقاء منطقة الجلفة حسّاسة لما أكتب، فقد كانت هذه المنطقة من بين أكثر المناطق مُتابعة لمقالاتي الصّادرة في الشروق الأسبوعي، “صيحة السردوك”، سنوات الجمر، حيث كانت الصّحيفة تُوزّع في هذه الولاية وحدها قرابة مائة ألف نسخة! لهذا أتفهّم حجم حساسية الجلفة لما أكتبه، وأُطمئن هؤلاء الأحرار أنّني لم أقصد الإساءة، وما هو إلا سُوء فهم غير مُؤسّس!”.
وقال المحامي وعضو هيئة الدفاع عن سجناء الرأي، عبد الغني بادي، في تصريح لـ”القدس العربي” إن اعتذار بوعقبة وتأكيده على أنه لم يقصد الفهم الذي شاع عن المقال، يسقط من الناحية القانونية القصد الجنائي من الجريمة إذا اعتبره مضمون مقاله في الأصل جريمة.
وتخوف بادي في حديثه من أن يتم إيداع بوعقبة السجن المؤقت، بخلفية أخرى تتعلق بمواقفه وآرائه، داعيا الجهات القضائية إلى تحري التقدير الصحيح للوقائع التي لا تتطلب أصلا وجود تحقيق حتى يودع الرجل وهو شخصية معروفة وفي هذا السن الحبس المؤقت.
وكان بوعقبة قد فجر جدلا واسعا ، بعد إطلاقه أوصافا اعتبرت مسيئة لسكان ولاية الجلفة في الداخل الجزائري، وهو ما استدعى خروجه للاعتذار وتأكيده على أن كلامه لم يفهم في السياق الذي أراده.
وقال بوعقبة في عبارة صدمت البعض “إذا اختار الرّئيس تبون فعلا ولاية الجلفة، وبلدية البرين على وجه الخصوص، لتربية أبقار المشروع القطري، فقد أصاب هذه المرّة عين الحقيقة! فالأمر يُعد ترقية لمنطقة الجلفة، من مستوى الخرفان، إلى حجم الأبقار!”. وتابع: “حتّى سياسيا.. فسُكّان هذه الولاية، كانوا دائما خِرفانًا، وترقيتهُم إلى “أبقار سياسية”، يُعدّ تطورا لافتا!”. وكان الكاتب يتحدث في مقاله بشكل ساخر، عن خلفيات السلطة في انتقاء المشاريع الاقتصادية بمختلف الولايات الجزائرية.
ولاقى الكاتب من ناحية أخرى، تعاطفا من بعض من رأوا أنه يواجه حملة مبالغا فيها لأن الأمر لا يحتاج إلى كل هذا التهويل، معتبرين أن البعض يحاول تصفية حساباته مع الكاتب باستغلال المقال. وقال سليم صالحي وهو صاحب الموقع الذي يكتب فيه بوعقبة، إن الكثيرين ممن هاجموا الرجل في الساحة السياسية والإعلامية، لا يحق لهم ذلك، بعد أن ظلوا يقرعون طبول الفتنة خلال الحراك الشعبي ويخونون المتظاهرين، وهم اليوم يبحثون ركوب الموجة فقط.
ويعد بوعقبة أشهر كتاب العمود في الصحافة الجزائرية، وهو يزاول المهنة منذ 50 سنة، ويمتاز بقلمه اللاذع في انتقاد السياسيين، واشتهر بالخصوص بعموده نقطة نظام على جريدة الخبر التي توقف عن الكتابة فيها منذ أكثر من سنتين. كما عرف عنه انخراطه في الحراك الشعبي وتبنيه موقفا رافضا للانتخابات التي نظمتها السلطة منذ نهاية سنة 2019.