عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-Feb-2019

هل يُقوَّض أردوغان..صيغة أستانا و«الثُلاثِيّ الضامِنْ»؟ - محمد خروب

الراي - ثمة"اسبوع حاسم"تعيشه العلاقات الروسية التركية والايرانية التركية,في ظل الحديث المتواتر(ولكن المتناقِض)عن معركة وشيكة, بات الطرف الروسي لا يُخفي غضَبَه وإن بلغة دبلوماسية ولكن حازمه، إزاء المُراوَغة التركية المتواصِلة, لإطالة أمد اتفاق بوتين ـــ اردوغان حول المنطقة منزوعة السلاح في إدلب, كان تمّ التوقيع عليه في 17 ايلول الماضي،لكن اردوغان مضى قُدماً في نهج التسويف والمُماطلة,شاخصاً بل مغازلاً واشنطن, قاصِداً استثمار الإعلان الاميركي المُلتبِس الإنسحاب من المناطق التي يحتلّها في شرق وشمال سوريا, كي يُغيّر جدول الاعمال ويفرض على موسكو مَنح الأولوية لمسألة إقامة آمنة على الحدود السورية التركية, في الوقت ذاته الذي يَرفع فيه عقيرته, مُهدِّداً باجتياح - مُؤكَّد كما يزعُم- مناطق شرقي الفرات بحجة مُحارَبة الإرهاب.

