الغد
الخرطوم - فتح المبعوث النرويجي للسودان أندرياس كرافيك، نافذة جديدة لتعاطي الخرطوم مع مبادرة "المجموعة الرباعية"، بعدما رفض رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان ورقة مستشار الرئيس الأميركي للشؤون الأفريقية مسعد بولس لحل الأزمة.
وعقب مشاوراته مع البرهان في بورتسودان الخميس الماضي، قال كرافيك، وهو أيضا وزير الدولة بالخارجية النرويجية، إن "بولس لم يقدم مقترحات جديدة للحكومة السودانية بشأن الهدنة الإنسانية".
وكشف أنه تواصل شخصيا مع المبعوث الأميركي لتوضيح الأمر، وأن ما يثار حول وثيقة جديدة يعود فقط إلى "سوء فهم"، مؤكدا أن المقترح الوحيد المطروح هو الذي تم عرضه قبل أسابيع.
في السياق كشفت مصادر أمس أبرز بنود المقترح الأميركي لوقف النار بالسودان ويتضمن ثلاثة مسارات هي: مسار عسكري وإنساني وسياسي.
ويناقش المسار العسكري وقف إطلاق النار في السودان وفتح الباب أمام عملية إنسانية تسمح بتدفق المساعدات وإيصال الإغاثة واستئناف الخدمات للسكان في كل مناطق البلاد.
كما تضمن المقترح تشكيل لجنة دولية للإشراف على وقف إطلاق النار وآليات المراقبة على الأرض لضمان تأمين المسارات الإنسانية وحماية المدنيين لضمان العودة الآمنة وتضطلع الآلية بمعالجة أي خرق فيما يلي وقف إطلاق النار.
أما المسار السياسي، فقد نص المقترح على عملية سياسية تقودها القوى المدنية ما عدا عناصر النظام القديم والإسلاميين، وتبدأ في مناقشة قضايا الانتقال ودعم المسار الإنساني الذي يبدأ من الموافقة على الهدنة من جانب الجيش والدعم السريع لإطلاق عملية إنهاء الحرب بشكل كامل.
كذلك، نص المقترح على عملية إصلاح عسكري شامل يقضي بإخراج (الإخوان) من الجيش السوداني والأجهزة الأمنية في إطار عملية إصلاح كاملة وإعادة هيكلة تتضمن عمليات دمج المجموعات المسلحة وتفكيك المجموعات التي تقاتل بجانب الطرفين، بحيث تخلص العملية إلى جيش موحد ومهني ومؤسسات أمنية خاضعة للسلطة المدنية الوليدة من العملية السياسية.
وبحسب المقترح الأميركي فإن عملية الهيكلة هي عملية إصلاحية لا يقرر فيها الجيش والدعم السريع لوحدهما باعتبارها قضية تهم كل السودانيين.
ووفق بيان لمجلس السيادة، فقد أشاد البرهان بجهود الرئيس الأميركي دونالد ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في دعم السلام بالسودان، مؤكدا أن الحكومة تتعامل بصورة إيجابية مع أي مساع دولية تسهم في إنهاء الحرب ووضع البلاد على طريق الاستقرار.
وكشفت مصادر رسمية أن الحكومة سلمت ردها على ورقة الهدنة الإنسانية إلى المكتب التقني لمستشار الرئيس الأميركي، مضيفة المصادر أن البرهان رفض الورقة الاميركية، بعد مشاورات جرت من قبل فريق من مجلس الأمن والدفاع السوداني.
وقالت المصادر أن تفاصيل الترتيبات الأمنية والعسكرية ومستقبل المؤسسة العسكرية كانت في الواقع مطابقة لـ"ورقة بولس"، . وأوضحت المصادر -التي طلبت عدم الإفصاح عن هويتها- أن القيادات العسكرية والأمنية ومجلس الأمن والدفاع تحفظوا على "ورقة بولس" وعدوها محاولة لتفكيك الجيش وحل الأجهزة الأمنية، و"شرعنة مليشيا الدعم السريع" وإعادة الأوضاع إلى ما قبل نيسان (أبريل) 2023 عندما اندلعت الحرب.
وكان البرهان قد وصف المقترحات بأنها "أسوأ ورقة يتم تقديمها"، وقال "إذا كان بولس يريد حلا فعليه الرجوع لخارطة الطريق التي قدمها مجلس السيادة"، كما وصف اللجنة الرباعية بأنها "غير محايدة".
من جهته، أكد مسعد بولس أن واشنطن قدمت خطة بصياغة قوية لإنهاء الصراع في السودان، لكن لم يقبلها الجيش ولا قوات الدعم السريع، وأفاد خلال مؤتمر صحفي في أبو ظبي أن "الجيش السوداني رحّب بالمقترح قبل أسابيع لكنه لم يقبل رسميا بالنص، وعاد بشروطه المسبقة".
"وثيقة بولس"
ونشرت منصات قريبة من الحكومة تفاصيل عن وثيقة بعثها مكتب مسعد بولس، بوصفها "الإطار المتوقع لليوم التالي للحرب"، وبحسب التسريبات، فإن الوثيقة لا تكتفي بتحديد مسار العملية السياسية، بل تتجاوز ذلك إلى رسم شكل الدولة وإعادة بناء الجيش والمؤسسات الأمنية.
وتدعو الخطة إلى إعادة بناء المؤسسة العسكرية وتحويلها إلى "جيش موحد ومهني وخاضع للسلطة المدنية، بعيدا عن أي انتماء أيديولوجي أو ارتباط بجماعة الإخوان المسلمين"، كما تشمل تفكيك الأجهزة الأمنية الموازية، وإعادة هيكلة قطاع الأمن وفق معايير "الحياد والاحتراف والمحاسبة".
وتطرح الورقة كذلك برنامجا شاملا لنزع السلاح، والتسريح وإعادة الدمج بشكل يستهدف القوات غير النظامية والجماعات المسلحة، باعتباره محورا أساسيا لإعادة تشكيل المنظومة الأمنية الجديدة.
أما في ملف وقف إطلاق النار، فتقترح الوثيقة إنشاء "لجنة تنسيق وقف النار" بإشراف شركاء دوليين، على أن تضم ممثلا من المجموعة الرباعية يكون مسؤولا عن إدارة أعمالها ومراقبة الالتزامات، وحماية المدنيين، وضمان مرور المساعدات، وتسوية الخلافات من خلال الحوار بدلا من انهيار الاتفاق.
وتتضمن الوثيقة أيضا ترتيبات لعودة النازحين واللاجئين، مع توفير حماية شاملة لهم، إلى جانب تعويضات أولية للمتضررين من الحرب.
وتحدد الوثيقة أن الانتقال السياسي المرتقب سيُنظم عبر مسار "يُدار بقيادة سودانية"، لكنه يُشرف على تنفيذ آليات عدالة انتقالية واسعة، تشمل لجان مساءلة ومحاكم خاصة لضمان سلام مستدام ومنع تكرار الانتهاكات.-(وكالات)