عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Aug-2020

الضرر الذي وقع على النووي الإيراني - عوزي ايفن

 

هآرتس
 
منذ اكثر من عقد يجري (كما يبدو)، وحسب (مصادر اجنبية) صراع خفي بين ايران واسرائيل حول البرنامج النووي لايران. وقد حان الوقت لفحص ثمار هذا الجهد وتحليل تأثيراته.
يمكن البدء بفحص البرامج النووية لإيران على مر السنين. كل شيء بدأ قبل خمسين سنة، في عهد الشاه الذي قرر بأن ايران هي دولة كبيرة بما فيه الكفاية من اجل أن تتحول الى دولة عظمى نووية (ربما بإلهام من اسرائيل، حيث إنه توجه ايضا الينا طالبا المساعدة). وبعد بضع جولات بني أخيرا مفاعل نووي روسي على اساسات وضعها الالمان في بوشهر، وبدأ بتوفير الكهرباء في العام 2012. هذا هو المفاعل الاغلى في العالم (10 مليارات دولار)، والذي بني في مدينة ميناء بعيدة (حيث إنه كان يجب نقل كل قطع المفاعل)، وهو يوفر الآن نحو 2 في المائة فقط من اجمالي انتاج الكهرباء في الدولة.
مكان المفاعل يقع على ملتقى ثلاث صفائح تكتونية في منطقة معدة للهزات الارضية، وقرار خاطيء من جميع النواحي المنطقة. في العام 2013 تم وقف نشاطه لبضعة اشهر في اعقاب هزة ارضية بقوة 6.3 درجة على مقياس ريختر. هذا المفاعل يستخدم من قبل ايران كذريعة لتخصيب اليورانيوم رغم أن الاتفاق مع روسيا يضمن تزويد جار للوقود اللازم لهذا المفاعل. وكذلك لمفاعلين آخرين مثله بدأت في بنائهما. من نافل القول إنه اليوم انتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية في المناطق الصحراوية الضخمة في ايران تجعل هذا المشروع زائد.
الايرانيون يقولون إنه من اجل تشغيل المفاعل فقد بنوا مصانعهم لتخصيب اليورانيوم. في المصنع في نتناز يوجد نحو 5 آلاف جهاز طرد مركزي من الجيل الاول. المعرفة والمواد لذلك جاءت من باكستان التي سرقت المخطط الالماني من مصنع في هولندا. التقليد الايراني للمخطط الهولندي غير ناجع وغير موثوق بشكل خاص. عدد المشاكل كبير، الايرانيون اضطروا الى استبدال اجهزة طرد مركزي بوتيرة تبلغ 100 وحدة في السنة. اجهزة الطرد المركزي تعمل في مجموعات (كل 164 جهازا في مجموعة)، ووقف جهاز واحد من هذه الاجهزة يوقف نشاط المجموعة كلها. من هنا فإن التوقفات بمثل هذه الوتيرة تقلص درجة نجاعة المصنع كله. هكذا، انتاج اليورانيوم المخصب من المفاعل في نتناز كان ضئيل، خلال سنتين اقل من 1.5 طن من الوقود المخصب. هذا في الوقت الذي فيه تشغيل المفاعل يحتاج الى 40 طنا من الوقود في السنة. هذا اليورانيوم المخصب يمكن استخدامه كمادة انطلاق لإنتاج سلاح نووي، قنبلتين تقريبا.
اذا كان هناك من يشك فيما يتعلق بنوايا ايران الحقيقية ازاء المعطيات اعلاه، جاءت وثائق الارشيف التي حصل عليها الموساد والتي فقط تم نشر القليل منها. لقد كان لإيران برنامج منظم لانتاج سلاح نووي. الوثائق تشير الى اماكن البحث، مجموعات البحث، اسماء المسؤولين وتفاصيل المعدات (حتى العام 2003). ايران كذبت في هذه المواضيع، لكن من اجل الدقة التاريخية، هي ليست الدولة الوحيدة التي كذبت بهذا الشأن، تقريبا كل الدول فعلت ذلك.
منذ العام 2010 بدأت عملية تدريجية وبطيئة لادخال فيروس متطور أعد للمس فقط باجهزة الطرد المركزي في نتناز. شيفرة الفيروس (التي كانت اطول بعشرة اضعاف من فيروسات اخرى) كانت متطورة الامر الذي صعب اكتشافها. وقد تم تفعيلها فقط على اجهزة حاسوب راقبت اجهزة الطرد المركزي من انتاج ايراني. حتى في حينه كان نشاطه عرضيا ولم يدمر على الفور اجهزة الطرد المركزي، بل فقط أدى الى تسريعها أو ابطائها. ومن خلال ذلك ادى الى تلفها السريع. مراقبو النووي يشيرون الى أنهم انتبهوا الى وتيرة سريعة لتبديل اجهزة الطرد المركزي في نتناز (كاميراتهم تم تركيبها في مدخل المنشأة)، حسب تقديرهم أكثر من الف جهاز طرد مركزي تضرر الى أن اكتشف الايرانيون مصدر الضرر. المفاعل توقف فعليا عن العمل لسنتين. يمكن فقط وصف خيبة أمل الايرانيين الى أن اكتشفوا المصدر. هذا بالتأكيد أبطأ ايران وساعد في اقناعها في التوقيع على الاتفاق النووي. وهناك من يعتقدون بأن هذا كان الهدف الاساسي لفيروس “ستوكسيند”.
ربما تجدر الاشارة هنا الى أن تركيب اجهزة الطرد المركزي واجراء ميزانية ديناميكي لها يقتضي دقة شديدة وعمل في ظروف “غرف معقمة”. المبنى الذي تم تدميره بحاجة الى سنة على الاقل كي يتم ترميمه. بناء على ذلك، الضرر في الوقت للبرنامج النووي الايراني يقدر بسنتين على الاقل. لا شك أن هذه العمليات السرية اوقفت البرنامج النووي لعدة سنوات، تأجيله، لكن ليس انهائه.