عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    04-Jun-2024

طبعة جديدة من رواية "بعد الحياة بخطوة" ليحيى القيسي

 الغد

في العاصمة البريطانية لندن صدرت الطبعة الثانية من رواية "بعد الحياة بخطوة" للروائي الأردني يحيى القيسي عن "ألف كتاب وكتاب"، وهي منصة جديدة لنشر الكتب الرقمية العربية، إضافة إلى الكتب الصوتية والورقية حسب الطلب.
 
 
الرواية صدرت طبعتها الأولى في العام 2018، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروتِ، وهي رواية معرفية كما يقول كاتبها: "تحاول الإجابة عن سؤال الموت وما بعده بشكل غير تقليدي أو نقلي كما ورد في الموروث الديني، بل من التأمل الطويل لهذه القضية المصيرية التي تقلق كل بشري، إضافة بالطبع إلى القراءات فيما يسمى "تجربة الاقتراب من الموت"، التي وصل إلى تخومها الملايين من الناس ثم عادوا ليروا ما جرى لهم أثناء الغيبوبة خصوصا، أثناء العمليات الجراحية والتخدير الكامل أو في حالة الحوادث والصدمات التي يفقد فيها المرء وعيه".
 
ويقول القيسي في تعريفه لروايته: "حضرت القرية في هذه الرواية بكل تجلياتها وخصوصا في فترة الطفولة على شكل انثيالات لمفردات وعبارات قصيرة مكثفة ومفخخة بالدلالات، كل واحدة منها تحيل إلى صور وروائح وأمكنة وتفاصيل اجتماعية وسياسية وغيرها، مما يستدعي من النقاد والباحثين تفكيك شيفرتها للأجيال الجديدة من القرآء الذين لم يختبروا تلك الحياة ولم يسمعوا بتلك المفردات، كما أن التجليات الروحية في الرواية عالية، وشديدة التكثيف للمعارف التي فيها، والتي تجمع بين المعلومة والتخيل السردي، وآمل بعد كل ذلك أن أكون قدمت فيها شيئا مغايرا للسائد، ويبعث على الغبطة لقراءة النص والتفاعل معه".
الرواية جاءت في 236 صفحة ومن الجدير بالذكر، أن القيسي روائي وباحث أصدر من قبل مجموعتين قصصيتين هما "الولوج في الزمن الماء" 1990، رغبات مشروخة 1996، إضافة إلى خمس روايات هي: باب الحيرة 2006، أبناء السماء 2010، الفردوس المحرم 2015، بعد الحياة بخطوة 2018، حيوات سحيقة 2020، إضافة إلى كتاب بحثي يراجع تجربة الصوفي الشهير ابن عربي.
سبق أن عمل في الصحافة الثقافية والإدارة في الأردن وتونس والإمارات وبريطانيا، كما أسس موقع "ثقافات" منذ العام 2012، وهو يدير حاليا منصة "ألف كتاب وكتاب".
من أجواء الرواية نقرأ: 
"انتبه إلى أنه داخل هالة ضوئية مفعمة باللطف، تغلفه بالكامل، وترفعه بسلاسة نحو الأعالي، فيما تهب عليه أحاسيس ودودة تغمره بالطمأنينة. بدا له أنه ليس وحيدا في هذا العروج، وأن ثمة من يرافقه. أدرك بأن عليه أن يتخلص أولاً من توجه خواطره نحو الأرض".
سمع صوتا في داخله يقول: "تخفف من أحمالك حتى تستطيع الصعود دون صعوبة واجعل همتك نحو الأعالي".
نظر إلى الأرض المتباعدة التي تنداح تحته نظرة مودع، مستسلما للهواجس التي تطلب منه أن يساعد نفسه للصعود دون مقاومة. حينها ظهرت له الأرض منبسطة وشاسعة بلا حدود، تحيطها الجبال الثلجية والبحار من كل جانب".
"عجب لأن هذه الأرض تبدو ممدودة دون نهاية، وساكنة دون أدنى حركة، لم ير كرة ضخمة تدور حول نفسها بسرعة هائلة، كما تعلم في كتب الجغرافيا المدرسية، بل جبالا راسخات، وأودية سحيقة، ومحيطات واسعة مغمورة بالمياه، وأحس بأنه هو الذي يدور بسرعة مذهلة مسحوبا إلى الأعالي".
"كأن الأمر كذلك منذ الأزل، أو ربما تشوش بصره، وتشتت ذِهنه فلا يستقر على شيء..!".
وسط كل هذه الأجواء، التي تحيل إلى حلم غامض، أحس بخيط من الضوء الفضي، يمتد من جسده الأثيري الخفيف هذا إلى جسده الآخر الأرضي المتروك على سرير المسْتشفى مثل خرقة بالية، تحت رحمة الأطباء وأجهزة الرقابة، وكلما كان يركز فكره على ذلك الجسد تعود إليه قدرات السمع الحاد، والرؤية الباهرة، والشعور بكل التفاصيل من حوله، كما لو أنه هناك قربه، رغم كل هذه المسافات المذهلة التي قطعها في عروجه".  
"انتبه إلى أن ضوءا غامرا يشكل دائرة متوهجة قد ظهر له في الأعالي، غير أن المسافات هنا، وهي تتخلص من وطأة الزمن السائل المسفوح بلا حسبان في هذا الفضاء اللامحدود، تجعل من البعد والقرب مسألة نسبية، سرعان ما تتلاشى عند أول خاطر له بمواصلة الصعود كأن إرادته الداخلية هي ما يسيره حسب ما يأتيها من البوارق، أو يوحى إليها من الإشارات، أو ما يملى عليها من الخواطر والعبارات..!".  
"واصل عروجه نحو تلك الدوامة الضوئية التي اتسعت، مشكلة بوابة في سقف السماء اللدن. انتبه إلى طفلة ترافقه بجمالها الفطري الهادئ الذي يجلب الحبور إلى النفس، فيما نظراتها التي تشع رقة ولطفا بدت كفيلة بأن تغمره بفيوضات من الحنان والطمأنينة، وتجعل عبوره من تلك البوابة مسألة عادية، كما لو أنه ظل يعبرها في منامه كل ليلة من قبل، ويعرف تماما ما يختبىء خلفها من الأسرار".