عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    30-Jan-2020

المؤتمر الصهيوني العالمي.. وانتساب ترمب لحزب الليكود - محمد أمين

 

 الجزيرة - منذ الإعلان البائس شكلا ومضمونا عن صفقة "ترمب نتنياهو"، تزايدت لدي القناعة كفلسطيني باقتراب حلم العودة من التحقق، وذلك لأسباب متعددة سأشرحها.
 
أولا: لأن رئيس أكبر دولة بهذا القدر من السذاجة، وانعدام الاتزان السياسي ما يشي بخلل ما موجود في أمريكا الداعم والراعي الرئيسي لدولة الاحتلال.
 
ثانيا: أن صفقة ترمب هي صفقة بينه وبين نتنياهو، ولا شريك فلسطيني وافق، أو حضر هذا الحفل المشبوه.
 
ثالثا: لم يسجل في الحفل المشبوه حضور عربي سوى لممثلي ٣ دول لاقت مشاركتهم تنديدا واسعا من الرأي العام العربي الأصيل، كما لن ترحمهم صفحات التاريخ التي ستوثق تلك اللحظة البائسة.
 
رابعا: أن نتنياهو المهزوم في استحقاقين انتخابيين والهارب من القضاء يقف إلى جانب رئيس مطارد من قبل كونغرس بلاده، فالرجلان مأزومان يحاول كل منهما التعلق بقشة يراها في يد الآخر.
 
ورغم هذه القناعة إلا أنه من المهم أن نتحدث كفلسطينيين عن الرد المطلوب لمواجهة هذه الهجمة الصهيوأمريكية الجديدة، ومقررات هذا "المؤتمر الصهيوني العالمي" الذي انعقد في واشنطن.  الرد الفلسطيني الرسمي المعلن هو رد مناسب لكنه غير كاف، فصفقة القرن تطبق منذ فترة طويلة، وتحديدا منذ اعتراف ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبدء مسار تطبيعي عربي إسرائيلي معلن، وما جرى الان هو فقط الإعلان عن بنودها.
 
الاستراتيجية الشعبية للمقاومة هي المهمة، أما الرهان على الأنظمة الرسمية العربية فهو أمر لا قيمة له، إذ لا يجد المحلل صعوبة في وصف الموقف العربي بأنه موقف مشلول وغير سيادي جراء انخراط الأنظمة العربية في صراعات مع شعوبها
صفقة القرن هي بتقديري صفقة انتخابية بين مأزومين يغازل كل منهما جمهوره اليميني المتطرف، لكن في نفس الوقت ينغي قراءة التحول الكبير الذي حصل في السياسة الأمريكية، إذ كان هناك دوما مسافة بين دولة كبرى"أمريكا"وتابع لها "إسرائيل"، لكن الآن أصبح هناك اندماج كامل بين الطرفين، وربما ليس من باب المزاح أن نقول إنه ربما بات المتبقي فقط أن يتقدم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بطلب انتساب لحزب الليكود، إذا لم يكن بالفعل عضوا فيه.
 
المقصود من كل هذه الصفقة هو القفز على القضية الفلسطينية والولوج لتطبيع اقتصادي شامل واعتراف بالكيان الإسرائيلي جزءا شرعيا وأصيلا في منطقتنا، ودمجه في "شرق كونداريزا رايس الجديد"، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يتحقق في ظل رفض فلسطيني واضح رسمي وشعبي، ومساندة شعبية عربية وهي الأهم، لأننا في معركة وعي، فالاحتلال قائم حقيقة وواقعا بسطوة القوة وغطرسة إدارة منحازة وعرب مشلولي الإرادة، لكن المعركة الرئيسية التي فشلت فيها تل أبيب منذ قيامها هي اقناع العربي بتقبلها كيانا طبيعيا في منطقته.
 
وفي خيارات مقاومة هذه الصفقة المشبوهة، نحتاج بشكل ماس وعاجل إلى استراتيجية لمقاومة تنفيذ مقررات "المؤتمر الصهيوني العالمي"، والمطلوب الآن بتقديري هو استراتيجية واضحة للمقاومة الشعبية، يجري قبلها البحث جديا في تغيير الدور الوظيفي للسلطة بمعنى وقف التنسيق الأمني، ويتطلب ذلك خطة مسبقة للحل التدريجي للسلطة ووضع إسرائيل في مواجهة مسؤولياتها كدولة احتلال، وهذا يتطلب مشروعا وطنيا يفضي لحل السلطتين في غزة ورام الله والعودة للمواجهة الشعبية الشاملة مع هذا الاحتلال، والإعلان رسميا عن انتهاء وفشل مسار أوسلو.
 
الاستراتيجية الشعبية للمقاومة هي المهمة، أما الرهان على الأنظمة الرسمية العربية فهو أمر لا قيمة له، إذ لا يجد المحلل صعوبة في وصف الموقف العربي بأنه موقف مشلول وغير سيادي جراء انخراط الأنظمة العربية في صراعات مع شعوبها، وقناعتها بأن معركتها الرئيسية هي مع شعوبها، كما أن أولويتها هي الحفاظ على السلطة وقمع أي حراك، وهي ماضية في تلك المعركة لا تلتفت إلى غير ذلك الهدف، فضلا عن الصراعات البينية بينها، وتآمر كل نظام على الآخر، وبالمحصلة بات الأمر الوحيد الذي يوحدهم هو إرضاء سيد البيت الأبيض.
 
الرهان الحقيقي ينبغي أن يكون على الشعب الفلسطيني وعلى الشعوب العربية، وعدم التعويل على الأنظمة الرسمية العربية، وينبغي كذلك على السلطة الوطنية الفلسطينية الاعتراف بأن وضع كل بيضها طوال الثلاثين عاما الماضية في السلة الأمريكية كان قرارا خاطئا ينبغي العدول عنه، كما عليها الاعتراف بأن التنازل المجاني عن خيار المقاومة كان خيارا كارثيا كذلك، كما أن على حركة حماس في غزة الاعتراف بأن الجمع بين السلطة والمقاومة هي نظرية ثبت كذلك فشلها.
 
لا يوجد سبيل لمقاومة مخرجات "المؤتمر الصهيوني العالمي" سوى توقف فتح وحماس عن الصراع على السلطة الذي شغلهم منذ 2007 عن الصراع الحقيقي مع المحتل، وعطل ولادة مشروع وطني فلسطيني، واليوم فإن "السلطات الفلسطينية" والكيان الفلسطيني بل والوجود الفلسطيني كله مهدد بالكامل، إذ ضمت القدس، والأراضي صودرت، وتجري عملية شطب لحق العودة، يتطلب كل هذا وحدة فورية ومباشرة.
 
صفقة "ترمب نتنياهو" ربما ستنجح في فرض وقائع بقوة القهر، لكنها بالضرورة لن تنجح في إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي أو الفلسطيني الإسرائيلي، أو تقبل هذا الكيان العنصري جزءا طبيعيا في المنطقة، وربما نفاجئ  بانتفاضة فلسطينية ثالثة تقلب الطاولة على الجميع، وتفرض أجندتها الوطنية، وتعيد المشروع الفلسطيني إلى بوصلته الصحيحة.