عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Sep-2025

قراءة في بيان قمة الدوحة*إسماعيل الشريف

 الدستور

ردّنا يجب أن يكون حاسمًا ورادعًا – عبد الله الثاني ابن الحسين
 
انتهت القمّة العربيّة الإسلاميّة في الدوحة بمشاركة سبعٍ وخمسين دولة عربيّة وإسلاميّة، حيث خُصّصت لبحث العدوان الصهيوني على الأراضي القطريّة. وقد أدان البيان الختامي بأشدّ العبارات هذا الهجوم، مؤكّدًا أنّه يمثّل مخالفةً صارخةً للقانون الدولي، ومعلنًا التضامن مع دولة قطر الشقيقة، والوقوف إلى جانبها في ما تتّخذه من إجراءات لحماية سيادتها واستقرارها. كما أشاد البيان بموقف قطر «الحضاري والحكيم» في تعاطيها مع الاعتداء، والتزامها الثابت بالقانون الدولي.
 
وكانت كلمة جلالة الملك عبد الله الثاني من أبرز كلمات القمّة؛ إذ أكّد أنّ الضربة على الدوحة دليل حيّ على أنّ التهديد الإسرائيلي بلا حدود، وأنّ الردّ يجب أن يكون واضحًا وحاسمًا ويُوظَّف لردع إسرائيل. وطالب جلالته بوجود ردع حقيقي وعملي يُنفَّذ على الأرض، ومن فحوى كلمته يتّضح أنّ الأردن عازم على المضيّ إلى أبعد مدى في سبيل ردع الصهاينة، إذا ما وُجدت آذان صاغية.
 
وقد حظيت كلمة جلالة الملك باهتمام واسع ، إذ جاءت من دولةٍ تجاور فلسطين المحتلّة، وتُعدّ الأكثر التصاقًا بالقضية الفلسطينية، بما لها من تاريخٍ راسخ في المواقف المعتدلة، ولكن الحازمة في الوقت ذاته. ولم تقتصر كلمته على مجرّد الإدانة، بل ارتقت إلى المطالبة بردع محدّد، في تحوّلٍ لافت من الشجب اللفظي إلى الدعوة لاتخاذ إجراءات عمليّة. ورأى الملك أنّ الاكتفاء بالسكوت أو الاقتصار على الكلام سيُفسَّر ضعفًا وقبولًا بالأمر الواقع، وهو ما يهدّد أمن واستقرار المنطقة بأسرها.
 
وفي مقابل هذا التيار المواجه، برز تيار آخر يتّسم بالتحفظ، ساعيًا إلى تجنّب أي مواجهة إقليميّة. دعا هذا التيار إلى الحفاظ على الاستقرار في المنطقة، والتركيز على الحلول السياسية والدبلوماسية، مع تجنّب المطالبة بإجراءات جماعية صارمة. وأكّد على ضرورة ضبط النفس، واستئناف المفاوضات، وتكثيف الضغوط الدولية بالتعاون مع القوى الكبرى، مفضّلًا الابتعاد عن قطع العلاقات أو الانجرار إلى مواجهة عسكرية.
 
وأمام هذين التيارين المتباينين في الرؤية، جاء البيان الختامي بصياغة عامة تركت لكل دولة حرّية تطبيق ما تراه مناسبًا. فتضمّن الدعوة إلى مراجعة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الكيان، واتخاذ التدابير القانونية والدولية بحقه، إضافةً إلى مطالبة الأمم المتحدة بإعادة تقييم عضويته داخل المنظمة الدولية.
 
ويبدو أنّ التيار المتحفظ كانت له الغلبة؛ فبدلًا من إحالة هذا الاعتداء الصهيوني السافر إلى جامعة الدول العربية وتفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك، الموقَّعة في إطار الجامعة والتي تنصّ على أنّ أي اعتداء على دولة عربية يُعدّ اعتداءً على جميع الدول الأعضاء، وهو ما يمثّل تحدّيًا مباشرًا للكيان، اقتصر على توجيه مجلس الدفاع المشترك الخليجي إلى بحث مصادر التهديد الإسرائيلي بعد العدوان على قطر. وقد نصّ القرار على تفعيل آليات الدفاع المشترك بما يضمن أمن الخليج الجماعي. وفي هذا التوجّه رسائل عدّة: أنّ قطر لم تعد وحدها في مواجهة الاعتداء، وأنّ هناك إدانة مبطّنة للولايات المتحدة، مع التأكيد على أنّ العدو هو الكيان الصهيوني لا إيران، فضلًا عن وضع الولايات المتحدة ــ باعتبارها الضامن لأمن الخليج ــ أمام مسؤولياتها.
 
وفي الوقت الذي كان فيه بيان القمّة يُصاغ، خرج مجرم الحرب نتن ياهو متحديًا الجميع، مصرّحًا بأنّه سيستهدف قادة حماس أينما وجدوا، وأنّ عملية قطر لن تكون الأخيرة، في وقتٍ تصاعدت فيه وحشية الاحتلال في غزة. وقد استقبل نتن ياهو وزير الخارجية الأميركي الذي أبدى دعمًا مطلقًا له، مانحًا الاحتلال الضوء الأخضر لمواصلة جرائمه في غزة. ومن منظور الولايات المتحدة، مثّل استهداف قطر فرصة لتعزيز نفوذها في المنطقة عبر توقيع المزيد من اتفاقيات الحماية، وتوسيع القواعد العسكرية، وتكثيف مبيعات السلاح.
 
 بعبارة أخرى، أرادت القمّة أن توجّه رسالة إلى الكيان مفادها: «لن يكون عدوانك بلا ثمن».