عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Jun-2019

ما الإیجابي في خطة کوشنر؟ - عمیره ھاس
ھآرتس
ماذا تشبھ خطة غارد كوشنر؟ انھا تشبھ رسمة لسفینة كبیرة معدة للابحار في رمال الصحراء. من
اجل أن نأخذ على محمل الجد الخطة الاقتصادیة لصھر الرئیس الامیركي یجب أن نتمتع بموھبة
النسیان. یجب فصل الواقع عن الوعي من اجل أن نتمكن من قراءة نص ممل جدا ومليء بالوعود
الفارغة وكلیشیھات رجال الدعایة. أي واقع ھذا؟ واقع سیطرة اسرائیلیة مطلقة في الفضاء، على
الارض وتحتھا، على المیاه وعلى الاشخاص وحیاتھم الشخصیة، وعلى حریة حركتھم، وعلى
ممتلكاتھم وآمالھم وحریتھم.
عن الحدیث مثلا عن ”وصول محدود لمزارعین فلسطینیین إلى الارض والمیاه“ دون الاشارة بشكل صریح إلى أن اسرائیل تقوم بتقییدھم – ھذا یعني الضحك على القراء. لذلك، احتاج سام بحور، النشیط الاجتماعي ومستشار للاعمال ومحلل للواقع الفلسطیني – الامیركي – على أن یجیب كوشنر بنوع من السخریة. ”لقد فعلت ذلك، لقد قمت باصدار 136 صفحة لا یوجد فیھا أي شيء. وھي صفحات ملونة فیھا صور“. ھذا ما كتب في رسالة مفتوحة من ”امیركي إلى صدیقھ“.
الخطة قرأھا على شرفة بیتھ في البیرة ”التي تطل على مستوطنة اسرائیلیة غیر قانونیة، بسغوت“.
لقد فحص أین تندمج المستوطنة في خطة كوشنر. ”أنا أعتقد أنھا تندمج جیدا لأنك لا تشیر إلى أنھا
موجودة. أنا أعرف أنھ لا یجب علینا نحن الفلسطینیین عدم الاشنغال بحقائق مقلقة على الارض“. في الـ 26 سنة الاخیرة تم اصدار آلاف اوراق العمل والاقتراحات لمشاریع تتعلق بمؤسسات فلسطینیة ودولیة. وجمیعھم استخدموا نفس الكلمات التي تزین المشاریع التي أنتجھا مصنع سلالة
ترامب: تعزیز، قطاع خاص، جو اعمال، مشاریع، تنافسیة التصدیر الفلسطیني، مناطق صناعیة،
تحسین النقل، تطویر جھاز التعلیم، دمج النساء في سوق العمل. ولكن من قاموا بصیاغتھا بدؤوا
من نقطة البدایة الضروریة، من اجل النظر في الوقائع. لقد عرفوا أنھ لا یمكن الحدیث بصوت مرتفع عن تطویر الاقتصاد الفلسطیني بدون المطالبة برفع القیود الاسرائیلیة التي تقیده. حتى أن تقاریر البنك الدولي اشارت إلى أن الاقتصاد الفلسطیني یخسر مئات ملایین الدولارات كل سنة فقط بسبب سیطرة اسرائیل على 70 في المائة من اراضي الضفة الغربیة (مناطق ج). ھذا تقریبا ھو الجزء الذي سفیر الولایات المتحدة في اسرائیل، مثل اصدقاءه في المستوطنات، قرر بأن اسرائیل یحق لھا أن تضمھ.
ملیارات الدولارات تم صبھا في غزة والضفة باسم الاھداف المأمولة لتنافسیة القطاع الخاص والاقتصاد المزدھر، وھو الأخ التوأم للسلام. ما فعلتھ ھذه الاموال فعلیا خلال ربع قرن ھو تخفیف الكوارث الاقتصادیة التي فرضتھا وتفرضھا اسرائیل على الفلسطینیین بسبب السلب المستمر لمواردھم الطبیعیة (المیاه، الكسارات، الغاز الطبیعي). إن قیود الحركة وحظرھا وخلق الجیوب المخنوقة وحولھا فضاء المستوطنات العنیفة تبتلع الارض والمیاه، تتسع باستمرار.
الاموال التي تم تخصیصھا للتطویر حولت كھبات للسكان الذین یزدادون فقرا، والذین لا تسمح لھم
اسرائیل بتحقیق امكانیاتھم الاقتصادیة والابداعیة الكامنة. الدول المانحة فضلت تبذیر الملیارات بدل
أن تفرض على اسرائیل كبح نھمھا الاستیطاني. مثلا، دافعو الضرائب الامیركیون والاوروبیون قاموا بتمویل مشروع الاحتلال الكولونیالي. الآن بعد وقف مساعداتھا، الولایات المتحدة تخطط إلى أن تقوم الدول العربیة بتمویل الاحتلال الاسرائیلي بدلا منھا.
الاموال التي حولت للرواتب والبناء والمشاریع مكنت م.ت.ف من خلق طبقة بیروقراطیة تجاریة حافظت على الوضع الراھن (التكیف مع الجیوب والتنسیق الامني مع اسرائیل)، بدلا من وضع استراتیجیة جدیدة ضده. ولكن لأن المساعدات في السابق لم تشطب الواقع، فان القیادة الفلسطینیة استطاعت مواصلة التظاھر بأنھا تخدم خطة الدولة الفلسطینیة المستقلة. السفینة في صحراء كوشنر لا تسمح حتى بھذا التظاھر، وھذا ھو الامر الایجابي فیھا.