عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-May-2020

كورونا.. «تؤجج» العنف الأسري بأرقام صادمة عالميًا

 

عمان-الدستور - حسام عطية - مع انتشار فيروس كورونا في كافة دول العالم ووفقا لتقرير الأمم المتحدة حول العنف الأسري بعد تفشي فيروس كورونا، فقد سجلت زيادة كبيرة هذا النوع من العنف في العديد من الدول، فيما يبدو أن سبب ذلك يعود في الأساس إلى زيادة القلق والتوتر الناجم عن فقدان الأمن الوظيفي والاجتماعي والصحي، بالإضافة إلى خسارة الوظائف والأعمال بعد اتخاذ تدابير وإجراءات الإغلاق لمكافحة تفشي الوباء.
 
كما هو الحال مع العديد من العواقب المدمرة لتفشي فيروس كورونا الذي بات يؤجج العنف الأسري وبارقام صادمة، فقد كشفت هذه اللحظة عن ظروف كامنة لكنها تفاقمت بشكل كبير بسبب الظروف الجديدة الناشئة وهي العنف الأسري، ولكن الإحصائيات الحديثة، ما بعد الإغلاق، حول العنف الأسري
 
تبدو مذهلة حقا، وتستوجب اتخاذ إجراءات حازمة من قبل الحكومات، على الرغم من أنها لا تجعل من العنف الأسري ما قبل الوباء أو الجائحة أمرا عاديا أو مقبولا على الإطلاق.
 
ويبدو أن «العنف الأسري» في أرجاء العالم وصل مرحلة كبيرة من التصعيد، الأمر الذي دعا الامم المتحدة إلى تحرك عاجل لمكافحة هذا التصعيد، وأن هذه الأشكال من العنف تضاعفت منذ بداية تفشي فيروس كورونا الجديد، وبدء الدول بتطبيق إجراءات الإغلاق والحجر الصحي المنزلي، خصوصا منذ منتصف شهر آذار - مارس الماضي.
 
بدورها الدكتورة هند البريزات الباحثة في علم الاجتماع علقت على الامر بالقول، أجبرت الإجراءات التي اتخذتها الحكومات والهادفة لاحتواء فايروس كورونا الملايين على ملازمة منازلهم تجنبا لانتشار الوباء، ونتيجة لهذا الحجر المنزلي وحظر التجوال وجد الناس أنفسهم يقضون وقتا أطول من المعتاد في المنازل
 
مع عائلاتهم حيث من المفترض أن يكون هناك تفاهم وانسجام بين أفراد الأسرة الواحدة الا أنه تصدرت ظاهرة العنف المشهد في كثير من الأحداث الدموية والمشاجرات والايذاء اللفظي والجسدي والنفسي وغيرها من أشكال العنف الذي تضاعف في جوانب وتناقص في أخرى.
 
ونوهت البريزات فهل نلقي اللوم على الحجر المنزلي أم أن الأسباب والدوافع هي ذاتها كما كانت ما قبل الوباء ولكن زاد من حدتها وتكرارها التواجد اليومي لساعات طويلة في المنزل لأفراد الأسرة إضافة الى الانقطاع عن العمل وتراكم الديون أو بقاء الطلبة في المنزل وعدم التحاقهم بمدارسهم أو جامعاتهم أو بسبب عدم توفر قدر كاف من المال لسد الحاجات الرئيسية للأسرة أو قد يضيف البعض أن هذه الأمور مجتمعة تؤدي الى تصاعد حالات العنف إضافة الى الصيام الذي يبرر البعض أن صيامهم يجعل منهم غاضبين مستنفرين رغم أن الصيام يهذب النفس ولا يشعل الكره والغضب.
 