تبدو اللعبة التركية وقد وصلت نهايتها روسِياً وإيرانياً، فلم تعد موسكو تشتري بضاعة لم يُوفرِّها اصلاً اردوغان منذ خمسة اشهر,في شأن تطهير إدلب من الجماعات المُسلّحة وعلى رأسها هيئة تحرير الشام/ جبهة النصرة التي بات اردوغان يُروّج لـِ"اعتدالها"بهدف إدماجها في خانة المُعارَضة السياسية, وربما لاستبدالها بالمعارَضة السورية البائسة(هيئة التفاوُض)التي يريد اردوغان لفظها الان, بعد ان وظّفها طويلاً لخدمة مخططه العثماني,وبخاصة خلال غزوَتيه"درع الفرات وغصن الزيتون"بإشراك مُرتزقة الجيش الحر فيهما, كوقود لمعاركه العثمانية ثم شرع في عملية تتريك مُبرمَجة للمناطق السورية المحتلة, وها هو يعمل باستذكاء مكشوف بات مَرفوضاً الان بقوة،على تتريك مُحافَظة إدلب,ولكن عبر حلفائه الجُدد (إقرأ القدامى)في جبهة النصرة,بما هي الفرع السوري لتنظيم القاعدة الإرهابي.
موسكو تقول بلا مُواربة وعلى لسان أعلى مستوياتها السياسية والدبلوماسية: انه لا يمكن السماح ببناء"محميات إرهابية» في هذه المنطقة, وإدلب لا يمكن ان تظل خزّاناً للإرهاب,وتضيف...بما لا يمنَح احداً اي فرصة للتأويل او التفسيرات الملتوية:»..لا أحد سيعترف بهذه المنطقة (إدلب بما هي منطقة خفض تصعيد) على هذا النحو الى الابد, وعلى تركيا تنفيذ التزاماتها وخصوصاً تعهّداتها باحترام الوحدة الاقليمية لسوريا وسيادتها من دون اي استثناءات.وتمضي قدماً في فتح «كل» الملّف قائلة:موسكو لن تُوافِق على ان يبقى (أي جزء) من الاراضي السورية خارج سيادة الحكومة الشرعية.
تجد انقرة نفسها الان,وعلى ابواب قمة سوتشي الثلاثية,في الرابع عشر من الشهر الجاري (الخميس القريب) في وضع لا تُحسَد عليه.وعليها ان تقرّر خطواتها اللاحقة,بعد ان لم يعد ثمة هامِش مناورات او أحبولات ومراوغات جديدة أمامها, إذ سيقتَصِر جدول أعمال القمة العتيدة (إن عُقِدت) على «بَنديْن» فقط. أَولَهما الإنسحاب الأميركي من سوريا,والثاني وهو الأهم ومُحوَر النقاش الذي نحسبه سيكون عاصِفاً وخِلافِياً,وفق المؤشرات كافة,"الوضع في إدلب", ما يعني اندلاع معركة كبرى في إدلب.حيث أعلنت تركيا «رَفضَها» المشارَكة فيها,قائلة في ما يشبه""الحسم":ان وجود مجموعات مُتشدّدة, لا يُبرّر هذه العملية التي ستُخلّف ملايين اللاجئين (في محاولة مكشوفة لإثارة اهتمام وتحريض الدول الاوروبية), غامِزَة من قناة موسكو, ولكن بطريقة حذرة جداً عندما تُشير إلى"وجود استفزازات تهدِف الى (تقويض) اتفاق سوتشي (2018/9/17 ,(الذي نصّ على إقامة منطقة منزوعة السلاح».
مَن يُريد تقويض اتفاق بوتين – أردوغان؟
لم يعد لدى انقرة ثمة ذريعة تلجأ اليها بعد خمسة اشهر من إلحاح روسي,اتّسَم كثيراً وطويلاً بالمجاملة,وتُوفير المُبرّرات لها كي لا تَتهرّب من مسؤولياتها تجاه هذا الاتفاق,الذي كان يجب أن يكون اكتمل منذ الخامس عشر من تشرين الاول الماضي,لكنها دبلوماسية المُراوغة والأوهام الاردوغانية,باستعادة الأمجاد وإرث الأجداد في البلاد العربية وخصوصا سوريا.ولهذا عِيل صبر موسكو في ما يبدو نهائياً هذه المرة،عندما تقول:ننتظر من انقرة تفعيل جهودها لتنفيذ الاتفاقات الروسية التركية بشأن"تحرير"محافظة ادلب من الارهابيين.
لا عملية عسكرية مُشترَكة روسية – تركية كما راج مؤخراً،فهي – العملية المشتركة– لو تمّت,لكانت بالفعل رصاصة رحمة ووأد للمشروع التركي الإستعماري في شمال وشرقي سوريا.لأن لا منطقة آمنة ستكون قيد الإنشاء حتى من خلال صفقة بين الحليفين الاطلسيين،المُحتلّ الاميركي وشريكه التركي,فضلاً عن طَيِّ نهائي لملف اسمه"مناطق خفض التصعيد» حيث إدلب هي المنطقة الرابعة والاخيرة,التي ستستعيد الحكومة السورية الشرعية المناطق التي ساعدت تركيا وبعض العربية المجموعات الارهابية السيطرة عليها.وهي ايضاً بداية النِهاية للمشروع العثماني في سوريا حتى لو بقيت قوات المُحتلّ الاميركي حيث هي الان،لأنها لن تحصد سوى الخيبة,بعد ان يكون مشروع حليفها التركي قد سقط(وهو ساقط حتماً).
ماذا عن ايران؟
رفعت طهران منسوب رفضِها للسياسات التركية,وبخاصة تلك الرامية الى إنشاء منطقة آمنة في الشمال السوري بالتنسيق مع المُحتلّ الأميركي,إذ قالت على لسان وزير خارجيتها:"انها ترفُض استبدال احتلال باحتلال",ما يعني ضمن أُمو أُخرى,الإيحاء بموافقتها – إن لم نقُل استعدادها المشارَكة في دحر مشروع المنطقة الآمنة,وبالتأكيد التلويح بالمشارَكة في تحرير محافظة إدلب من المجاميع الارهابية هناك.وهي ليست هيئة تحرير الشام/ النصرة وحدها بل ثمة جماعات أُخرى مثل منظمة حراس الدين والويغور وتسميات ظلامِية عديدة.
اللافت في كل ما يُحيط بالمشهد السوري"الشمالي",هو خروج هيئة المفاوضات السورية البائِسة التي يرأسها نصر الحريري عن صمتها المُريب إزاء التغوّل التركي المُتماد,لتقول في اتّهام صريح لأنقرة:ان الأخيرة"تسعى الى تحويل جبهة النصرة الى مجموعة سياسية,ودمجها بـالجيش الوطني».ما يشي بأن لا علاقة باتت قائمة بين المُشغِّل التركي وهياكل المعارَضات السورية المُفلِسة,وأن رهان انقرة"النهائِي"بات على الإرهابيين وفي مقدمتهم جبهة النصرة وحكومتها المُسمّاة حكومة"الإنقاذ» التي تدير شؤون محافظة إدلب,فيما أهالت انقرة التراب بازدراء على ما كانت تُعرَف بـ"الحكومة المؤقتة» التي ترأسها احمد طعمة.
معركة إدلب واقِعة لا محالة,لكنها ستكون معركة.."مُنظّمة وفَعالّة» كما تؤكِّد موسكو,ونحسب ـــ دون ان نقَع في فَخّ المبالغة ــ ان انقرة ستكون أكبرَ الخاسِرين.
kharroub@jpf.com.jo