عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    11-Nov-2022

الدكتور طاهر الغنميين يخط كتاب “السياحة والموروث الثقافي الأردني”

 الغد-عزيزة علي

 صدر، بدعم من وزارة الثقافة، عن دار شهرزاد للنشر والتوزيع، كتاب بعنوان “السياحة والموروث الثقافي الأردني”، للدكتور طاهر الغنميين.
يعد القطاع السياحي في العديد من الدول من أهم الموارد الاقتصادية، ويرتكز هذا القطاع على منتوجات ومؤهلات عدة ذات أبعاد ثقافية وحضارية وترفيهية ودينية وجيولوجية وغيرها، ويشكل المنتوج الثقافي أهم المنتوجات التي أضحت العديد من الدول في العالم ترتكز عليها أثناء وضع الاستراتيجيات، والخطط لتنمية الأنشطة السياحية وتنويعها.
لقد فرضت صناعة السياحة نفسها كنشاط اقتصادي بعد الحرب العالمية الثانية نتيجة لوجود عدد من المقومات والإمكانيات الكفيلة بتطور هذا القطاع وانتعاشه، منها تطور وسائل الاتصال والمواصلات والنقل المتعددة الأنواع والوسائل، إذ لم يعد السفر والسياحة يقتصران على الطبقات الأرستقراطية الميسورة الغنية والتجار وطلبة العلم، كما كان عليه الحال في العصور الوسطى وعصر الثورة الصناعية، بالموازاة مع هذا التطور الكبير، أضحت صناعة السياحة والسفر ثاني أكبر صناعة على مستوى العالم بعد صناعة النفط والغاز، ويتوقع لها المزيد من النمو والازدهار في المستقبل القريب، لتصبح أكبر صناعة عالمية على الأقل من حيث رأس المال المستثمر، والأيدي العاملة التي تشتغل في قطاعاتها وفروعها المختلفة، وبالتالي فقد أصبحت الحاجة ملحة وضرورية لرؤية نافذة وثاقبة واستغلال أمثل للموارد المتاحة خاصة البشرية من حيث التخطيط الممنهج للعنصر البشري، والتدريب الأمثل، والتنمية، والتطوير، وإعادة التأهيل الوظيفي، وزيادة الوعي لدى الأفراد وأبناء المجتمعات المحلية والتثقيف السياحي، وبيان أهمية السياحة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية والبيئية.
ومع بداية الألفية الثالثة وما تحويه وتحمله بين طياتها من معان عميقة وواسعة الأبعاد للسياحة العالمية، نجد أنفسنا في أمس الحاجة إلى إعادة النظر من حيث الجودة والتكاملية في البرامج السياحية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، خاصة أن السياحة أصبحت ظاهرة عالمية منذ الخمسينيات من القرن الماضي، وازدادت وتيرة الحركة السياحية ونموها بشكل مطرد منذ ذلك الوقت؛ حيث تتزايد أعداد السياح في العالم، كما تشهد على ذلك الأرقام والإحصائيات التي تنشرها المنظمة العالمية للسياحة، وتبعا لذلك ارتفع معها حجم المداخيل السياحية الناجمة عن الحركة السياحية، ويمكن القول إن السياحة أصبحت ظاهرة إنسانية واجتماعية يحتاجها الإنسان من أجل تلبية حاجاته ورغباته الفكرية والثقافية والنفسية والطبيعية، فضلا عن ملء أوقات الفراغ والتسلية والترفيه.
وبالنظر إلى الحقائق الواقعية عن أهمية السياحة في العالم في الوقت الحاضر واعتبارا للدورين الرائد والبناء اللذين تسهم وتضطلع بهما في تنشيط الحركة الاقتصادية، فقد حفز العديد من الدول إلى وضع القطاع السياحي ضمن أولوياتها واستراتيجياتها وخططها للتنمية.
والأردن، كغيره من الدول في العالم، يملك مؤهلات ومقاصد سياحية ومآثر حضارية وتاريخية متنوعة ضاربة وموغلة بجذورها في أعماق التاريخ، وقد تكونت معالمه بتراكم الأرصدة الحضارية المتراتبة عبر مختلف المراحل والحقب التاريخية؛ إذ إن لكل مرحلة من المراحل الزمنية رصيدا أثريا ومعالم تاريخية غنية ومتعددة شاهدة على عبقرية الإنسان الأردني، وقدرته على الإبداع الخلاق في شتى ميادين الحياة المرتبطة بالعلوم والفنون والآداب والصناعات والحرف اليدوية، وبالتالي فهي تشكل إرثا حضاريا مكتمل النضوج والإبداع، وسبيلا للإسهام الفاعل في التنمية الاقتصادية.
