عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Jan-2020

المحتوى أساس تطوير الإعلام - عمر عليمات

 

الدستور- هواجس تطوير الإعلام، خاصة التحديات التي تواجه الصحافة التقليدية امام الإعلام الرقمي، لا تنحصر في الأردن أو العالم العربي بل هي قضية عالمية، لا تتعلق بمنطقة دون أخرى، فالكل يواجه نفس التحديات، إلا أن الاختلاف يكمن في آليات التعامل مع الواقع الجديد.
ولعل الاختلاف الجوهري في التعامل مع قضية تطوير الإعلام يكمن في قدرة المؤسسات الإعلامية الدولية على استنباط الحلول ووضع الخطط الكفيلة بالبقاء في دائرة المنافسة، مستندة إلى استقلال قرارها التحريري والمالي، فيما تتصدر الجهات الحكومية في الوطن العربي الواجهة لمناقشة آليات التطوير ووضع الاستراتيجيات التي من الممكن أن تنهض بالقطاع، إلا أن التجربة تقول بأن التطوير الذاتي هو الحل الأمثل لأي مشكلة.
عندما نتحدث عن إعلام تقليدي وإعلام رقمي يجب أن ندرك تماماً بأن هذا الوصف ينطبق على آلية النشر ولا علاقة له بالمحتوى نهائياً، وقد يكون التعريف الأفضل للإعلام التقليدي هو الإعلام آحادي الاتجاه، فيما الإعلام الرقمي إعلام ثنائي الاتجاه أي أنه يسمح بهامش كبير للمتلقي للرد والمناقشة والتعبير عن رأيه بالمحتوى المنشور، ونشر آرائه ومعلوماته بشأن القضية المطروحة، بعكس التلفزيون والإذاعة والصحف المطبوعة.
اليوم وفرت الثورة التكنولوجية الهائلة عدد غير محدود من وسائط النشر، إلا أنها في نهاية الأمر وبدايته ليست أكثر من وسائط ووسائل تزداد أهميتها أو تقل بناء على المحتوى المنشور عبرها، فهل من الممكن أن نتخيل تويتر أو فيسبوك أو أي مدونة ومنصة الكترونية بلا محتوى؟، وهل ستبقى هذه الوسائط سيدة المشهد بلا محتوى أم ستصبح مجرد تطبيقات صماء لا تسمن ولا تغن من جوع.
وهذا ما يقودنا إلى مقولة «المحتوى هو الملك»، فالأساس في الصحافة بغض النظر عن طريقة النشر هو المحتوى القادر على إيصال الرسالة الصحيحة في الوقت المناسب، وهذا ما لن يحدث بدون معلومة، مما يعيد القضية إلى المربع الأول وهو مدى الانفتاح على الصحافة وحرية الحصول على المعلومات، ومدى الحرية الممنوحة لوسائل الإعلام لمناقشة القضايا الكبرى والاستراتيجية بهامش يمكنها من المنافسة والاستمرار، استعادة ثقة الجمهور.
تطوير القطاع الإعلامي يبدأ من نقطة جوهرية وهي الإيمان بأن الناس تبحث عن المحتوى بغض النظر عن الوسيلة، فهناك مؤسسات كبرى ذات ثقل إعلامي دولي ما زالت مواقعها الإلكترونية لا تلبي الحد الأدنى من مواصفات اليوم، حتى أنها ما زالت غير معنية بتطوير حساباتها على تويتر أو فيسبوك إلا أن لا أحد يمكنه الاستغناء عن خدماتها نظراً لما تقدمه من محتوى خبري وتحليلي، نظراً للهامش الكبير الذي تتمتع به في نشر المعلومات التي تمتلكها دون أي اعتبارات سوى نشر المعلومة الموثوقة والصحيحة.
ببساطة التطوير جوهره المحتوى وما بقي قشور وتجميل، والحديث عن مقارنات بين إعلام تقليدي وآخر رقمي، هو حديث عن وسيلة نقل لا أكثر ولا أقل، فهل المطلوب أن نصل إلى الجهة التي نريد أم نركز على الوسيلة حتى وان أوصلتنا إلى الجهة المعاكسة تماماً؟.