عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Nov-2019

حين يتدفق العرب - افرايم غانور

 

معاريف
 
مثلما في مجالات عديدة في حياتنا، نستيقظ متأخرين. أو أننا نتبين كم أننا لم نسمع الاصوات ولم نرَ العنوان الذي لاح على الحائط.
هذا ما يحصل هذه الايام مع الوسط العربي في اسرائيل، والذي يبقى الموقف منه في معظمه مثلما كان في الايام الاولى من الدولة، حين فرض عليه حكم عسكري كاد ينطوي على قيود وقرارات قاسية.
فضلا عن الاهمال طويل السنين من جانب كل حكومات اسرائيل – التي استثمرت القليل جدا في جهاز التعليم، في البنى التحتية البلدية، في الصحة، في الثقافة وفي المواصلات – ينبغي أن نقول باستقامة ان الكثيرين منا فضلوا ان يروا هذا الوسط كدون، مهمل وبعيدا عن العيون.
لقد كانت الخطيئة الكبرى وما تزال في اننا لم نعمل ولم نحاول تقريب عرب اسرائيل منا. لم نمنحهم الاحساس بأنهم جزء من الدولة ويسعدنا أن نراهم كشركاء كاملين في بناء الدولة. اما المتشددون فيقولون ان هذا قصورا جسيما تواصل لسنين لو كنا عملنا على اصلاحه قبل نحو أربعة عقود لخلقنا هنا جسرا لعرب يهودا، السامرة وغزة – ولكان كل شيء مختلف اليوم. بدلا من ذلك جعلنا عرب اسرائيل خونة ومكروهين، رغم ان غالبيتهم العظمى هم جمهور مخلص وبراغماتي، يتطلع الى الاندماج والعيش هنا بسلام وانسجام.
اما المتسامحون فسيقولون بالمقابل اننا كنا منشغلون بالحروب، باستيعاب ملايين المهاجرين، بالمشاكل الاجتماعية في داخلنا وفي بناء البلاد وتطويرها – فلمن كان الرأس لعرب اسرائيل؟
في الوقت الذي يقترب فيه الوسط العربي بخطى واسعة ليصل الى المليون الثاني، ينبغي أن نقول ان الكثيرين منهم اندمجوا على نحو جميل في مجالات مختلفة في حياة الدولة. غير أننا لا نعطي الرأي في التغييرات التي تجري في الوسط ولا نفهم بأن عرب اسرائيل لم يعودوا “جيل الصحراء” اولئك السكان العرب الذين اجتازوا النكبة، رأوا قيام الدولة وقوة الجيش الاسرائيلي والشعب اليهودي. ان الجيل الشاب في الوسط العربي هو جيل متعلم وطموح، واكثر جسارة بكثير، مفعم بالثقة بالنفس وبعيد عن المشاعر السلبية التي رافقت آبائه وأجداده. كما أن هذا هو السبب الذي يجعل الطبيعة الابوية للمجتمع العربي تكاد تختفي. لقد مرت الايام التي كان فيها لشيوخ العشيرة تأثير كبير على كل ابناء العائلة.
من هنا فإن من يستخف أو يتجاهل هذا الجمهور او يعرضه كعدو بدلا من أن يقربه – من شأنه ان يدفع ثمنا باهظا. فمسألة وقت فقط الى أن يستوعب الوسط العربي ويفهم جيدا مكانته وقدرته على التأثير على مبنى الحكومة في اسرائيل ويعمل على استغلال قوته. عندما يبدأ عرب اسرائيل قريبا في التدفق بجموعه الى صناديق الاقتراع، لا شك ان حكومات اسرائيل المستقبلية، مثلما هو المجتمع العربي في اسرائيل سيكونون مختلفين تماما. وهذا سيحصل قريبا جدا.