عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Oct-2021

أيّهما يقول «الحقيقة».. تل أبيب أم واشنطن؟*محمد خروب

 الراي 

لم يتأخّر رد الدوائر الأمنِية في دولة العدو الصهيوني, على ما زعمه متحدث الخارجية الأميركية نيد برايس الذي بدا وكأنّه فوجئ بقرار حكومة العدو إدراج ستّ جمعيات وهيئات حقوقية فلسطينية على أنّها منظمات «إرهابية», تقوم بـ«تمويل» فصيل فلسطيني هو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إذ جاء على لسان مصدر أمنيّ صهيوني بأنّ «الإدارة الأميركية أُبلِغَتْ مُسبقاً بهذا القرار»، مضيفاً (المصدر الصهيوني) في وصفٍ لاذعٍ أنّ التصريح الصادر عن متحدث الخارجية الأميركية: كان خاطئاً.
 
ما كان لأيّ مصدرٍ إسرائيلي أن يصِفَ تصريح مسؤول أميركي أيًّاً كانت درجته الوظيفية بأنّه خاطئ، لولا «ثقته» واطمئنانه بأنّ واشنطن كانت على عِلمٍ بالقرار. وهذا يحيلنا إلى السردية الأميركية المعروفة في تهافتها وتواطئها الدائم مع الدولة العنصرية الصهيونية، سواء فيما خصّ القمع والتنكيل الذي لا يتوقّف بعموم الشعب الفلسطيني, أم دائماً في مسألة الاستيطان والضمّ الزاحف للأراضي الفلسطينية وتهويد القدس وتهجير السكّان الأصليين وهدم أو الاستيلاء على بيوتهم، والاكتفاء بإصدار التصريحات المُتلعثمة والوعود الخُلّبية التي لا تُنفذ ولا تتمّ ترجمتها على أرض الواقع، خاصّة في «الأجواء» التي تمّ الترويج لها بعد قدوم بايدن وفريقه إلى البيت الأبيض، وما أشيع عن طيّ صفحة إدارة ترمب وكنس صفقة القرن المشؤومة, وغيرها من الاشاعات التي بدت وكأنّها أقرب إلى التطبيق منها إلى الخيال، إن لجهة تعيين مبعوث لـ«عملية» السلام التي شبعت موتاً, أم خصوصاً لاستعادة العلاقة مع سلطة الحكم الذاتيّ في رام الله ورئيسها، بعد أن أدار ترمب ووزير خارجيّته الافنجيليّ بومبيو ظهريهما له بازدراء. ناهيك عن الوعود بإعادة فتح القنصلية الأميركية في شرقي القدس، و«الضغط» على إسرائيل لوقف تهجير سكّان حيّ الشيخ جرّاح وبلدة سلوان، وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وخصوصاً العمل على توفير الدعم المالي والمساعدات لخزينة السلطة ووكالة الغوث الدولية (أونروا) وجمعيات وهيئات المجتمع المدني الفلسطيني.
 
شيءٌ من هذا لم يحدث، وما حدث لم يكن سوى فقاعات إعلامية صادفَ أنّها تزامنت مع اندلاع المواجهات في القدس ومحيط الحرم القدسيّ الشريف، وما رافقها من مواجهة عسكرية دامت أحد عشر يوماً، انخرطت فيها واشنطن مُرغمة ولم تتجاوز في حدّها الأقصى إطفاء الحريق وإطلاق المزيد من الوعود عن إعمار غزّة، وإعادة سلطة رام الله إلى قطاع غزّة للإشراف على الإعمار, وغيرها من المسائل التي يُتقن الأميركيون التركيز عليها دون اي اهتمام بتطبيقها.
 
تذكرون الاستراتيجية الأميركية التي التزمت بها الإدارات الأميركية المتعاقبة، جمهورية كانت أم ديمقراطية، وهي التركيز على وإعلاء شأن جمعيات وهيئات المجتمع المدني المسماة اختصاراً NGO,s والتي عبرها ومن خلال تمويلها المكثف والسخيّ, يتمّ تدبير الثورات المُلونة, بالتعاون مع الفوضويين والفاشيين والمتأمركين، وقد سجلت أجهزة الاستخبارات كما السفارات الأميركية في دول عديدة «نجاحات» حقيقية, عندما جاءت بأنظمة وقادة يلهجون بالشكر والتمجيد لأميركا.. نصيرة الحريات والديموقراطية وحقوق الإنسان وحريّة المرأة، والانتخابات «المُبكرة» التي تأتي بأنصارها إلى الحكم, على ما حدث في أوكرانيا وجورجيا وبوليفييا وفنزويلا، وما كاد يحصل خصوصاً في لبنان (الضغوط الأميركية ما تزال قائمة في بلاد الأرز لاستبدال ما يصفونه منظومة الفساد الحاكمة الحالية, عبر ما أطلقوا عليه زوراً.. ثورة تشرين قبل عامين)، ناهيك عمّا رافق ثورات الربيع العربي المزعوم من محاولات لتسليم السلطة إلى أحزاب فاشيّة وأخرى فوضوية وثالثة حملَت شعارات إسلاموية, تمّ رفدها بالدعم الإعلامي والمالي والسياسي، إضافة إلى تسليح وتدريب ورعاية وإرسال الإرهابيين إلى دول نجحت في تفادي سيناريوهات التقسيم والفوضى على النحو الذي شهدته سوريا، وما عاشه اليمن وخصوصاً ليبيا والسودان, كما كانت الجزائر وما تزال مرشحة لأن تكون ساحة «ساخنة» أخرى.
 
في السطر الأخير... صمتت واشنطن ولم تُعقب (حتّى ساعة كتابة هذه العُجالة), على ما كشفه المصدر الأمني الصهيوني عن «عِلمها المُسبق» بقرار دمغ المنظمات الحقوقية الفلسطينية الست بـ«تمويل الإرهاب»، بل إنّ المصدر الأمنيّ الصهيوني اكّد أنّ المحادثات التي جرت بين واشنطن وتل أبيب أفضت إلى أنّ الخارجية الأميركية ستُصدر «تصريحاً مُصححاً", بمعنى أنّ متحدث الخارجية سيتراجع عن إدعائه بأنّ «واشنطن فوجِئت بالقرار الإسرائيلي وستطلب توضيحاً من تل ابيب».