صدر حديثًا للروائي والأديب الأردني سعادة أبو عراق رواية بعنوان «تفاصيل الحلم الدافئ»، جاءت لغتها سلسة تجمع بين الحوار المسرحي والسرد الروائي، وتميل إلى أدب الخيال الذي نادرًا ما يُطرَق في الأدب العربي. وتتجنب الرواية تحديد المكان، ما يجعلها مفتوحة أمام تأويلات القرّاء كافة، ويعيدهم إلى أمجاد الأدب والفكر في المنطقة.

تتناول الرواية حدثًا خارقًا يتمثل في اكتشاف علاج شامل لجميع الأمراض المزمنة، من العجز الجنسي والشلل الجسدي والأمراض النفسية وفقدان الذاكرة وصولًا إلى الموت الإكلينيكي. وتمتلك شخصية الدكتور فؤاد المالح في الرواية «عشبة الخلود» القادرة على إعادة الشيخ إلى صباه، والقيام بما يشبه معجزات السيد المسيح.

ويبدأ «المالح» سلسلة أعماله الخارقة بعلاج «أبو حديدة» (البلطجي) من شلل نصفي، ثم بإعادة الشباب إلى سليمان أبو حامد وزوجته العجوز، ليصل الأمر إلى أن تحمل العجوز وتلد في الوقت نفسه الذي تلد فيه حفيدتها، وفي المستشفى ذاته. ويواصل «المالح» أعماله الاستثنائية فيعالج «محمود» من فقدان الذاكرة، لتبلغ ذروة الأحداث عند إنقاذ «يوسف» من موت الدماغ.

أمام هذه التحولات غير المسبوقة، تعمّ بلبلة في البلاد، ويدعو مجلس النواب إلى جلسة لمناقشة أعمال «فؤاد المالح» وتأثيرها على المجتمع، بعد أن خلا البلد من الشيوخ والعجزة. ويطرح النواب أسئلة جوهرية حول نظرية مالتوس وتفنيدها علميًا، وحول علاقة العلم بالسعادة البشرية، وحدود امتداد عمر الإنسان.

ويتساءل أحد النواب: «هل العمر المديد نعمة للإنسانية أم وبالًا عليها؟» بينما يتساءل آخر: «من يملك حق تحديد عمر الإنسان؟» ويقترح نائب ثالث توقيع من يخضع للعلاج على وثيقة تتيح للدولة إنهاء حياته إذا بلغ الـ120 عامًا.

كما يناقش النواب الفئات المستحقة لعمليات «تنشيط الشباب»: السياسيون؟ المثقفون؟ العباقرة؟ وهل يمكن معالجة الجنوح الأخلاقي لدى الأفراد؟ ويتوقفون عند شخصية المعالج نفسه، الذي يعجز عن علاج ذاته، متسائلين: «ألا يستحق فؤاد المالح الخلود؟»

تطرح الرواية أحداثًا وأفكارًا غير مألوفة، وتفتح بابًا واسعًا على الأسئلة الفلسفية المرتبطة بوجود الإنسان والموت والحياة، مؤكدة أن الموت ضرورة لإنسانية البشر، وأن خلود فئة قليلة قد يقلب موازين الوجود.