ولفت البريزات النظر الى ان العنف لا يتعلق بالمرأة فقط، فالوالدان قد يُعنفا أبناءهما وقد يتطاول الأبناء على والديهما وقد يُقتل شخص على يد آخر بسبب مشاجرة أو تقتل أنثى لأسباب غير مبررة وتقترف الجرائم وتفتعل المشكلات وتختلف حدة العنف حسب الشخص المتورط والدافع والظروف المحيطة، ولكن فيما يتعلق بتصاعد وتيرة العنف المنزلي فان احتكاك الافراد مع بعضهم بعضا لوقت طويل يولد مشكلات متعددة كون أن أفراد الأسرة اعتادوا على قضاء عدد من الساعات خارج المنزل فمنهم من يجد ذاته خارجا ومنهم من علاقته ليست على ما يرام مع الشريك في المنزل.
 
وتقول البريزات هناك من يضجر من ملازمة المنزل ويشعر بالاختناق ومنهم من وجد نفسه فاقدا لوظيفته، فالتغيير المفاجئ الذي طرأ على الروتين اليومي للأفراد جعلهم يفقدون الأصدقاء والاقرباء والعمل وممارسة الأنشطة التي اعتادوا عليها و أماكن الترفيه التي كانوا يقضون الأوقات فيها كما قيدت حرياتهم وهذه الأمور عندما يشعر بها البعض يلجأ الى التعويض عما خسره أو يعتقد أنه تم خسارته أو بالتخلص من الطاقة السلبية باستخدام القوة أو العنف كطريقة لفرض السيطرة واثبات الذات وتفريغ لموجات الغضب والتوتر .
 
ونوهت البريزات الى ان الناس أصبحوا يجدون أنفسهم في مساحات محددة باستمرار ولمدة طويلة؛ ما أدى الى تواصل واحتكاك مستمر غير مرغوب به لدى الكثير؛ ما يؤدي الى حدوث ضغط نفسي وتوتر في العلاقات العائلية مما يحول هذا الضغط الى عنف قد يصل حد القتل أحيانا، فالعنف قد يطول الزوجة أو الزوج أو الأطفال أو الآباء ففي ظل هذه الأزمة أصبح من الصعب على الكثير مغادرة المنزل والذهاب لمكان آمن أو الاحتماء بالآخرين او حتى عدم القدرة على تقديم شكوى، والعنف لا يقتصر على نطاق المنزل فقط فأي شخص معرض له أيضا؛ معللين السبب بالضغط والإجراءات الوقائية التي حدت من الحريات والزيارات والأنشطة التي كانت متنفسا للناس بشكل عام.
 
وتشدد البريزات عاى انه من المهم أن نعي أن جائحة كورونا لم تولد العنف؛ لأن العنف كظاهرة منتشرة منذ القدم والكثير يجدون بالعنف وسيلة وطريقة لفرض السلطة، ومن المهم أيضا أن لا نجعل من الحجر المنزلي سببا لتبرير أفعال العنف التي يمارسها البعض فالظروف الراهنة يعشيها الجميع سواسية وهي لمصلحة عامة ولكن تبقى مسألة كيف ندرب أنفسنا على التعايش مع الوضع الراهن وكيف نحترم الآخر ولا نمارس القوة والعنف بحجة الضغط العصبي أو النفسي .
 
وتتابع البريزات بالقول، يجب أن يكون هناك عقاب غير مخفف لكل معنف وتفعيل القوانين التي تحمي الأفراد وتفعيل وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي كونها أحد أهم المراجع في الوقت الحالي والتي يتم متابعتها بشكل حثيث من قبل مختلف الشرائح والفئات العمرية بحيث يكون لها دور فاعل
 
بالتوعية والتوجيه للحد من العنف خلال فترة الجائحة التي لا نعلم متى ستنتهي.
 
ونوهت البريزات إلى أنه كان يجدر بالحجر المنزلي أن يكون سببا في تقوية العلاقات الاسرية وتعزيز الروابط وان يتقرب افراد الاسرة الواحدة من بعضهم بعضا وان يكون بينهم حوار و تواصل وان يكون فرصة لحل المشكلات الا ان الشعور بالاختناق و الضغط النفسي الذي يؤدي للعنف يكشف عن مشكلات تتعلق بالزواج واختيار الشريك وقلة وعي حول مفهوم الاسرة وأهميتها.