عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    30-Jun-2022

التشكيلي دويك يخط خلاصة تجربته في “كلما جفت الألوان”

 الغد-عزيزة علي

 وقع الفنان التشكيلي ياسر دويك، أول من أمس، في منتدى الرواد الكبار، كتابه “كلما جفت الألوان”، الذي يتضمن صفحات من مسيرة الفنان، وشارك في الحفل الذي أدارته المستشارة الثقافية القاصة سحر ملص، المؤرخة الدكتورة هند أبو الشعر بورقة حول الكتاب.
مديرة منتدى الرواد الكبار هيفاء البشير، قالت: “نحتفي في هذه الأمسية من أمسيات المنتدى بكتاب فنان كبير، صاحب بصمة واضحة في عالم الفن هو الفنان ياسر دويك مؤلف كتاب “كلما جفت الألوان”، الذي يعيدنا إلى جذوره، وبداية مشواره الفني مع الألوان في مدينة الخليل مدينة المودة والرحمة، ومدينة القدس التي تؤاخي الناس، وقد رسخت في وجدانه القيم الكبيرة، ومن ثم مشواره وحياته في القدس، والمدن الأخرى.
وأشارت البشير إلى أن تلك المدن بحضاراتها وفنونها تعد من روافد إبداع دويك التي أمدته بالفن، وجعلته يحلق في عالم الجمال، مشيرة إلى أن الفنان دويك هو أحد أعضاء اللجنة الفنية في منتدى الرواد الكبار، وفي هذا الكتاب يضع بين أيدينا خلاصة تجربته في الحياة، لنشاركه تلك الرحلة المميزة ونتعرف على جذور إبداعه.
قالت الدكتورة هند أبو الشعر “إن الساحة الفنية تفتقر لكتب تدون وتسرد سيرة الفنانين التشكيليين في الوطن”، مبينة أن سيرة الفنانين الكبار من غربيين وعرب دونت في كتب، كتب بعضها أصحابها، أو اجتهد البعض فكتبوا سيرة هؤلاء الكبار، لافتة إلى أن سيرة الفنانين التشكيليين في الأردن باب غير مطروق، فنضج الحياة الفنية التشكيلية اليوم، يستوجب فتح هذا الباب بلا تأخير.
ونوهت أبو الشعر إلى أن سيرة جيل الرواد من الفنانين الذين رسخوا حضور هذا الفن منذ السبعينيات من القرن العشرين، تستحق التدوين والنشر والاحتفاء أيضاً، مبينة أن ما قام به دويك من تدوين بهذه الصفحات، هي الخطوة الأولى التي تؤسس لهذه التجربة، وتفتح باب سرد جديد بعد أن اعتدنا على مذكرات وذكريات رجال السياسة، لقد آن أوان كتابة سيرة الفن والاحتفاء بأصحابها.
وقالت أبو الشعر إن دويك المولود في مدينة الخليل، وعاش في القدس، هذه الثنائية جعلت سطوة المكان عليه واضحة جداً في ذاكرته وفي لوحاته، ويبدو من استعادته لذاكرته في الخليل أنها تمثل الطفولة المبكرة وتمتد لاحقا بعد الانتقال للقدس لوصف الخليل في أشهر الصيف، فالخليل ارتبطت عبر التاريخ بالقدس، وفي الزمن العثماني منذ 516 م، كانت الخليل ناحية تتبع لواء القدس، وتسجل دفاتر التحرير العثمانية المبكرة أوقاف الجامع الإبراهيمي، ولا ننسى “الدشيشة”، التي ما تزال تميز مدينة الخليل حتى اليوم.
وتابعت أبو الشعر “من أجمل ما سجلته ذاكرة الفنان استعادته لدبس العنب الخليلي الخمري اللون عندما كان يُغمسه بالخبز البلدي، مع طحينة السمسم، وكأنه يغمس فرشاته في اللون الخمري والتي ذكرته بلوحات الفنان الهولندي الشهير “رمبراندت”، ولا يمكن استعادة ذاكرة الفنان في قصبة الخليل دون أن يتوقف عند الكروم التي تنفتح عليها مساحات بيتهم، أو البلور الخليلي الأزرق الرائع والخزف”.
