عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Jan-2020

تدريب الخطابة في مجلس النواب* رمزي الغزوي
 الدستور -
 
في فاصلة من فواصل تاريخ خطيب مفوّه أقرَّ بأنه يحتاج إلى أسبوعين من الإعداد والتحضير والتدريب لخطاب مدته خمس دقائق. وأن المدة تتقاصر إلى بضعة أيام إن كان ربع ساعة. وحين تعجب القوم قال مبتسماً: وأنتم تعرفون أنني أقدر على الكلام العادي حتى الصباح.
النجاح مثل جبل الجليد الطافي في البحر يخفي تحته المتابعة والمثابرة والجد والبحث والتدريب. فالخطاب المحكم المدعّم بالحقائق والبعيد عن كلام الاستهلاك اليومي والارتجال يحتاج إلى جهد كبير. وفي زمننا هذا لم يعد مسموحا للواحد منا في أية مهنة أو منصب أن يقول حسبي أني وصلت، بل عليه أن يعي أن الإتقان سيد المواقف دوما. وأن عليه أن يملأ موقعه ويؤدي عمله بافضل وجه.
تألم الكثير ممن تابعوا نقاشات قانون الموازنة العامة للعام الحالي في مجلس النواب الأسبوع الماضي. تألموا ليس بسبب جنوح بعض النواب في خطاباته نحو المنبرية التي ولى زمنها والصوت العالي الأقرب إلى الزعيق أو إلى التسطيح البعيد عن صميم وحيثيات القانون ومفاصله. ولربما لأن المجلس يعيش دورته الأخيرة فقد وجدها بعض الخطباء فرصة ليتوجهوا إلى قواعدهم الانتخابية ليقول: احم احم نحن هنا. 
للأسف سمعنا من بعضهم كلاما لا يرقى أن يكون في مستوى المراحل الأساسية من التعليم. وتساءل بعضنا عن وجود نواب يتحدثون بهذه الطريقة وبهذه الأفكار. لماذا جاء كلامهم ضعيفا يثير السخط والغضب. مع أن المعاني قد تكون جيدة وحقيقية أحيانا.
أقترح على رئاسة مجلس النواب أن يكون الشهر النيابي الأول في عمر أي مجلس شهرا للتدريب والتعليم على الخطابة وفنونها. فالكلام هو وسيلة النائب في بث أفكاره وآرائه، وعليه أن يتقن بشكل جيد حرفة سيمتهنها أربع سنوات على الأقل.
رؤساء دول وقادة ومدراء شركات يستعينون  بأهل الخبرة لتكون خطاباتهم منضبطة مؤثرة ذات معنى. ولهذا فلا ضير أن يتدرب النواب على خطاباتهم، وأن تصحح لغويا ومعرفيا من أهل الاختصاص بها.
يكفي أننا لماذا لم نسمع يوما عن نائب كلف باحثاً أن يجري له مسحا أو بحثاً، أو يساعده في جمع بيانات ومعلومات حول قضية تشريعية، قبل أن يخوض غمار نقاشها تحت قبة المجلس، ولم نسمع عن أحد منهم أنه يخصص جزءا من مدخولاتهم لشراء الكتب، أو الاشتراك في مجلات عالمية متخصصة، أو على استشارة متخصصين ينيرون له الدرب.