عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Apr-2025

العودة لـ"العلم نور"*محمود خطاطبة

 الغد

الأغلبية من الشعب الأردني، يذكرون مسلسل «العلم نور»، خصوصًا أبناء جيل السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وقتها كان البعض منا أطفالًا أو فتيانًا صغارًا أو شبابًا في مقتبل العمر.. حينها كنا نتمسمر أمام شاشات التلفاز من أجل مشاهدة هذا المسلسل، ذي المغزى والهدف الرائعين.
 
 
عندما كنا نشاهد مسلسل «العلم نور»، كان جل اهتمامنا منصبًا على مشاهدة مقطع يضحكنا، أو مادة تلوكها ألسنتنا، بحيث تصبح مادة للتندر، لكن أبدًا لم يكن يخطر ببال الكثير منا، أننا أمام لوحة رائعة، رسمت على مهل، وبكل عناية، من أجل أهداف عدة، على رأسها يقف التشديد على أن الوحدة الوطنية تسمو على كل الأهداف، أو المحافظة على النسيج الاجتماعي، الذي يتكون منه المجتمع الأردني، وهو ما يميزه حتى كتابة هذه السطور.
 
اليوم، وفي ظل الأصوات الناشزة، والظاهرة في الوقت نفسه، أكانت خارجية أم داخلية، والتي تؤمل النفس بنهش جدران مجتمع بني على أساسات قوية، حسدًا من عند أنفسهم، أو حقدًا أو كرهًا.. ما أحوجنا إلى «العلم نور»، فهذا المسلسل، أو بمعنى أصح لنقل بأنه كان عبارة عن نبراس حياة، يدل على أن المجتمع الأردني قوي البنيان، لا يستطيع أحد أن ينهش، أو يؤثر سلبًا، على هذا البنيان، وسيبقى كذلك بإذن العظيم جل في علاه، ثم مروءة ويقظة ووعي شعبه.
ما أحوجنا اليوم إلى «العلم نور»، كمنهاج حياة، أكد لنا ذات يوم، أن المواطن الأردني، أكان مدنيًا أم قرويًا أم فلاحًا أم بدويًا أم نابلسيًا أم خليليًا أم قدسيًا أم شاميًا، يعيشون جنبًا إلى جنب، يقتسمون لقمة العيش، وأحيانًا أخرى المسكن الواحد.. يعيشون همًا واحدًا، ويفرحون لحدث هنا، ويألمون لحادثة هناك، ويجتمعون دومًا لتحقيق أهداف نبيلة، فضلًا عن أنهم يشاركون بالأخلاق نفسها.
أولئك جميعًا، كانوا في وقت من الأوقات، لا تفرقهم لهجة معينة، ولا يختصمون لمجرد أن بعضهم يتبع إلى منطقة ما، ولا تحابي فئة أبناء منطقته على أخرى لمجرد قربها منها.. جميعهم على قلب رجل واحد، أسمى غاياتهم حماية الوطن والذود عنه وقت المحن أو الأزمات، بالإضافة إلى هدف آخر يتمثل بتحرير الأرض من العدو الغاشم، وديدنهم المناداة دومًا بالقومية العربية، وبالوحدة العربية أو الاتحاد العربي.
المتتبع لتلك الأيام، وصل إلى درجة من اليقين بأن المجتمع الأردني، متماسكًا، لا تؤثر فيه حادثة هنا أو واقعة هناك.. كان متيقنًا بأن هذا المجتمع، بفضل أبنائه، لن يصيبه شرخ لما يتمتع به من منعة قوية، ولن تعيقه مجموعة ضالة، أبت إلا أن تلوث مياهًا كانت وستبقى «نقية».. كان متيقنًا بأن المجتمع الأردني لا يقيم وزنًا ولا يلقي بالًا لنعيق ناشز، هدفه الأول والأخير النيل من هذا الوطن، واستقراره وأمنه.
نعم، «العلم نور» كان مسلسلًا يبدو للوهلة الأولى، بأنه لتقضية وقت، أو للفكاهة أو التسلية، لكن في الحقيقة كان عبارة عن نظرية، طبقت على أرض الواقع، تؤكد أن كل من يقطن على تراب الأردن، هم شعب واحد، مشتركون في المصير، فإن كانت هناك إيجابيات فإنها حتمًا ستصيب كل قاطن على أي ذرة من ذرات هذا الوطن، والعكس صحيح تمامًا في حال كانت هناك سلبيات، فسنكتوي بنيرانها جميعًا.