عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Feb-2019

الغموض يكتنف البريكست

 

افتتاحية - «نيويورك تايمز»
غالبا ما جرى التكهن بالفوضى التي ستنجم عن الخروج البريطاني من الاتحاد الاوروبي من دون ابرام اتفاق، مع ذكر تفاصيل مثيرة للرعب- سلع عالقة لعدة اسابيع ونقص في الادوية وفرار للشركات وضياع لفرص العمل. لقد اقترب الموعد المحدد في الحادية عشر مساء بتوقيت لندن في اليوم التاسع والعشرين من شهر اذار المقبل لدرجة ان الخدمة المدنية شرعت بالاعلان عن قبول الطلبات في مركز طوارئ خاص بالخروج من الاتحاد الاوروبي. على الرغم من ذلك، يبدو ان رئيسة الوزراء تيريسا ماي وبرلمانها لا يسعهم سوى اجراء اقتراعات عقيمة يتمثل تركيزها الاساس في تدعيم المواقف والاقتراب اكثر من شفا الهاوية.
وتدور الاقتراعات ذاتها حول امور رمزية في افضل الاحوال، اذ كان اخرها قبل ايام تحرك غير ملزم يهدف الى تأييد استراتيجية السيدة ماي التي تتعرض لهجوم عنيف. وقد كانت خسارتها المهينة بواقع 303 الى 258 صوتا مثالا جديدا على عجز رئيسة الوزراء عن رأب صدع عميق في حزبها، ناهيك عن الانقسامات الحزبية في البرلمان، منذ الهزيمة المدوية التي لحقت بخطتها المتعلقة بالبريكست في الشهر الماضي. 
مع ذلك، فان مع كل صوت تخسره، تتلاشى سلطتها اكثر فاكثر وايمان الاتحاد الاوروبي بقدرتها على التوصل الى اي اتفاق عن طريق البرلمان. لكن الرئيسة الاسمية لحزب شديد الانقسام لا تزال راغبة عن المخاطرة بانتخابات قد تخسرها لصالح جيرمي كوربين من حزب العمل، اليساري التقليدي الذي ينقسم حزبه ازاء البريكست. 
ان ما يثير القلق في هذه الدوامة العاصفة من المخاوف والبرامج المتضاربة، الموقف الثابت لانصار البريكست من المتشددين بان الخروج من غير اتفاق ليس معقولا فقط بل وربما كان مرغوبا بوصفه وسيلة تؤكد فيها بريطانيا على سيادتها. ان استخفافهم بحزمة التنبيهات التي صدرت عن الشركات يبين باوضح صورة من خلال تصرف بوريس جونسون، وزير الخارجية الاسبق، اذ سمع في شهر حزيران الفائت وهو يستهزئ بهذه المخاوف. ان معسكر المحافظين المتشدد صوت ضد اي محاولة لسن تشريع يتعلق برفض الخروج من دون اتفاق. 
ومن المدهش حقا في خضم هذه النقاشات غياب الاعتراف بان الاتحاد الاوروبي، وله المقولة الحاسمة في كيفية تحرير بريطانيا من الروابط الاقتصادية والقانونية المعقدة التي تشكلت على مدى اكثر من اربعة عقود، لا بد وان يعلن موافقته على اي اتفاق. لقد اصر الاتحاد على ان الاتفاق الذي توصل اليه مع حكومة السيدة ماي، ورفضه البرلمان البريطاني، لا يقبل التغيير الجوهري. 
من المنتظر ان تقع المواجهة التالية للسيدة ماي مع البرلمان في نهاية الشهر الحالي، حين يتوجب عليها اعطاء تقرير عن التقدم الذي احرزته مع الاتحاد الاوروبي، والذي سيكون معدوما على الارجح. عقب ذلك، قد يصوت البرلمان على سحب ادارة عملية البريكست منها. ومن الممكن ان تكون الخطوة الاخيرة التي تتخذها السيدة ماي هي ان تنتظر الى اللحظة الاخيرة وتواجه البرلمان بخيارين اما القبول بما تفاوضت عليه من اتفاق او تمديد طويل الاجل لموعد البريكست. هذا على الاقل ما صدر عن كبير مفاوضيها المسؤول عن ملف البريكست أولي روبينز حين سمع وهو يحادث زملاءه في احد المقاهي ببروكسل.
ان الطريقة التي تسير بها العملية، بالاعتماد على تصويت منطقي في اللحظة الاخيرة، تعد كارثية بحق. هناك العديد من المواقع التي تظهر عدا تنازليا بالفعل لحلول البريكست، ويبدو ان رسالتها تتضمن ان الموعد بات وشيكا، وان الحصول على تمديد لن يكون الخيار الاسوأ على الارجح.