وأشارت أبو الشعر إلى أن دويك اختصر كل هذه المباهج التراثية بقوله: “أنا ابن شعاع البلور والتشكيلات التراثية التي تميز أطباق وأواني صناعة الزجاج والخزف”، التي تستأثر بها مدينة الخليل دون منازع، دويك اختصر علاقته بالخليل بقوله: “الخليل سكنتني أكثر مما سكنتُها، فهي حالة تأمل واستغراق دائمة لا تبرحني أبداً، ولا ننسى ما استدعاه دويك من سوق الخليل والبلوطة التي أصبحت موقعاً سياحياً تاريخياً، كما لا ننسى الإشارة إلى الكنيسة المسكوبية في الخليل، أي كنيسة الأرثوذوكس، ومن الأمور التي لا يعرفها القارئ العادي أن أهالي الخليل كان من بينهم سكان خلايلة من المسيحيين، يصلون في كنيسة المسكوبية، وأنهم رحلوا جميعا إلى القدس ربما في عهد صلاح الدين الأيوبي الذي استقدم للقدس مسيحيين من شرق نهر الأردن، وتذكر سجلات القدس في العهد العثماني المبكر “المسيحيون من الخلايلة”، في إحدى حارات القدس وأنا اطلعتُ عليها”.
وخلصت أبو الشعر إلى أن ما استوقفها في ذاكرة ياسر دويك الكثير، وكلها مواقف إنسانية ومؤثرة، ومن هذه المواقف، كما أشارت أبو الشعر “صورة الأب وهي معادلة للخليل والقدس، وعلاقته بالمكان، الخليل، القدس، عمان، بغداد، إنه يتعلق بالمكان ويرتبط به بمحبة، وعلاقته بأساتذته واحترامه الفائق لمن تتلمذ على أيديهم، نبل إحساسه تجاه مهنته معلما، التعليم عنده ليس وظيفة بل مهمة مقدسة، لقد عرفته معلما في معهد معلمات عجلون وفي مرسمه بالجامعة الأردنية، وكم كنت أتمنى لو أجلس بين طلبته وأرسم معهم بإشرافه، ومشاعره الوطنية التي انسكبت على الأمكنة التي تسيدت في كل لوحاته تقريبا”.
ومن جانبه، قدم الفنان الدكتور ياسر دويك شهادة إبداعية حول الكتاب، مبينا أن عنوان الكتاب “كلما جفت الألوان”، هو تعبير عن طبيعة الاتجاه العملي في فن الرسم والتصوير والجرافيك؛ حيث إن التصوير الزيتي يحتاج إلى وقت كاف للجفاف، وكذلك فن الجرافيك الذي يعتمد على استخدام طبقات لونية عدة.
وتابع دويك “طبيعة عملي الوظيفي، في مجالات متعددة، كالتوجيه التربوي، والتدريس الجامعي، تستلزم وقتا طويلا، يبعدني عن العمل الفني، فتجف الألوان قبل أن تكتمل الصورة، مما يحتم عليّ الإعادة أو الاستكمال”.
وأشار دويك إلى أن كتابه يضيء على لحظات مسروقة، “كنت أختلسها من سياق حياتي المهنية والاجتماعية كي أختلي بلوحاتي، كما أنه يجسد رحلة الفن بين عالمين، العربي والغربي، وما تتضمن هذه الرحلة من مفارقات حضارية وفنية وفكرية”.
ويقول دويك “القدس هي مرحلة مهمة جدا في تربية الثقافة الجمالية والروحية، وتعزز المكانة الفكرية والقيم الفنية، مما جعلني أخصص لها المساحة الكبرى”، مؤكدا أن هذا الكتاب ليس سيرة ذاتية له بل هو رؤية لواقع حضاري من جهة، ولتحولات الفن الحاصلة على المستويين العربي والعالمي.
أما عمان، فقال عنها دويك “تستأثر تاريخا بمكانة كبيرة، فيها تعززت الجوانب التربوية الفنية وفيها بدأت باستنبات براعم فنية، أصبحت فيما بعد عنوانا للحركة الفنية وفيها بدأت تجربتي الفنية تبرز وتنضج”، لافتا الى أن الكتاب هو رواية صادقة لوقائع وحقائق وأشخاص عاشوا بيننا بعضهم ما يزال روحا وفكرا والآخر روحا وفكرا وجسدا.
ويعد الفنان ياسر دويك أحد أبرز الفنانين التشكيليين في الأردن، وأحد المساهمين في نشر وتأسيس الفن التشكيلي والجرافيك في الأردن، وهو أحد المؤسسين لرابطة التشكيليين الأردنيين، حصل على جائزة بينالي الإسكندرية في العام 1976، كما حصل على جائزة الدولة التقديرية في الفن التشكيلي في الأردن لعام 1978، وقد تنوعت خبرته في الرسم والتصوير، والحفر والطباعة، والخزف، وأعمال المينا.
وأقام دويك أكثر من نحو 15 معرضا فرديا وشارك في العديد من المعارض الدولية، يعمل أستاذا للجرافيك في كلية الفنون والتصميم بالجامعة الأردنية، وهو عضو لرابطة التشكيليين الأردنيين، عضو جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، وعضو الأمانة العامة لاتحاد التشكيليين العرب.