عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Jan-2019

صمت فلسطيني وتطبيع عربي في الوقت الضائع !!*محمد كعوش

 الراي

عندما تتجول في شوارع عاصمة دولة اوروبية غربية، أو احدى عواصم الدول الشرقية التي انسلخت عن الاتحاد السوفياتي، تستوقفك رائحة الفلافل و» المقالي» والوجبات الفلسطينية خاصة والعربية عامة، مثل الحمص والقلاية والبيض والبندورة «الشكشوكة» والشاورما، ومأكولات شعبية عربية وشرقية اخرى. لكن المفاجاة الصادمة تكون عندما ترى العلم الاسرائيلي والشمعدان ونجمة داود معلقة على جدران المطعم الاسرائيلي. هم سرقوا الارض والثوب المطرّز والوجبات الشعبية الفلسطينية والعربية وزعموا انها من التراث الاسرائيلي.
 
الحركة الصهيونية العالمية تشتغل وتخطط لأن تكون اسرائيل مشروعها الشرق اوسطي الأكبر والأشمل، كي يتعدى حدود فلسطين ويخرج الى العمق العربي، تدعمها الولايات المتحدة والدول الاوروبية المنافقة، لذلك استغرب موقف العرب الذين قبلوا الأمر الواقع، أو اعتقدوا للحظة أن اسرائيل تريد السلام وتقبل بالحل العادل، واعني هنا الدول والمؤسسات والأفراد على امتداد الوطن العربي من الخليج الى المحيط، وكل الذين يتحدثون بسذاجة عن العلاقات مع الكيان الصهيوني، دون أن يفهموا الفكر الصهيوني الحقيقي النابع من رحم الخرافة والتوراة.
 
اقول لكل هؤلاء، ومعهم قيادة السلطة الفلسطينية: اين هي حدود اسرائيل؟!
 
اسرائيل حتى الآن، ورغم معاهدات السلام، ليس لها حدود، فهي موجودة في فلسطين التي احتلتها العصابات الصهيونية في العام 1948، وموجودة في القدس والخليل ونابلس ورام الله وكل الاراضي الفلسطينية، وقادة الحركة الصهيونية آمنوا بأن حدود اسرائيل ترسمها جنازير الدبابات، وفي كل موقع عربي يمكن ان يحتله جنودها اذا لم تواجههم المقاومة.
 
بهذه المناسبة يجب أن لا ننسى أن الاسرائيليين سطوا على الذاكرة وزوروا التاريخ وسرقوا «الطبيخ» والتراث وسعوا الى اخراج القضية الفلسطينية من الذاكرة العربية بعد معاهدة اوسلو، حيث بدأنا نسمع اصواتا عربية تردد عبارة «نقبل ما يقبله الفلسطينيون»، وهي العبارة التي فتحت الأبواب وقنوات الاتصال العلنية والسرية مع اسرائيل رغم أنها نسفت معاهدة السلام وأعدمت حل الدولتين، قي غياب أي جهد عربي حقيقي وجاد لاعادة القضية الفلسطينية الى جذورها ونشيدها الأول كقضية عربية قومية، وجوهر الصراع العربي الاسرائيلي.
 
يوم امس شاهدنا الرفض وطوفان الغضب الشعبي في الشارع التونسي احتجاجا على لقاء وزير السياحة التونسي مع قناة اسرائيلية، وهو الحوار التطبيعي الذي جاءت في خضم التطورات السياسية المتعلقة باختراقات عربية باتجاه التطبيع الأوسع مع اسرائيل، رغم وجود أكثر من مبادرة عربية تطالب بحل عادل لم تقبله اسرائيل ابدا، لأن مشروعها التوسعي ليس له حدود، فالتهويد مستمر والاستيطان في توسع والاعتقالات لم تتوقف والاحتلال قائم.
 
من قلب هذا الواقع يأتي الاحتجاج على صمت القيادات الفلسطينية المشغولة بالانقسام المهزلة. كنا، وما زلنا، بانتظار ردود فعل من قيادة السلطة الفلسطينية، أن تعلن رفضها للواقع، أن تصرخ حتى تشعرنا انها على قيد الحياة، أن تحتج، أن تغضب، أن تطلب من الدول العربية والاسلامية والصديقة التريث قليلا ووقف التطبيع، وأن تتوقف عن اعطاء اسرائيل طوف النجاة، وأن تطلب السلطة المزيد من الضغط العربي زالاقليمي والدولي على حكومة اليمين المتطرف لتحقيق السلام الذي نسميه «السلام العادل» وهو في الحقيقة غير ذلك تماما.. وعليها أن تلوّح بكل الخيارات، حتى لو من باب التكتيك، هل تفعلها؟!