عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Oct-2021

ارتفاع أعداد إصابات “كورونا”: لا مجال للرضا عن الذات

 الغد-افتتاحية – (الغارديان) 20/10/2021

 
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
 
تبحر بريطانيا ما بعد الإغلاق بشكل خطير قريباً من الريح. كانت حصيلة إصابات يوم الأربعاء البالغة 49.139 حالة أعلى بكثير من الأرقام المماثلة المسجلة في أماكن أخرى في أوروبا. ويتزايد عدد حالات الاستشفاء والوفيات، ويشغل مريض بـ”كوفيد” حاليًا سريرًا من كل خمسة أسرة للعناية المركزة. وقد حذرت هيئة الصحة الوطنية البريطانية، التي تكافح للتعامل مع قائمة انتظار تضم 6 ملايين شخص، من أنه إذا لم يتم ضبط التصاعد في الحالات، فسيتعين اتخاذ قرارات بغيضة بشأن الأولويات. ويقول الموظفون المنهكون، والقليلون جداً من حيث العدد، إنهم على وشك الانهيار. والشتاء لم يبدأ بعد.
بالنظر إلى هذا السياق الذي يزداد قتامة، لم يفعل المؤتمر الصحفي الأول لوزير الصحة، ساجيد جافيد، الكثير لبعث الطمأنينة. كان إعلان السيد جافيد أن عقاقير جديدة مضادة للفيروسات، والتي تقلل من شدة الإصابة بـ”كوفيد”، قد تكون متاحة خلال أشهر، أخبارًا جيدة جدًا. ولكن، بالنظر إلى أن اتحاد هيئة الصحة الوطنية يدعو إلى اتخاذ تدابير عاجلة لمنع حدوث أزمة وشيكة، فإن ذلك كان مصدر إلهاء أيضاً. وحول قضية اليوم، رفض وزير الصحة رفضًا قاطعًا فكرة أن الضغوط على هيئة الصحة الوطنية تجعل جهودها غير مستدامة، على الرغم من الاعتراف بأن حالات “كوفيد” قد ترتفع إلى 100.000 حالة يوميًا. وبدلاً من ذلك، قدم للجمهور حديثًا حماسيًا، حاثاً إياه على تذكُّر التصرف بحذر عند الاختلاط.
ألم نكن هنا من قبل؟ من الصعب عدم استنتاج أن ميل بوريس جونسون إلى القيادة المتفائلة يجعل الحكومة تبدو، مرة أخرى، راضية وبطيئة في التصرف احترازياً بسرعة. وبعد أن رفع رئيس الوزراء جميع القيود الخاصة بالوباء خلال الصيف، لم تتحقق التوقعات بارتفاع الإصابات إلى مستويات عالية جدًا. وأدى ذلك إلى الأمل في أن “الخطة ب” -إعادة فرض تدابير مثل ارتداء أقنعة الوجوه الإلزامي وجوازات سفر اللقاح والعمل من المنزل- لن تكون ضرورية أبدًا. وفي ظل عدم وجود رسائل فعالة تفيد بالعكس، يعتقد قسم كبير من السكان أن الوباء قد انتهى فعليًا، بينما فقدت الحكومة تركيزها عندما يتعلق الأمر بتوصيل الجرعة الثالثة الداعمة من اللقاح لكبار السن. ثمة 30 مليون شخص مؤهلون لتلقي جرعة؛ وقد تلقى 4 ملايين جرعة حتى الآن. ويبدو أن هناك غياباً لأي شعور جماعي بالإلحاح.
تحدث الطفرة الخريفية لعدوى “كوفيد” لمجموعة من الأسباب. فقد تم تلقيح معظم سكان المملكة المتحدة مرتين في وقت أبكر من معظم البلدان الأخرى، ولذلك وصل عدد أكبر من الناس إلى النقطة التي تبدأ فيها المناعة بالتراجع تدريجياً. وهذا ليس خطأ الحكومة. لكن هناك عوامل أخرى كانت تحت سيطرتها. حدث تطعيم المراهقين بشكل أبطأ بكثير مما حدث في إسبانيا على سبيل المثال، ما أدى إلى انتقال العدوى داخل المدارس الإنجليزية. وبالعودة إلى نمط التحرر من القيود، تقدمت حكومة جونسون على الآخرين، بما في ذلك في بقية بريطانيا، في تخفيف القواعد الخاصة بارتداء أقنعة الوجه. وخلال الصيف، تخلت عن فكرة اشتراط الحصول على تصاريح تلقي اللقاح للتواجد في التجمعات الجماهيرية.
كان الهدف من هذا النهج القائم على فكرة الحرية والسهولة، وغياب الرسائل العامة التحذيرية، هو تعظيم الفوائد الاقتصادية للانفتاح. وأدى تبني نغمة من هذا النوع بشكل حتمي إلى عودة قطاعات كبيرة من السكان إلى سلوك ما قبل الجائحة. ويجعل هذا من إرسال الرسائل الصحيحة وسماعها أكثر صعوبة. وجاء تحذير جافيد المتأخر من أن الوباء لم ينته بعد أشهر من التراخي الناجم عن سياسة عدم التدخل.
بطبيعة الحال، أدى إطلاق حملة التطعيم إلى تغيير مشهد “كوفيد” إلى الأفضل، حيث قلل إلى حد كبير من إمكانية حدوث نتائج خطيرة بعد الإصابة. لكن الحكومة صرحت مرارًا وتكرارًا بأنها ستتدخل إذا بدا أن “هيئة الخدمات الصحية الوطنية” أصبحت تحت خطر الانهيار. ومن الواضح أن هذا أصبح الآن قريبًا من أن يكون واقع الحال. وقد يصبح اتّباع نهج أكثر حذرًا في الحياة اليومية ضروريًا مرة أخرى خلال فصل الشتاء الغادر المقبل. وعلى الحكومة مسؤولية استباق هذه الحقيقة المزعجة وتولي زمام القيادة كما ينبغي.
 
*نشرت هذه الافتتاحية تحت عنوان: The Guardian view on the Covid surge: no more room for complacency