عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Mar-2020

ما يحدث هنا هو ترانسفير مدني - مني ماوتنر

 

هآرتس
 
فكرة الترانسفير ترافق الصهيونية من البداية. كان اليهود أقلية في اسرائيل. وحسب قرار التقسيم من تشرين الثاني 1947 فإن 45 % من السكان سيكونون فلسطينيين. في هذه الظروف، إحدى الاحتمالات التي ناقشها الزعماء الصهاينة هو ترحيل الفلسطينيين.
يوسف فايتس، الذي كان في بداية ثلاثينيات القرن الماضي مدير قسم الاراضي والتحريج في الكيرن كييمت، هو الذي دفع قدما بفكرة الترانسفير، في النصف الثاني من الثلاثينيات. وبعد قرار التقسيم قال فايتس إن “الدولة اليهودية لا يمكنها الوجود مع نسبة مرتفعة من أقلية عربية”. وفي 1948، هاجر 700 ألف فلسطيني من بيوتهم. وهناك نقاش تاريخي حول عدد الذين تم طردهم بالقوة وعدد الذين غادروا.
احد التفسيرات التي اعطيت للنظرية الصوفية للحاخام ابراهام اسحق هكوهين كوك، هو أن ارض اسرائيل هي ارض مقدسة. وأن الشعب اليهودي مقدس ومن المحظور تدنيس الارض من خلال استيطان غير اليهودي فيها. وهناك من يقولون إن جهات في اليمين الاسرائيلي أملت بأن تأتي الفرصة المناسبة التي تسمح بالترانسفير. وحسب هذه الاقوال فإن من يؤيدون ضم يهودا والسامرة يعرفون أنه لن يكون بالإمكان إعطاء حقوق مدنية كاملة للفلسطينيين الذين سيتم ضمهم، وايضا لن يكون بالامكان معاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية. لذلك، هم يتمنون احتمالية حدوث الترانسفير.
في النصف الثاني من الثمانينيات اقترح رحبعام زئيفي ترانسفير طوعي. وترانسفير بالإكراه للفلسطينيين في يهودا والسامرة. وقد قال زئيفي إنه “اذا كان ترانسفير غير اخلاقي، فإن الصهيونية غير اخلاقية لأنها قامت ونمت واصبحت دولة من خلال استخدام مكثف لطريقة الترانسفير”. في بداية القرن الواحد والعشرين اقترح افيغدور ليبرمان خطة “تبادل المناطق” التي في اطارها سيتم ضم مستوطنات لاسرائيل ويتم نقل سكان قرى المثلث الى الدولة الفلسطينية. تفكير مشابه يمكن ايجاده ايضا في “صفقة القرن” للرئيس الاميركي ترامب.
منذ اعلان الاستقلال كان موقف اسرائيل هو أن المواطنين العرب سيحظون بالمساواة في الحقوق على اساس شخصي، لكن لا توجد لهم أي حقوق قومية. هذا الموقف كرره ايضا من يؤيدون قانون الاساس: اسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي. والذي تم سنه في الكنيست في تموز 2018.
قبل ذلك عندما صادقت الكنيست على اتفاق اوسلو في ايلول 1993 كان هناك من قالوا بأن الاتفاق غير شرعي. لأنه من بين الـ61 عضو كنيست الذي أيدوه كان هناك اعضاء كنيست عرب. أي أنه لم تكن اغلبية يهودية من اجل المصادقة على الاتفاق. هذا الموقف ظهر مؤخرا عندما نزع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو واعضاء الكنيست تسفي هاوزر ويوعز هندل واورلي ليفي ابكاسيس الشرعية عن خطوة تشكيل حكومة تستند الى اصوات اعضاء الكنيست العرب. والنزاهة تقتضي التفكير بأن هذا ايضا كان موقف جميع المتحدثين بلسان ازرق ابيض حتى موعد الانتخابات.
لكن الحق في تحديد تشكيل الحكومة هو حق اساسي لكل المواطنين في الدولة الديمقراطية. واحدى طرق تطبيق هذا الحق هي المشاركة في الانتخابات. وطريقة اخرى هي تصويت ممثلي المواطنين في مجلس النواب. حنه ارنديت تحدثت عن المواطنة باعتبارها “الحق في أن تكون صاحب حقوق”، الحق الذي يتبع منه جميع الحقوق الاخرى. ارنديت اعتقدت أن حقوق الانسان العالمية مهمة، لكن بدون القدرة على تطبيقها في اطار المواطنة في الدول، فهي لا قيمة لها. موقف رئيس الحكومة واعضاء الكنيست الذين تم ذكرهم يسلب المواطنين العرب جزء مهم من حقهم في أن يكونوا اصحاب حقوق. وهو يصل الى مستوى ترانسفير مدني ضدهم.
الترانسفير الجسدي هو رعب اخلاقي، والترانسفير المدني هو رعب ديمقراطي. ومثلما قلنا، هو موقف يعارض موقف اسرائيل منذ اعلان الاستقلال. وهو موقف كرره من يؤيدون قانون القومية، لكن قبل سنتين. العلاقة بين نوعي الترانسفير وثيقة. فالترانسفير المدني يمكنه في نهاية المطاف تمهيد الوعي قبل القيام بخطوة الترانسفير الجسدي. وكل انسان يجب عليه معارضة نوعي الترانسفير.