عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Nov-2022

تحذير الملك المؤسس من العبث بالقدس*محمد يونس العبادي

 الراي 

يبدو جلياً اليوم، أنّ ما جلّب نتنياهو وصحبه من الموتورين، المتطرفين، إلى الحكومة، هو انزياح كامل للتطرف، بدأ يسود مساحات اجتماعية واسعة في إسرائيل.
 
فنتنياهو، لم يضع إسرائيل بمأزقٍ، وحسب، بل هو يجرها إلى زاويةٍ لربما تحرج مشغليها، وممويليها، على مدار عقودٍ، ويعبر عن هذا ما يفيد عن توترٍ في واشنطن، جراء مطامع اليمينيين، أمثال: بن غفير وسموتريتش، بالحصول على مناصب مهمة من نتنياهو لقاء ما قدموه له من دعمٍ، في هذا الائتلاف، الذي يبدو بأنّ خلافاته ستجر إسرائيل إلى انتخاباتٍ جديدة، تكشف عمق أزمتها البنيوية.
 
وهذا المشهد هناك، لربما يفسر غياب المساحات المشتركة من السلام، أو الحوار، أو تطبيق قرارات الشرعية الدولية، والتي قبل بها العرب، ولم يقبل بها الساسة المتطرفون هناك، منذ عقودٍ، وفي كل مرةٍ يحاولون صياغة روايةٍ أمام العالم تلقي باللائمة على الآخر.
 
فمنذ وجدت إسرائيل، وهي في دوامةٍ سياسيةٍ، سمتها حديث عن السلام، كعناوين، وفعل على الأرض ينافي وينفي عنها إيمانها بهذا الأمر، فأين حل الدولتين؟ وأين تطبيق قرارات الشرعية الدولية؟ وأين الحديث عن مقارباتٍ في خطاب سياسييها؟.
 
لربما يقودنا تأمل مشهد اليوم، إلى إدراك بأنّ العرب، ورغم ما تعرضوا له من ظلمٍ، وجورٍ، جراء غياب الوسيط النزيه، وغياب قوةٍ كبرى تملك شيئاً من القيم، قد أدى إلى نشوء القضية الفلسطينية، والتي ما تزال العدالة غائبة عنها، ويواجه الفلسطينيون اليوم، جراء ذلك أعتى آلات القتل، وأصلف قوةٍ احتلاليةٍ، تطال يدها الحجر والشجر، والمقدسات والإنسان، دون مراعاةٍ لأدنى القيم.
 
وعلى العالم، وقواه، أنّ يدركوا بأنّ العرب، هم من كانوا دعاة السلام، وهم من حاولوا صياغة مقارباتٍ من شأنها تحقيق ولو أدنى درجات العدالة لقضيتهم، ومنذ زمانٍ باكرٍ.
 
ومن بين أوراق كثيرة، نقرأ في تصريحٍ للملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين، في 21 نيسان 1948م، قوله «فلسطين بلد عربي تقدسه الديانات الثلاثة السماوية، وما هو واقع فيه الآن يحزن كل من يشعر بالشعور الإنساني، والعرب فيما يخصهم الأمناء على البلد الكريم، وقد زالت الدول والأمم في فلسطين، والعرب باقون فيها، أما النزاع الحاضر فهو يرمي إلى استبدال قومٍ بقومٍ، وما من أحدٍ يرضى الخروج بقوميته ومن وطنه، وقد كان لي بقية أمل في إمكان إيجاد السلام والوفاق قبل حوادث دير ياسين وناصر الدين وطبريا».
 
هذا التصريح، لربما يشرح بأنّ التطرف هناك، في إسرائيل، ومنذ نشأت، وهو يعيدها إلى ذات الدوامة، حتى تعود إلى وجهها الحقيقي، وبالعودة إلى تصريح الملك المؤسس، فهو يواصل: «إنّ جنح القوم (أعني اليهود) إلى السلم فسنجنح لها، وأن دعينا للدفاع عن فلسطين فسنفعل، وهو الواقع اليوم، ولا يزال أمر السلم في يد اليهود إن هم شاءوا ونزلوا من غلوائهم، ورضوا بما يمكن أنّ يكون مرضياً للعرب».
 
وذلك الزمان يعبر عن ذات العقلية التي ما تزال تستحكم عقلية التطرف الإسرائيلية، ففي ذات التصريح، يحذر الملك المؤسس من العبث بالقدس، بقوله: «أما القدس الشريف فعلى منظمة الأمم أن تنصح الصهيونيين بألا يفكروا ساعة من الزمن في الدنو إليها، ففي ذلك حز الحلاقيم، والقدس القدس، وسيتجنب العرب الأعمال الشاقة في هذه الأرض المقدسة، إلا إذا حملوا عليها، والعين يقظة، والشعور الديني القومي يحفز إلى حفظ القدسية بأغلى وأبهظ الأثمان..». وهو ما يشبه التحذير من العبث بالقدس، بأنها تشعل حرباً دينية لا هوادة فيها.