عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Feb-2019

أخبار کاذبة ولکن - فهد الخیطان
 
الغد- تمكنت وحدة الجرائم الإلكترونیة بمدیریة الأمن العام من تحدید ھویة الشخص الذي یدیر صفحة على ”فیسبوك“، تختص بنشر الأخبار الكاذبة عن الأردن. المسؤول عن الصفحة مواطن أردني یعیش في ألمانیا، وفق بیان الأمن العام.
قصة الصفحة المذكورة مثال حي على الجانب المظلم لوسائل التواصل الاجتماعي، لكن الأھم
من ذلك أنھا تجسد الحقیقة المرة عن الجمھور الذي انھارت قدراتھ الدفاعیة أمام سیل الأخبار المزیفة، ولم یعد یمیز بین الحقائق والأكاذیب، لابل یفضل الأخیرة رغم معرفتھ بزیفھا.
الصفحة انطلقت قبل فترة وجیزة، لكنھا وفي غضون أیام قلیلة استحوذت على اھتمام قطاع واسع من المتابعین. ولم یعد مھما أن تتابع الصفحة من خلال حسابك على“فیسبوك“، فھناك المئات من الأشخاص ممن تولوا إعادة نشر أخبارھا عبر تطبیق“ واتساب“. بالنسبة لي شخصیا وصلتني منشورات الصفحة من عشرات الأصدقاء“ المرموقین“عبر ”واتساب“، مرفقة بتعلیقات وتوضیحات تزكي ما ورد فیھا من أخبار لا مصدر ولامنبع لھا.
والمثیر للاستغراب أن معظم مروجي منشورات الصفحة أشخاص على درجة عالیة من الوعي والمعرفة، ولاتعوزھم الوسائل للتأكد من صحة الأخبار قبل ترویجھا.
ھنا تكمن المشكلة، فلیس غریبا أن تنشأ حسابات وھمیة على مواقع التواصل لنشر الأخبار المزیفة، فالعالم كلھ یعج بمثل ھذه الصفحات. المشكلة في استعداد جمھور واسع لتبنیھا وإعادة ترویجھا، وتصدیق ما یرد فیھا.
من العوامل التي تساھم في تحقیق قدر من المصداقیة للاشاعات، ھي ظاھرة التسریبات التي
برزت مؤخرا، ومن خلال منصات وصفحات تواصل اجتماعي، ثم ثبت في وقت لاحق صحتھا. لقد خلق ھذا الأمر انطباعا بأن المعلومات المتواترة، خاصة عن قضیة التبغ صحیحة بدلیل أن ماسبق من تسریبات تأكد صحتھا لاحقا.ولھذا كان من الطبیعي أن یقبض الناس على محمل الجد حكایة المتھمین الكبار والقائمة الثانیة وسواھا من الأنباء.
الإجراء الأمني السریع بكشف ھویة الصفحة“الألمانیة“ وإعلان الاسم الصریح لصاحبھا، بدا كإجراء رادع من الناحیتین الأمنیة والقانونیة. لكن الصفحة ماتزال فاعلة، واعتقد أنھا ستحظى بمتابعین جدد مع مرور الأیام إذا لم تتحرك الحكومة لدى إدارة شركة فیسبوك وطلب وقف الصفحة.
لكن ذلك لن یمنع من ولادة صفحات جدیدة ومنابر مشابھة في الداخل والخارج، فالمسألة لاتحتاج أكثر من كبسة للدخول وتسجیل فتح حساب بدون أیة كلفة، وشخص یرید أن یصفي حسابا من مؤسسة أو حكومة وأحیانا مع أشخاص بعینھم، وفق ذلك یكسب شعبیة وحضورا لدى جمھور عریض یلھث خلف فضولھ.
ما زلت على قناعة بأن خوض معركة إلكترونیة ضد الأخبار المزیفة على أھمیتھا لاتشكل الوسیلة الفعالة لكسب الرأي العام. الرد الحقیقي بالتواصل المباشر مع الجمھور، وتعزیز مكانة وسائل الإعلام ذات الصدقیة، وتطویر منھاج تعلیمي لطلاب المدارس حول ثقافة“ السوشل میدیا“، والكف عن مجاملة الجمھور الافتراضي، والتركیز على الناس الحقیقیین في مواقعھم المختلفة.المعركة ستكون طویلة، ھذا صحیح، لكن نتائج مضمونة.