اعتمد الأردن على القطاع السياحي منذ عقد الستينيات من القرن العشرين كأحد الروافد الكفيلة بالمساهمة في تحقيق الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي، وثم الشروع مبكرا في تزويج هذا القطاع بترسانة ومنظومة متكاملة من الآليات القانونية الناظمة لمجمل الأعمال والأنشطة السياحية لكي تشتغل تحت هذه المظلة وتساعد على التطور لصناعة السياحة، وتزيد من حجم وتيرة الحركة السياحية وارتفاع قيم الدخل السياحي في أفق تحقيق مؤشرات إيجابية للنمو والتنمية.
وتقوم السياحية الثقافية، والقائمون عليها، بدور بناء وجهد كبير في تنمية البلاد؛ حيث يسهمون من خلال الجهود التي يبذلونها، والمعارف، والخبرات التي اكتسبوها، بقسط وافر من النهوض بواقع صناعة السياحة.
فمن الضروري تشجيع المجموعات السياحية على التفاعل مع المواقع السياحية والأثرية والتاريخية، وصولا إلى بوتقة كاملة وشاملة لفهم وإدراك عن تاريخ وحضارة وإرث هذا البلد التي تأصلت مسيرته بجهد أبنائه ومساهمتهم الفاعلة في البناء الحضاري.
الكتاب جاء في خمسة فصول؛ حيث تعرفنا المقدمة بمشكلة البحث وأهميته وأهدافه وفرضياته والمنهجية المعتمدة ومجتمع البحث وعينته، ومجال وحدود البحث، كما عرفنا بأهم الدراسات السابقة، قبل عرض التصميم العام للدراسة وأهم أقسامها وفصولها.
اشتمل الفصل الأول على ثلاثة محاور توزعت على التعريف بمفهوم السياحة، واستعراض أهمية السياحة وبيان أنواع السياحة وعناصرها.
وتناول الفصل الثاني السياحة الثقافية، وهو يتضمن محاور عدة اهتمت بالتعريف بمفهوم السياحة الثقافية وفوائدها والعوامل المؤثرة في الطلب عليها وكذا الهيئات والمنظمات الدولية ذات الصلة بمجال السياحة الثقافية.
وخصص الفصل الثالث للحديث عن مكون أساسي ضمن مكونات السياحة الثقافية بالأردن وهو المواقع الثرية؛ حيث عرفنا بالعديد منها والمنتشرة عبر جهات الكون المختلفة وما تشتمل عليه من عناصر تجذب إليها السياح.
ويعرفنا الفصل الرابع بالتراث المعماري، وتحديدا بالقلاع والحصون ومقامات الأنبياء والصحابة وغيرهم، فضلا عن المتاحف، وتم الوقوف عند الجهود المبذولة لتفعيل السياحة الثقافية في الأردن، وتوسيع مجالها وتنويع عناصرها، وكيف يسهم الدليل السياسي الأرضي بالتثقيف والتوعية بهذه المواقع، وسبل وأدوات الجذب للسياحة الثقافية، ودوره في تسويق عناصر الجذب والزيارة، أما الفصل الخامس فقد يستعرض التراث اللامادي في الأردن مركزا على المنتجات الشعبية والمهرجانات واللباس التقليدي والحرف اليدوية وغيرها.
وفي خاتمة الكتاب، يشير المؤلف إلى أن السياحة هي جزء من الحياة الإنسانية، وقد اقتضت ضرورات الحياة بقضاء الإنسان جزءا لا بأس به من وقته، باستثمار لأغراض مختلفة بين ترفيهية، واستجمام، والتعرف على المواقع الأثرية، بحيث تعكس السياحة موردا مهما للاقتصاد المحلي، وتحقيق التنمية المستدامة.
ويبين أن الأردن هي بلد الحضارات المختلفة الذي يحظى بموقع متميز؛ حيث يوجد فيه العديد من المواقع السياحية والثقافية المتنوعة التي يقصدها السياح، فالعملية السياحية تعتمد على عدد من المكونات وهي السائح، والمكان، والمرشد السياحي.
ويرى أن الأردن يزخر بالمواقع الأثرية، فبات من الضروري استثمار هذه الأماكن في رفد الاقتصاد الوطني من خلال الجولات السياحية الداخلية والخارجية للتعرف على هذه المعالم، مما يتطلب مجموعة من الإجراءات التي تطور المكان وتروج لهذه الأماكن السياحية وإبراز الصورة الحقيقية عن الأردن من خلال الجذب السياحي لهذه المعالم السياحية، والارتقاء بصناعة السياحة، مما ينعكس على تأصيل القيم التراثية لددى أبناء المجتمع وأن يكون الأردن مقصدا سياحيا لكل المهتمين بالآثار، وتتحصل المملكة الأردنية الهاشمية على رتبة متقدمة في الجذب السياحي.